السنكسار

اليوم الثامن من شهر توت المبارك
1. شهادة النَّبي زكريا.
2. نياحة موسى النَّبي.
3. شهادة القديس ديميدس.

1ـ في هذا اليوم استشهد القديس زكريا الكاهن على يد هيرودس الملك. الذي بعد ما بشَّرهُ الملاك جبرائيل بمولِد يوحنَّا ابنه. ولم يُصدق كلامه، أوجب عليه الصمت إلى حين يولد الصَّبي، وقد بقى صامتاً إلى يوم مولده(1)، وعند تسميته طلب لوحاً وكتب اسمه يوحنَّا. وعند ذلك تكلَّم وسبَّح اللـه(2). هذا الذي شهد الإنجيل عنه: أنَّهُ كان باراً هو وزوجته. سائرين في حقوق الرب بلا لوم.
ولما وُلِدَ السيد المسيح، وأتى المجوس ليسجدوا له. اضطرب هيرودس وخاف على مملكته، ولهذا أمر بقتل أطفال بيت لحم، من ابن سنتين فما دون. ليقتل السيد المسيح بينهم. فظهر ملاك الرب ليوسف في رؤيا، وأعلَمهُ أن يهرُب بالصَّبيِّ إلى مِصر. فأخذ يوسف الصَّبيَّ يسوع ومريم أُمَّهُ وذهبوا إلى حيث قال له ملاك الرب.
ولما قتل هيرودس أطفال بيت لحم، هربت أُمُّ يوحنَّا به إلى الجبل، وقضت ست سنين. وبعد ذلك انتقلت إلى السماء وبقى الصَّبيِّ في البريةِ إلى حين ظهوره لإسرائيل(1).
وقيل أنَّهُ في وقت قتل الأطفال ظنَّ هيرودس أنَّ يوحنَّا هو المسيح. فأرسل يطلبه من أبيه زكريا. فقال: لست أدري أين الولد فهددوه بالقتل، فلم يكترث به. فأمر الجند فقتلوه. ويُقال أيضاً أنَّ هيرودس لمَّا طلب يوحنا ليقتله، هرب به زكريا إلى الهيكل ووضعه فوق المذبح، ولمَّا لحقوا به. قال للجند: من هنا قبلته من الربِّ، وعندئذ خطفه الملاك إلى برية الزيفانا، وإذ لم يجدوا الطفل قتلوا زكريا بين الهيكل والمذبح(2) .
وزكريا الكاهن ابن برخيا، ليس هو زكريا النَّبي، أحد الاثني عشر نبياً الصغار، لأنَّ ذلك لم يُقتل بل مات، ووُجِد جسده بغير فسادٍ.

صلاته تكون معنا. أمين.

