السنكسار

اليوم الثامن من شهر أبيب المبارك
1. نياحة القديس أنبا بيشوى كوكب البريَّة.
2. شهادة أبيروه وأتوم.
3. شهادة بلانا القس.
4. شهادة أنبا بيمانون.
5. نياحة القديس كاراس السائح.
6. نياحة القديس مرقس الأنطوني

1 ـ في هذا اليوم تنيح القديس صاحب الذكر الحسن كوكب البرية الأنبا بيشوى. وقد وُلِدَ ببلدة تُدعى شنسا من أعمال مصر. وكان له ستة أخوة. ورأت أمه رؤيا كأن ملاكاً يقول لها: " الرب يقول لكِ أعطيني أحد أولادك ليخدمنى ". فأجابته: " خذ يا سيدي من تريده ". فأمسك الملاك بيد الأنبا بيشوى، وكان رقيقاً نحيف الجسم فقالت أمه للملاك: " خـذ يا سيدى واحداً قوياً ليخدم الرب ". فأجابها: " هذا هو الذي اختاره الرب ".
وبعد ذلك أتى الأنبا بيشوى إلى برية شيهيت، وترهَّب عند الأنبا بمويه الذي رهَّب الأنبا يحنس القصير. وأجهد نفسه في نسك زائد وعبادة كثيرة حتى استحق أن يظهر له السيد المسيح.
وقد ظهر له الملك البار قسطنطين في رؤيا وقال له: " لو عرفت مقدار هذه الكرامة التي للرهبان ، لتركت مُلكي وترهبت ". فقال له الأنبا بيشوى: " وأنت الذي قد استأصلت العبادة الوثنية، ورفعت شأن المسيحية. ألم يُعطِكَ المســيح شيئاً؟ " فأجابه قسـطنطين: " لقد أعطاني كثيـراً، ولكن ليس مثل كرامة الرهبان ".
وظهر في أيامه شيخ سائح بجبل أنصنا اشتهر بالتقوى فجمع حوله جماعة كثيرة، ونسى نفسه فأضلَّه الشيطان، وكان يُعلِّم بأنه لا يوجد روح قدس. فاغتر بأقواله كثيرون وسمع بذلك الأنبا بيشوى. فذهب إليه ومعه قففه، ولكل قفة ثلاث آذان ولمَّا اجتمع بالشيخ وأتباعه سألوه عن السبب الذي لأجله جعل للقفة ثلاث آذان. فأجابهم: " أنا لي ثالوث. وأعمل كل شيء على مثاله ". فقالوا له : " إذاً يوجد شيء يُسمى الروح القدس ". فعند ذلك أخذ يوضح لهم من أقوال الكتاب المقدس في العهدين القديم والجديد. ويبيِّن لهم أن الروح القدس هو أحد الأقانيم الثلاثة إلى أن أقنعهم فعادوا جميعاً إلى معرفة الحقّ. ثم عاد هو إلى ديره ببرية شيهيت .
ولمَّا أغار البربر على البرية تركها وسكن في جبل أنصنا وهناك تنيَّح. ولمَّا انقضي زمن الاضطهاد أحضروا جسده مع جسد الأنبا بولا الطموهى إلى ديره ببرية شيهيت.
صلاته تكون معنا آمين.

