ظاهرة العنوسة ... بعض مقترحات وخبرات - لنيافة الانبا موسى

 

1- مقدمة

 

لاشك أن ظاهرة "العنوسة" لدى الشباب المصري، أصبحت متفاقمة وكبيرة، ولها آثارها السلبية على واقعنا ومستقبلنا في مصر، مسلمين ومسيحيين. وها نحن نرى آثار هذه الظاهرة في:

 

1- تأخر سن الزواج لدى الشباب من الجنسين.

2- ضياع فرصة الزواج لدى شريحة هامة منهم.

3- ظهور انحرافات خلقية بسبب عدم استثمار هذه الطاقة المقدسة في أسلوب سليم، هو الزواج. وبخاصة مع تنامي الإنفلات الجنسي بصورة رهيبة في أماكن كثيرة من العالم، يسافر إليها شبابنا، مع التكدس السكاني إذ تسكن أكثر من أسرة في مكان واحد ضيق، مع ثورة الأقمار الصناعية والإنترنيت، وما تقدمه للشباب من إثارة مستمرة جاهزة..

4- كثرة حالات الزواج العرفي الذي حذر منه الكثير من أصحاب الفضيلة، وغير المقبول مسيحياً.

5- هناك أنواع أخرى من الزواج بدأت تظهر في الجامعات وفى المجتمع.

6- المتاعب النفسية والعصبية النابعة من عدم الزواج بسبب الصعوبات الماثلة أمامه.

7- التفكك الأسرى الناجم عن سهولة ممارسة الخطيئة خارج الزواج المقدس.

 

 

أما أسباب الظاهرة فتنبع من:

 

1الظروف الاقتصادية

التي تجعل من الزواج أمراً مكلفاً للغاية: الشقة – الشبكة – الجهاز – العرس..إلخ.

2- قلة الفرص المتاحة للتعارف بين الجنسين بطريقة مقدسة ومأمونة.

3- عدم النضوج الديني والنفسي والثقافي لدى الكثير من شبابنا، ربما بسبب أسلوب التعليم بالتلقين، وتوترات الشهادات الدراسية و"المجاميع" المطلوبة..

4- كثرة حالات فسخ الخطوبات والطلاق، مما يجعل الأجيال الصاعدة تتهيب موضوع الزواج.

5- التقاليد البالية التي ترهق الشباب المكافح بطلبات شبه مستحيلة مثل نوع الشقة – قيمة الشبكة – تكاليف العرس – نوعيات الأثاث..

6- التدخل المستمر للكبار في حياة الشباب، فلا يستطيعوا أخذ قراراتهم بارتياح متبادل.. واهتمام الكبار بأمور الوجاهة الاجتماعية أكثر من معطيات القبول المتبادل بين العروسين.

 

7- ضعف الثقافة الزوجية السليمة، مما يتسبب في الكثير من المشكلات قبل وأثناء وبعد الزواج.

 

 

بعض مقترحات وخبرات:

 

1أصدرنا سلسلة من الكتب والنبذات حول الثقافة الجنسية والزوجية والتربوية مثل: (الشباب وتكوين أسرة – اختيار شريك الحياة – الجنس والزواج – الرجولة والأنوثة - الجسد – الارتباط – فترة الخطوبة – المفهوم المسيحي للجنس والزواج – تساؤلات الشباب – بين الطهارة والانحراف).. الخ.

وقد أقبل عليها الشباب بصورة جيدة:

 

2- هناك بعض مراكز استشارية للأسرة تبدأ من الآباء الكهنة (من خلال سر الاعتراف والرعاية الأسرية)، إلى بعض المتخصصين في علم النفس ودراسات الزواج، وذلك لتقديم المشورة ومحاولة احتواء المشكلات والوصول إلى التوافق الزوجي والأسرى.

 

3- تم إنشاء اجتماعات الخريجين من الجنسين، حيث كان الاهتمام منصباً على المراحل التعليمية فقط تاركين الخريجين لحضور الاجتماعات العامة. وقد أثبتت هذه الاجتماعات أهميتها في تكوين أسرات مقدسة ناجحة، من خلال تلاقى الشباب في جو مقدس يسمح لهم بالتعارف الطاهر، ثم الاختيار السليم.

 

4- توجيه الكبار على الدوام – في العظات والكتابات والشرائط – بأهمية تخفيف الأعباء المالية للزواج، والرضا بشقة صغيرة، وأثاث معقول، وشبكة مناسبة، واحتفال عرس غير مكلف، تسهيلاً على الشباب.