2ـ وفيه أيضاً تنيَّح الصدِّيق موسى رئيس الأنبياء. وكان قد تعب مع شعب اللـه إلى الموت، وأَسلَمَ نفسهُ عنهم. هذا الذي صنع الآيات والعجائب بمصر، وفي البحر الأحمر، هذا الذي لم يرض أن يُدعى ابناً لابنة فرعون التي ربته، لمَّا تركه أبواه على شاطئ النهر، خوفاً من فرعون الذي أمر بقتل الذكور من أبناء العبرانيين. فلمَّا وجدته ابنة فرعون في النهر أخذته وربته لها ولداً. ولمَّا كمل له أربعون سنة ورأى واحداً مِن المصريين قد قتل واحداً من العبرانيين، انتقم له وقتل المصري، وفي الغد رأى اثنين من العبرانيين يتخاصمان: فطلب أن يُصلِح بينهما. فقال له المُعتدي: ألعلك تُريد أن تقتلني كما قتلت المصري بالأمس. فهرب موسى إلى أرض مديان وتزوج هناك ورُزِقَ ولدين(1) ، ولمَّا كمل له ثمانون سنة. ظهرت له نار في العُلَّيقة ولم تحترق. فلما دنا ليسمع كلمة اللـه من العُلَّيقة، أمره بإخراج الشعب من أرض مصر.
ثم أجرى الرب على يده العشر ضربات في المصريين: أولها النهر الذي تحول إلى دم. وآخرها قتل أبكار المصريين(2) ، ثم أخرج الشعب وشقَّ له البحر الأحمر، وأجاز منه، وأطبق الماء على أعدائه. ثم أنزل له المَن في البريةِ أربعين سنة. وأخرج له الماء من الصخرة. ومع هذا جميعه كانوا يتذمرون عليه. ومرات كثيرة أرادوا رجمهُ، وهو يُطيل أناته عليهم، ويسأل الرب عنهم، حتى أنَّهُ مِن فرط حُبَّهُ لهم، قال للرب: إذا لم تغفر لهذا الشعب فامُح اسمي من سفرك. وشهد الكتاب أنَّه كلَّم الرب خمسمائة وسبعين كلمة. كما يُكلِّم الإنسان خليلهُ، حتى دُعِيَ كليم الله. وكان لما نزل موسى من جبل سيناء من عند الرب، ولوحا الشهادة في يده كان وجهه يلمع، فخاف بنو إسرائيل أن يقتربوا إليه، فوضع على وجهه برقعاً عندما اقترب ليكلمهم(3).
ولمَّا كمل له مائة وعشرون سنة، أمره الرب أن يَعهد بقيادة الشعب إلى يشوع بن نون تلميذه(4) ، فدعاه وأوصاه بوصايا الرب ونواميسه، وأعلمه أنه هو الذي سيُدخِل الشعب أرض الميعاد. بعد أن عمل خيمة الشهادة وجميع ما فيها، كما أمره الرب. ومات موسى في الجبل ودُفِنَ هناك.
وأخفى الرب جسده لئلاَّ يجده بني إسرائيل فيعبدوهُ. لأنَّ الكتاب يشهد عنه أنَّهُ لم يقم في إسرائيل نبي مثل موسى، ولمَّا أراد الشيطان إظهار جسده انتهره ميخائيل رئيس الملائكة، ومنعه من ذلك. كما شهد الرسول يهوذا في رسالته(1) .

صلاته تكون معنا. آمين.

3ـ وفيه أيضاً استشهد القديس ديميدس. كان هذا من أهل درشابة من كرسي دنطو(2)، وكان مُحبَّاً للبيعة، عطوفا على المساكين مفتقداً للمرضى فظهر له إنسان نوراني وأنهضه، وأمره أن يمضي وينال إكليل الشهادة، ووعده بجوائز سمائية. ففرح جداً وترك أبويه وخرج من المدينة وصلى للرب كي يُعينهُ على احتمال العذاب من أجل اسمه. وأتى إلى مدينة أتريب. واعترف بالسيد المسيح فعذبه عذاباً كثيراً. ثم أرسلوه إلى لوقيانوس والي الإسكندرية. ولما كان في المركب ظهر له السيد المسيح وعزاه وقوَّاه، ووعده بالراحة الأبدية. فابتهجت نفسه جداً. أما لوقيانوس فعذَّبه بأنواع العذاب. ثم أمر بأخذ رأسه فنال إكليل الشهادة. وأتى أهل بلده وأخذوا جسده وأكرموه كرامة عظيمة.

صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائماً أبدياً. آمين.

(1) ( لو 1 : 18 ـ 22 ).
(2) ( لو 1 : 63 ـ 79 ).
(1) ( لو 1 : 80 ).
(2) ( مت 23 : 35 ).
(1) ( خر 2 ).
(2) ( خر 7 ـ 12 ).
(3) ( خر 34 : 29 ـ 35 ).
(4) ( تث 34 : 9 ).
(1) ( تثنية 34 ).
(2) درشابة وتعرف الآن شرشابة، بمركز زفتى محافظة الغربية.

"يَا رَبُّ، أَحْبَبْتُ مَحَلَّ بَيْتِكَ وَمَوْضِعَ مَسْكَنِ مَجْدِكَ" (سفر المزامير 26: 8)