اليوم السادس من شهر طوبه المبارك
1. تذكار ختان السيد المسيح.
2. تذكار انتقال ايليا النَّبي.
3. نياحة القديس مرقيانوس بابا الإسكندرية الثامن.
4. نياحة القديس باسيليوس الكبير أسقف قيصرية.
5. نياحة البابا مرقس الثالث ال3.
6. نياحة البابا غبريال الثالث ال77.
1ـ في هذا اليوم تحتفل الكنيسة بتذكار ختان السيد المسيح له المجد، وذلك أنَّ اللـه كان قد رَسم شريعة الختان علامةً يتميز بها شعبه عن الشعوب الأخرى، وهيَ أن يُختتن كل ذكر من نسل إبراهيم في ثامن يوم من ميلاده، وقد وضع الرب كل نفس لا تحفظ هذا العهد تحت القصاص، ومن ثَمَّ إذ كان سيدنا مولوداً من نسل إبراهيم بالجسد، فقد أراد هو أيضاً أن يُختتن في ثامن يوم من ميلاده ليُكمِّل النَّاموس وليعتقنا من ثقل هذه الوصية، كما يقول لسان العطر بولس الرسول: " إنَّ يسوع المسيح قد صار خادمَ الختان من أجل صِدق اللـه حتى يُثبِّتَ مواعيد الآباء " (1) ثم أعطانا علامة العهد الجديد بالمعموديَّة، كما قال الرسول: " وبه أيضاً خُتنتم ختاناً غير مصنوع بيدٍ، بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح. مدفونين معه في المعمودية التي فيها أُقِمتم أيضاً معه بإيمان عمل اللـه الذي أقامه من الأموات. وإذ كنتم أمـواتاً في الخـطايا وغَلَفِ جـسدكم أحياكم معه مُـسامـحاً لكم بجميع الخطايا (1). لهذا يُريد منا أن نحفظ الختان الروحي أي ختان القلب، لنحيا له في البر والقداسة، لأنه: " إن كان أحدٌ لا يولدُ من الماء والرُّوح لا يقدرُ أن يدخُلَ ملكُوتَ اللهِ " (2) .
ولربنا المجد إلى الأبد. آمين.
2ـ وفي هذا اليوم أيضاً كان انتقال النبي إيليا التِّشْبيّ إلى السماء حيّاً. وكان هذا النبي في أيام أخاب الملك. وقد غمر قلبه الحزن إذ رأى آخاب الملك قد تحوَّل من عبادة إله إسرائيل إلى عبادة الأوثان وإنقاد إلى إيزابل الملكة، التي ساعدت كهنة بعل زبوب، فانتشرت عبادة الأوثان في أيامه، ولذلك وقف أمامه يوماً وقال له: " حيٌّ هو الرب إله إسرائيل الذي وقفت أمامه إنَّهُ لا يكون طلٌّ ولا مطرٌ في هذه السنين إلاَّ عند قولي " (3) . وفي الحال جفَّت الأنهار ويبسَ العُشب، وصار القحط والغلاء في الأرض كلها. ولكن الله لم يتخلَ عن عبده الغيور. فأمره الرب أن يمضي إلى نهر كريث وكانت الغربان تأتي إليه بخبز ولحم صباحاً ومساءً. وأمر الله فجفَّ ماء النهر ولكنه لم يترك إيليا أيضاً. إذ أمره أن يذهب إلى صرفة صيدا، وهناك وجد امرأة أرملة تجمع حطباً، فطلب منها خبزاً ليأكل، فقالت له: " حيٌّ هو الرب إلهك أنَّهُ ليست عندي كعكة ولكن ملئ كف من الدقيق في الكوار وقليل من الزيت في الكوز، وهأنذا أقُش عودين لآتي وأعمله لي ولابني لنأكله ثم نموت ". فقال لها إيليا: " لا تخافي أُدخلي واعملي كقولكِ ولكـن اعـملي لي منها كعكـة صـغيرة أولاً .. ثُمَّ اعـملي لكِ ولابنكِ أخيراً.
لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: أنَّ كوار الدقيق لا يفرغ وكوز الزيت لا ينقُص إلى اليوم الذي فيه يُعطي الرب مطراً على وجه الأرض ". فذهبت وفعلت حسب قول إيليا وأكلت هيَ وهو وبيتها أياماً.
وأقام عند الأرملة إلى انقضاء زمن الغلاء. وكان لها ولدٌ قد مرض واشتد مرضه جداً حتى لم تبقَ فيه نسمة، ورأى النَّبيِّ حُزن المرأة، فأخذه منها وصعد به إلى العُلِّيَّة التي كان مُقيماً بها، وصلَّى لأجله وتمدد عليه ثلاث مرات فسمع الرب لصوت إيليا ورجعت نفس الولد إلى جوفه فعاش فأخذ الولد وأعطاه لأُمّه حياً (1).