2 ـ وفي مثل هذا اليوم أيضاً: استشهد القديسان أبيروه وأتوم. وقد وُلِدَا هذان القديسان ببلدة سنباط من أبوين مسيحيين تقيين محبين لأعمال البر والصَّدقة. واسم الأب يوحنا والأم مريم وكان القديس أبيروه أشقر اللون، أجعد الشعر، طويل القامة، أزرق العينين. والقديس أتوم طويل القامة، أبيض اللون، أكحل العينين، أسود اللحية. ولمَّا بلغ أبيروه الثلاثين من عمره، وأتوم السابعة والعشرين، ظلاَّ يلازمان الكنيسة وقت القدسات ويداومان على الصدقة وإضافة الغرباء.
ولمَّـا ثـار الاضطهـاد أخـذا بضاعـة وذهبا إلى الفرما ليبيعاها فوجدا مع بعض الجند جسد قديس يُدعى " نوا "، فابتاعاه منهم بفضة ووضعاه في تابوت من رخام داخل منزلهما. وعلَّقا أمامه قنديلاً فظهرت منه آيات كثيرة. وتأمل القديسان في زوال الدنيا ونعيم الآخرة. فوزعا أموالهما على المساكين، وذهبا إلى الإسكندرية، واعترفا بالمسيح أمام الوالي. فعذبهما كثيراً بالضرب والسِّياط، إلى أن سال دمهما على الأرض. ثم علَّقهما وأوقد تحتهما. فنزل ملاك الرب وأنزلهما، وشفاهما من جراحاتهما. ثم أرسلهما الوالي إلى الفرما. فلمَّا رأى واليها شجاعتهما وجمال منظرهما عرض عليهما السجود للأوثان. ولمَّا رفضا قلع أظافر أيديهما وأرجلهما ووضعهما على أسياخ من حديد، وأوقد تحتهما.
وفى هذه الأثناء ماتت زوجة الوالي فسألهما أن يسامحاه عما صنع بهما. فصلَّيا إلى اللـه من أجلها فأقامها اللـه من الموت، فآمن الوالي وكل من معه. وأطلق القديسين فعادا إلى بلدهما سنباط، وفرَّقا ما بقيَ من أموالهما، وأعطيا جسد القديس " نوا "، إلى رجل تقي يُسمى صرابامون، وأوصياه أن يُعلِّق أمامه قنديلاً على الدوام. ثم ذهبا إلى الوالي واعترفا بالمسيح، فأمر بضربهما وسحبهما في المدينة حتَّى جرى دمهما على الأرض. فأخذت منه امرأة صماء خرساء ودهنت به أُذُنيها ولسانها: فانفتحت أذناها وانطلق لسانها في الحال، ومجَّدت السيد المسيح واعترفت به، فأمر الوالي بقطع رؤوسهم جميعاً، فنالوا إكليل الشهادة.
وكان حاضراً صرابامون التقي، فأخذ وبعض أهالي سنباط جسدي القديسين وكفنوهما وحملوهما إلى بلدهم، حيث بنوا لهما كنيسة وضعوهما فيها، ووضعوا معهما جسد القديس " نوا ". ويُقال أنهما الآن بكنيسة القديسة بربارة بمصر القديمة.

صلاتهما تكون معنا .آمين.

3 ـ وفي مثل هذا اليوم أيضاً استشهد القديس بلانا القس، من بلدة برا بكرسي سخا. فإنه لمَّا سمع باضطهاد المؤمنين وقتل القديسين فرَّق كل أمواله على الفقراء والمساكين، ومضى إلى أنصنا، واعترف أمام الوالي بِاسم السيد المسيح. فعذَّبه كثيراً بأنواع مختلفة حتَّى أسلم روحه بيد الرب.

صلاته تكون معنا. آمين.

4 ـ وفي مثل هذا اليوم أيضاً استشهد القديس بيمانون. كان شيخ بلدة بنكلاوس من أعمال البهنسا. وكان غنياً رحوماً على الفقراء. فظهر له السيد المسيح في رؤيا وقال له: " قم امضِ إلى الوالي واعترف بِاسمى، فأنَّ لكَ هناك إكليلاً معدّ لكَ " . فلمَّا استيقظ من نومه فرَّق كلّ أمواله على الفقراء والمساكين، ثم صلَّى وخرج إلى البهنسا، واعترف بالسيد المسيح.
فلمَّا اعترف أنه شيخ البلدة، طالبه بأواني الكنائس التي في بلدته، وعرض عليه عبادة الأوثان. فأجابه قائلاً: " إنِّي لا أُسلِّم الأواني. أمَّا عبادة الأوثان فإنِّي لا أعبد إلاَّ ربي يسوع المسيح ". فأمر الوالي بقطع لسانه وتعذيبه بالمعصرة والحرق، وكان الرب يُخلِّصه ويشفيه. ثم أرسله الوالي إلى الإسكندرية، وهناك أُودِعَ السجن، وكان ليوليوس الاقفهصي أخت بها شيطان، فصلَّى عنها هذا القديس فشُفيت. وشاعت هذه المعجزة فآمن جمع كبير. فغضب الوالي وعذَّبه بالمعصرة وقلع أظافره. وكان الربُّ يقويه ويشفيه.
فلمَّا تعب الوالي من تعذيبه أرسله إلى الصعيد، وهناك قطعوا رأسه ونال إكليل الشهادة، فحمل غلمان يوليوس الاقفهصي جسده إلى بلده.

