في كل الأيـــام ..... التعب يلازمنا - للقمص يوسف اسعد

 

في كل الأيــام ...التعب يلازمنا . إن التعب يلازمنا في أفخر أيامنا   مز10:90    فكم يكون في أحقرها ؟ ! أيام الفرح ينهكنا تعب المسئولية ، وأيام الحزن .. فبالإضافة إلى ما يفعله الغم في قلب الإنسان حتى يحني ظهره فإنها مقرونة كذلك بتعب تدابير الضيافة . لقد قيل عن الإنسان أنه   " قليل الأيام وشبعان تعبا  "   أي 1 : 14

 

 

والتعب في الحقيقة يُفني الخارج ولكنه يبني الداخل للإنسان الروحي . التعب أيا كان نوعه ، وأيا كان مصدره ، وأيا كان كمه ... يمنحنا في كل الأيام نضجا وخبرة تحمينا من الضياع أو الخداع

 

 

والكتاب المقدس يقول : " في كل تعب منفعة "  أم 23:14   . ونحن نتعلم ألا نضع أعيننا على التعب إنما على ثمار التعب . والذي يتذكر الثمار المرجوة بعد التعب فإنه يجد في الصليب الذي يحمله اليوم كله ليتبع الرب ويتتلمذ فيه فرحا داخليا واحتمالا خارجيا حتى يعاين بالبصر أو بالبصيرة ثمار التعب

 

قيل " مبارك من يتعب للمجد لأن المجد باق والتعب يزول .. وتعس من يتعب للإثم لأن الإثم باق والتعب يزول ..." . فزوال التعب حقيقة أيا كان نوعه

 

لنجتهد إذن أن يكون التعب لمجد الله الذي لا يترك صاحبه بدون تعزية الثمر المتكاثر لحسابه . إن الله تقدس إسمه " ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب المحبة التي أظهرتموها نحو إسمه "  عب 10:6 . وهو الذي سيعطي كل واحد " أجرته بحسب تعبه "  1كو 8:3  وينادي جميع المتعبين والثقيلي الأحمال قائلا "  وأنـــا أريحــكم "   مت

28:11

 

في كل الأيام الله معنا . إنه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا . (مت 23:1) الذي قال لحظة صعوده للسماء : " وها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر " ( مت 20:28 ) . هذا الوعد الإلهي يمنحنا ثقة ، وطمأنينة ، وخشية ... يمنحنا ثقة أن كل الأيام ستصير في صفنا ومعنا. لأن مادام الله معنا فمن علينا ( رو31:8) وهو الذي يضبط كل الأشياء في كل الأيام لتعمل معا ً للخير للذين يحبونه    رو  28:8  . ومع هذه الثقة فإنه يمنحنا طمأنينة القلب الذي وإن أثخنته الجراح حتى من الأحباء ... أباء أو أبناء ... أصدقاء أو أعداء ... أقرباء أو غرباء ... رؤساء أو زملاء .... يمنحنا طمأنينة حقيقية تحوّ ل دموع القلم إلى إبتسامة الكتب، وتحول آتون النار إلى منتزه للتريّض ، وتحول مظهر التجيش والتعارك إلى بصيرة تقول وتختبر خبرة أليشع النبي " معنا أكثر من الذين معهم " ( 2مل 16:6 ) وتنادي معضّدة " معنا الرب إلهنا ليساعدنا ويحارب حروبنا      2أي 8:32

 

إن إيماننا بوجود الله معنا كل الأيام يملأ ثوانينا من تقاه ويجعلنا نعمل ألف حساب للذي وهو غير مرئ عيناه أضوأ من قرص الشمس يفحص أعماقنا ويدين سرائرنا      رو 16:2

 

وأروع ما في الخشية لله الذي معنا أن نعيش بالصلاة ... أي نتحدث مع جلاله الأقدس بكل وسيلة وفي كل مناسبة وأينما كنا وكيفما وجدنا

 

إن الصلوات القصيرة السريعة الخارجة من قلب خاشع شاعر بوجود الله معه، مع الصلوات المخدعية المختفية، والصلوات الجماعية العلنية ... هي تعبير عن فكر ، وعمل يتحدث عن إيمان أن الله معنا

 

قال إسحق نيوتن ( عالم الرياضيات ) : " إنني أستطيع بتلسكوبي أن أنظر بعيدا إلى ملايين الأميال في الفضاء ولكن يمكنني أن أضع التلسكوب جانبا وأغلق باب حجرتي وأنحني على ركبتي في صلاة خاشعة فأرى من السماء أكثر من كل ما يمكنني رؤياه بواسطة أعظم التلسكوبات ... إذ أنني أتمتع بالقرب من الله ذاته

"لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ الإله فِيهِ." (2كورنثوس 21:5)