ولمَّا علمت إيزابل أنَّ إيليا قد ذبح كهنة البعل هددته بالقتل، فلمَّا رأى ذلك منها صغرت نفسه وذهب إلى جبل حوريب حيث اختبأ، فكلَّمهُ الرب: " ما لك هَهنا ". فقال: يارب قتلوا أنبياءك، وهدموا مذابحك، وبقيت أنا وحدي، وهم يطلبون نفسي. فقال له: لا تخف فإني قد أبقيت لي سبعة آلاف ركبة لم تجثُ للبعل. (2)
ولمَّا مات أخاب، وملك أَخَزيا، وعمل الشرّ في عيني الرب، سقط من الكوة ومرض، فأرسل رسلاً إلى إله عقرون ليسألوه إن كان يبرأ من هذا المرض. فالتقى إيليا النَّبيِّ بالرُّسل وقال لهم: " قولوا للملك هكذا قال الرب: أليس لأنه لا يوجد في إسرائيل إله تذهبون لتسألوا بعل زبوب إله عقرون. لذلك السرير الذي صعدت عليه لا تنزل عنه بل موتاً تموت ". فلمَّا قالوا للملك هذا، عرف أنَّهُ إيليا النَّبيِّ، أرسل إليه رئيس خمسين وكان النَّبيِّ جالـساً على رأس الجبل، فـقال له القائد يا رجل الله انزل إلى الملك فأجاب إيليا: " إن كنت أنا رجل الله فلتنزل نار من السماء وتأكلك أنت والخمسين الذين معك ". فنزلت نار من السماء وأكلته هو والخمسين الذين له. ثم أرسل الملك رئيس خمسين آخر، وقال كما قال الأول. ونزلت نار وأكلته هو والخمسين الذين له، أمَّا الثالث فقد جاء وجثا على ركبتيه أمام إيليا وتضرَّع إليه وقال له باتِّضاع، فنزل معه بأمر الوحي وذهب إلى الملك وبكَّته على فعله ومات الملك على سريره (1).
وبعد ذلك مضى إلى نهر الأردن ومعه أليشع تلميذه حيث ضرب الماء بردائه فانفلق إلى نصفين فعَبَرَ كلاهما في اليَبَس. وفيما هما يتكلمان إذا مركبة من نار وخيل من نار ففصلت بينهما فصعدَ إيليا في العاصفة إلى السَّماء (2).
صلاته تكون معنا. آمين.
3ـ وفي هذا اليوم أيضاً من سنة 154م تنيَّح القديس مركيانوس بابا الإسكندرية الثامن. قد وُلِدَ بالإسكندرية، ولمَّا تنيح البابا أومانيوس، اجتمع الآباء مع الشعب بثغر الإسكندرية وتشاوروا مَن يقيمونهُ على الكرسي عوضاً عنه. فوقع اختيارهم جميعاً على مركيانوس لعلمه وتقواه فأقام على الكرسي تسع سنين وشهرين و26 يوماً مداوماً على تعليم رعيته، حارساً لها من التعاليم الغريبة. ولمَّا أكمل سعيه الصالح مرضياً للرب، تنيح بسلام.
صلاته تكون معنا. آمين.
4ـ وفي هذا اليوم أيضاً من سنة 379 م، تنيَّح القديس العظيم الأنبا باسيليوس أسقف قيسارية. كان والده إيسيذورس قساً قديساً، وقد رُزِق خمسة أولاد هم: باسيليوس وغريغوريوس وكساريون وبطرس ومكرينا. وقد عاش الجميع في القداسة مدى حياتهم.
وقد تلقى علمَي الفصاحة والخطابة على يد ليبانيوس الفيلسوف الأنطاكي، واشتغل بالمحاماة. وفي سنة 358م هجر العالم وكل أمجاده وطاف في براري مصر حيث شاهد النُسَّاك وتأثر بهم، وعاد فلازم العزلة في إحدى البراري. ولمَّا شاع خبر قداسته التف حوله كثيرون فاتخذوه مُرشداً يقودهم في طريق الكمال.
وفي سنة 362م رُقيَّ إلى الدرجة الكهنوتية، فاستمر يُعلّم المؤمنين ويدافع عن الإيمان القويم ويرد الضالين، وفي سنة 370م رُسِم رئيساً لأساقفة قيصرية الكبادوك، ولكن لجرأته في الحقِّ وتوبيخه الملوك الذين يسلكون ضد العقيدة والآداب، أراد الملك والس نفيهُ، ولكنه أحجم لموت ابنه. ومرة أراد الملك أن يوقع أمراً بنفيه فانكسر القلم، فأمسك بآخر فانكسر الثاني أيضاً، وهكذا الثالث. فمزَّق الورقة وترك القديس يرعى شعبه ويدبِّر كنيسته بسلام.