صلاته تكون معنا. آمين.
5 ـ وفي مثل هذا اليوم أيضاً تنيَّح القديس كاراس، شقيق الملك ثاؤدوسيوس الكبير. هذا القديس عرف جيداً فساد العالم وسرعة زواله، فترك كل ماله وخرج لا يقصد جهة معلومة، فأرشده اللـه إلى البرية الغربية الداخلية، وهناك قضى سنين كثيرة وحده، لمْ يُبصِر خلالها إنساناً ولا حيواناً، وكان في برية شيهيت قس قديس يُسمى بمويه، وهو الذى كفَّنَ جسد القديسة ايلارية. وهذا الأب اشتهى أن يرى واحداً من عبيد المسيح السواح، فساعده الربّ حتَّى دخل البرية الداخلية، فأبصر كثيرين من القديسين، وكان كل منهم يُعرِّفه عن اسمه، والسبب الذي أتى به إلى هنا، أمَّا هو فكان يسأل كلاً منهم قائلاً: " هل يوجد من هو أكثر توغلاً في البرية منك؟ ". فيجيبه: " نعم " وهكذا حتَّى وصل إلى القديس كاراس آخِر الجميع. وهذا ناداه من داخل مغارته قائلاً : " أهلاً بالأنبا بمويه قس شيهيت ". فدخل إليه وبعد السلام سأله الأنبا كاراس عن أمور العالم وأحوال الولاة والمؤمنين، ولمَّا كان المساء صلَّى القديس كاراس كثيراً، وسجد على الأرض وأسلم الروح بيد الرب، فكفَّنهُ الأنبا بمويه بعباءته وانثني راجعاً يُخبر عن سيرته وهو يمجد الله.

صلاته تكون معنا. آمين.

6- في مثل هذا اليوم أيضا من سنة 1102 للشهداء (1386 م ) تنيح القديس الأنبا مرقس الأنطوني . ولد هذا القديس ببلدة منشأة النصارى بمحافظة أسيوط . تنيح أبوه وهو صغير فربته أمه على التعاليم المسيحية فتعود على الصوم من صغره وكذلك الصلاة وفي سن الثالثة والعشرين مضى إلى دير الأنبا أنطونيوس ومنه إلى دير الأنبا بولا بإرشاد مرشده الروحي لكي ينفرد للنسك والعبادة . وهناك حفر مغارة وداوم على الاصوام الطويلة . وبعد ست سنوات رأى الرهبان شدة نسكه فحملوه إلى دير الأنبا أنطونيوس وكان يقول لأولاده يا أولادي لا تأمنوا لهذا الجسد ولا ترخوا له الحبل . لئلا من الشبع تتحرك الأوجاع وقد ذاع صيت قداسته في كل مكان ، ولما حضرته الوفاة أدركه الضعف بغتة فودع أولاده وأوصاهم أن يحبوا بعضهم بعضا وأن لا يهتموا بقنية العالم . ثم فاضت روحه بيد الرب الذي أحبه . فحزن عليه الرهبان وكفنوه ودفنوه بإكرام جزيل . وتوجد كنيسة باسمه في دير الأنبا أنطونيوس بدأخلها المقبرة التي تحوي جسده الطاهر ،


بركة صلواته فلتكن معنا ولربنا المجد دائمًا أبديا آمين .

"يَا رَبُّ، أَحْبَبْتُ مَحَلَّ بَيْتِكَ وَمَوْضِعَ مَسْكَنِ مَجْدِكَ" (سفر المزامير 26: 8)