 

5- حاولت بعض الكنائس تشجيع الشباب على ما يسمى بإتحادات الملاك، التي استطاعت أن تقدم الشقق للشباب بسعر أرخص كثيراً من السوق.

 

6- تحاول لجان التنمية الاقتصادية ومكافحة البطالة بالكنائس، والتي بدأت تنتشر في كل أنحاء القطر:

أ- إيجاد فرص عمل للشباب من خلال مكاتب توظيف.

ب- تدريب الشباب على أعمال أو مهارات تزيد دخولهم كما فى مراكز التدريب المهنية وبرامج تعليم متنوعة: اللغات – الكومبيوتر – التليفزيون – الكهرباء – السباكة – البلاط – ورق الحائط – تربية الدجاج والسمان والأرانب – البورسلين... الخ.

ج- إعلام الشباب بفرص الاقتراض من الصندوق الإجتماعى، أو التعامل مع أجهزة تشغيل الشباب بالمحافظات أو بنك التنمية وقد جاء رجال هذه المؤسسات بروح طيبة وشرحوا الأمور للشباب وأجابوا عن أسئلتهم بصدر رحب.

د- عقد ندوات مستمرة للشباب حول الموضوعات الاقتصادية مثل: كيف أكتب تاريخ حياة؟ كيف أنجح في المقابلة؟ كيف أكون مندوب مبيعات ناجحاً؟ كيف أكون مندوباً للتأمين؟ كيف أبدأ مشروعاً إنتجاياً صغيراً.. الخ.

وقد بدأت هذه القوافل تجوب الإيبارشيات لإحداث تغيير فى ذهنية الشباب نحو "المشروع الصغير"

و"الأسرة المنتجة".. وذلك بتشجيع كامل من قداسة البابا وأساقفة الكنيسة والآباء الكهنة.

7- بدأت الكنائس تعقد اجتماعات للمخطوبين وحديثى الزواج، من أجل التوعية السليمة، والتقليل من المشاكل، ومحاولة حلها. كما بدأت تكوين لجان مصالحات أسرية للمساعدة في حل المشاكل حينما تبدأ، وقبل أن تستفحل، لكي تستمر الأسرة في مسار سليم.. وذلك من خلال تدريب كوادر للخدمة الأسرية داخل الكنيسة القبطية وعلى المستوى المسكونى (مجلس كنائس الشرق الأوسط)..

 

8- تجتهد الكنيسة في محاربة الطلاق، وقد جعله قداسة البابا قاصراً على المسموح به في الكتاب المقدس كالزنا أو إنكار الإيمان، حتى يشجع الأسرة على حل المشكلات وعدم الطلاق، حفاظاً على كيانها ومستقبل أبنائها.

 

9- في حال سفر أبنائنا للخارج، سواء بطريقة مؤقتة أو في هجرة دائمة، حرصت الكنيسة على توفير الرعاية الدينية لأبنائها بمجرد نزولهم من الطائرة وطوال مدة إقامتهم في الدول الأجنبية ليظلوا مرتبطين بالوطن الأم، والكنيسة الأم، والمبادئ الدينية السليمة.. وذلك من خلال تأسيس كنائس وإقامة كهنة في

كل أنحاء العالم.

 

10- يهتم قداسة البابا والمجمع المقدس بزيارة أبنائنا في دول الاغتراب والمهجر، وعقد لقاءات ومؤتمرات كثيرة لهم، على مستوى الشباب والأسرات، وذلك في أوروبا وكندا والولايات المتحدة وأستراليا.. لتحصين أبنائنا وأسراتنا من السلبيات السائدة في تلك المجتمعات..

 

11- وفى حالة استفحال الخلاف والوصول إلى الطلاق المدني، يقوم المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية بمحاولات مضنية في كل العالم لعقد المصالحات، والتوجيه الأسرى، وينجح أحياناً في عودة الزوجين بعد الطلاق في المحكمة.. ويساعد في ذلك لجنة خاصة بالمجلس الملي.. حفاظاً على تماسك الأسرة ومستقبل الأجيال الصاعدة.

 

12- ولكن المطلوب أكثر من ذلك بكثير، وأهمه أن نوجد مساكن منخفضة التكلفة أو الإيجار، فهذه هي العقبة الرئيسية في الزواج... ومشروعات استثمارية تعطى فرص تحقيق دخل مناسب للشباب.

 

 

  الرب معكم

"اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ كَعَظيمَ رَحْمَتِكَ" (سفر المزامير 51: 1)