وامتلأ باسيليوس من الروح القدس ووضع القداس المشهور المنسوب إليه وأجرى اللـه على يديه عجائب ومعجزات كثيرة، منها أن إحدى الكنائس استولى عليها الهراطقة، واتفق الرأي على غلقها، على أن تُعطَى لمن يفتحها بصلاته، وبصلاة هذا القديس فُتحت الكنيسة وتسلَّمها المؤمنون ثانية.
ومنها أيضاً: أنَّ مار افرآم رأى عموداً من نور من الأرض إلى السماء. ولمَّا قِيلَ له أن هذا هو باسـيليوس، أتى إلى قـيسـارية وشـاهد فـضائله. وقد رسمه باسيليوس شماساً.
ومنها أن امرأة كتبت خطاياها في ورقة وقدَّمتها للقديس باسيليوس فصلَّى من أجلها فمُحيت خطاياها ما عدا خطيَّة واحدة، فأمرها أن تمضي إلى الأنبا افرام ليُصلِّي عليها من أجلها. ولمَّا مضت إليه أعادها إلى القديس قائلاً لها: اسرعي لملاقاته قبل وفاته. فلمَّا عادت وجدته قد انتقل فبكت ووضعت القرطاس على جسده فمُحيَّ ما كان مكتوباً به.
ومنها أن طبيباً يهودياً لم يكن ليُخطئ في علاجه، وأخبر القديس أنَّهُ سيموت بعد ثلاثة أيام، فصلَّى إلى الرب، فأطال عمره ولم يمت في اليوم الذي حدده، فآمن واعتمد وهو وأهل بيته.
ومنها أن غلاماً كتب للشيطان صكاً بإنكار مسيحيته ومعموديَّته، وبصلاة القديس باسيليوس عاد الصَّك وتخلَّص الغلام من عبودية الشيطان.
ولهذا الأب فضائل كثيرةٌ وعجائب عديدةٌ غير هذه، وقد وضع ميامر ومقالات ومواعظ ونُسكيات، وفسَّر بعض الأسفار من العتيقة والحديثة، ووضع قوانين، موجودة بين أيدي المؤمنين.
صلاته تكون معنا. آمين.
5- في مثل هذا اليوم تذكار نياحة البابا مرقس الثالث ال3
صلاته تكون معناً. آمين.
6- في مثل هذا اليوم تذكار نياحة البابا غبريال الثالث ال77 .
في القرن الثالث عشر انقسم الأراخنة والأساقفة على اختيار مرشح للبطريركية بعد نياحة أنبا أثناسيوس الثالث ، ورغم الاحتكام إلى القرعة الهيكلية التي أفرزت غبريال ، إلا أن أتباع الفريق الآخر رغم قبولهم مبدأ القرعة الهيكلية تشايعوا متشددين لمرشحهم يوأنس (يوحنا) الملقب "السكري" . ولأن أنصار يوأنس كانوا أقوى نفوذًا فقد رسموا مرشحهم بطريركًا باسمه وأعطوه لقب "السابع" ، واستمر البابا يوحنا يحكم الكنيسة نحو ست سنوات وتسعة شهور ، كانت كلها منافسة ومعاكسة وخصام وفي خلالها تقوّى حزب غبريال واتفق الأساقفة على عزل البطريرك يوحنا وسجنوه بأحد الأديرة وولّوا غبريال بطريركًا مكانه باسم غبريال الثالث .
ولم تستمر حبرية أنبا غبريال سوى سنتين كرَّس الميرون المقدس في دير أنبا مقار ، وانتقل قبل أنبا يوأنس فضمته الكنيسة ضمن باباواتها برقم السابع والسبعين ودُفِن في مصر القديمة كالعادة .
واتحدت كلمة الجميع على إعادة البابا يوأنس إلى منصب البطريركية فأخرجوه من معتقله ، وأرجعوه إلى مقره فقوبل فيه بإكرام زائد . وكان أنبا يوأنس أثناء حبرية أنبا غبريال الثالث في الدير شاغلاًنفسه بالصوم والصلاة وترجمة الكتب .
لم يقم بطريركًا على كرسي الإسكندرية في وقت واحد بطريركان إلا هذه المرة ، بينما جلس على كرسي روما أسقفان في وقتٍ واحدٍ 28 مرة ، وثلاثة أساقفة ست مرات ، وأربعة أساقفة أربع مرات (تاريخ الانشقاق 405:3-406) .
كشف الأسرار في تاريخ البطاركة الأحبار
صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائماً أبدياً. آمين.
(1) رو 15 : 8.
(1) كو 2 : 11 ـ 13. (2) يو 3 : 5.
(3) ملوك الأول 17 : 1.
(1) الملوك الأول 17 : 8 ـ 23.
(2) الملوك الأول 19 : 10 ـ 18.
(1) الملوك الثاني ص 1.
(2) الملوك الثاني ص 2.