السنكسار

اليوم الثلاثون من شهر بابه المبارك
1- تكريس كنيسة القديس مرقس وظهور رأسه المقدس
2- نياحة القديس إبراهيم المتوحد

في مثل هذا اليوم تُعيِّد الكنيسة بظهور رأس القديس مار مرقس الإنجيلي وتكريس الكنيسة التي بُنيت عليها. ظل جسد القديس مار مرقس ورأسه معاً في تابوت واحد، حتى سنة 644 م. وكان هذا التابوت محفوظاً في كنيسة بوكاليا أو دار البقر بالإسكندرية. وفي أحد الأيام من سنة 644م، دخل أحد البحارة العرب إلى الكنيسة، فوجد التابوت وتوهم أن فيه ذهباً ووضع يده في التابوت، فوقعت يده على الرأس فأخذها في الليل وأخفاها في أسفل المركب. ولما عزم القائد عمرو بن العاص على المسير، أبحرت كل السفن وخرجت من ميناء الإسكندرية، ما عدا تلك السفينة التي بها الرأس. فلم تتحرك إطلاقاً رغم محاولات البحارة في بذل جهودهم لإخراجها. عند ذلك علموا أن في الأمر سراً. فأمر عمرو بن العاص بتفتيش السفينة، فوجدوا الرأس مخبأة فيها، فأخرجوها من السفينة، واحتفظ بها عمرو، وبعدها تحركت السفينة حالاً. ففهم عمرو بن العاص ومَنْ معه أن تأخُّر السفينة كان بسبب وجود الرأس المقدسة فيها. فأحضر البحار الذي خبأها، فاعترف بجريمته فعاقبه. ثم سأل عمرو بن العاص عن بابا الأقباط وكان هو الأنبا بنيامين البطريرك الثامن والثلاثين، وكان هارباً ومختبئاً بأديرة الصعيد. فكتب له عمرو بن العاص خطاباً بخط يده يطمئنه ويعطيه الأمان، ويطلب منه الحضور. فحضر البابا بنيامين واستلم منه الرأس المقدس، بعدما قصَّ عليه عمرو بن العاص المعجزة العظيمة التي حدثت منها. ثم أعطاه عشرة آلاف دينار ليبنى بها كنيسة عظيمة على اسم صاحب هذه الرأس. فشكره البابا واحتفظ بالرأس في قلايته بدير مطرا إلى أن يتم بناء الكنيسة. ثم بدأ في بناء الكنيسة التي عُرفت باسم المعلَّقة بالإسكندرية الكائنة في شارع المسلة – بالثغر. ولكنه لم يستطع إكمالها، فأتمها خليفته البابا أغاثون وكرسها في مثل هذا اليوم. ووضع فيها الرأس المقدس.

وكان من طقس رسامة البطاركة خلفاء القديس مار مرقس الرسول أن يتوجه البابا ثاني يوم رسامته إلى رأس مار مرقس الإنجيلي الرسول، وصحبته الأساقفة والكهنة والشعب. فيضرب الميطانية أمام الرأس المقدس. ثم يرفع البخور أمام الرأس ويقرأ مقدمة إنجيل مرقس. ويختم الصلاة بالتحليل والبركة. ثم يدخل إلى حجرة وحده، ويأخذ الرأس المقدس ويضعها في حِجْرِهِ، وينزع عنها الكسوة القديمة، ويكسوها بكسوة جديدة من الحرير. ويخيط عليها. وبعد ذلك يظهر للناس وهي في حجره. ليقبلوها واحداً واحداً حسب رتبهم. ويتبارك هو من مؤسس الكرازة المرقسية.

صلاته تكون معنا . آمين.

2- وفيه أيضا تنيح الأب العظيم في القديسين العابد المجاهد إبراهيم المتوحد . كان هذا الأب من مدينة منوف لأبوين مسيحيين من ذوى الثراء. فلما كبر إشتاق إلى الرهبنة ، فقصد أخميم ، ومن هناك وصل إلى القديس باخوميوس حيث ألبسه ثياب الرهبنة ، فأضنى جسده بالنسك والعبادة ، وأقام عنده ثلاثا وعشرين سنة ثم رغب الوحدة فى بعض المغارات فسمح له القديس باخوميوس بذلك ، وكان يصنع شباكا لصيد السمك . وكان أحد العلمانيين يأتى إليه ويأخذ عمل يديه ويبيعه ويشترى له فولا ، ويتصدق عنه بالباقى . وأقام على هذا الحال ست عشرة سنة ، كانت مؤونته فى كل يوم منها عند المساء ربع قدح فول مبلول مملح . ولأن اللباس الذى كان قد خرج به من الدير قد تهرأ، فإنه ستر جسده بقطعة من الخيش. وكان يقصد الدير فى كل سنتين أو ثلاث لتناول الأسرار المقدسة.

وقد حورب كثيرا من الشياطين فى أول سكنه هذه المغارة حيث كانوا يزعجونه بأصوات غريبة ، ويفزعونه بخيالات مخيفة ، فكان يقوى عليهم ويطردهم.

ولما دنت وفاته أرسل الأخ العلمانى الذى كان يخدمه إلى الدير يستدعى الأب تادرس تلميذ القديس باخوميوس . فلما حضر إليه ضرب له مطانية وسأله أن يذكره فى صلاته. ثم قام وصلى هو والقديس تادرس . ثم رقد متجها إلى الشرق وأسلم روحه الطاهرة . ولما أرسل القديس تادرس الخبر إلى الدير حضر الرهبان وحملوه إلى هناك ثم صلوا جميعهم عليه وتباركوا منه ووضعوه مع أجساد القديسين .

" صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائماً. آمين. "

"مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 16)