اليوم الثالث عشر من شهر هاتور المبارك
1. نياحة القديس تيموثاؤس أسقف أنصنا.
2. نياحة القديس الأنبا زخارياس الرابع والستين من باباوات الإسكندرية.
3. تذكار رئيس الملائكة الجليل جبرائيل.
4. استشهاد القديس تادرس تيرو.
5. نياحة الأنبا يوساب بجبل الأساس.
1ـ فى هذا اليوم تنيَّح القديس الأنبا تيموثاؤس أسقف أنصنا.
وقد نشأ منذ حداثته باراً تقياً. وترهَّب وهو لا يزال صغيراً. فسلك في حياة الفضيلة. ونظراً لما كان عليه من الخصال الحميدة، والفضل والعلم، أُختير أسقفاً على مدينة أنصنا. فداوم على وعظ المؤمنين، وارشاد الناس إلى الإيمان بالمسيح، فقبض عليه الوالي وعذَّبه بأنواع العذاب داخل السجن وخارجه مدة ثلاث سنوات متوالية. وكان معه في السجن كثيرون قُبِض عليهم من أجل الإيمان، ولم يزل هذا العاتي يُخرِج منهم ويسفك دمهم بعد تعذيبهم، إلى أن بقى في الحبس جماعة قليلة كان منهم هذا الأب.
ولما أهلك الرب دقلديانوس، ومَلكَ الملك المُحِب للمسيح قُسطنطين، وأمر بإطلاق المحبوسين في سبيل الإيمان بالمسيح بجميع الأقطار الخاضعة لسلطانه، خرج هذا القديس من بينهم ومضى إلى كرسيه وجمع الكهنة الذين في إبروشيته، ورفع صلاة إلى الله تعالى دامت ليلة كاملة.
وكان يطلب من أجل خلاص نفس الوالي الذي عذَّبه قائلاً: لأنَّ هذا يارب هو الذي سبَّب لي الخير العظيم باتصالي بكَ، فأحسِن إليه ليتصل بكَ. فتعجَّب المجتمعون من طهارة قلب هذا الأب العامل بقول سيده: " أحبوا أعداءكم. بارِكوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مُبغِضيكم، وصلُّوا لأجل الذين يُسيئون إليكم ويطردونكم " (1) .
ولمَّا اتصل خبر ذلك بالوالي تعجب قائلاً: لقد كنت أظن أنه يذمني على ما لحقه مني. فقد أسأت إليه كثيراً ولكنه قابل إساءتي بالدعاء لي. حقاً إن مَذهب هؤلاء القوم مذهب إلهي. ثم أرسل فاستحضره واستعلم عن حقائق الدين المسيحي فعرَّفه الأب سبب تجسد الابن، وما تكلم به الأنبياء عنه قبل ذلك بسنين كثيرة. وبعدما بيَّن له إتمام أقوالهم وأثبت ذلك من نصوص الإنجيل آمن الوالي بالمسيح فعمَّده الأب الأسقف، وترك الولاية وترهَّب.
أمَّا القديس فظل مداوماً على تعليم رعيته، حارساً لها، إلى أن تنيَّح بسلام.
صلاته تكون معنا. آمين.
2ـ وفي هذا اليوم أيضاً من سنة 1027 ميلادية تنيَّح القديس العظيم الأنبا زخارياس الرابع والستون من باباوات الإسكندرية.
كان من أهل الإسكندرية، ورُسِم قساً بها، وكان طاهر السيرة، وديع الخُلق.
ولمَّا تنيَّح القديس فيلوثاوس البابا الثالث والستون، اجتمع الأساقفة ليختاروا بِإلهام الله مَن يصلح. وبينما هم مجتمعون في كنيسة القديس مرقس الرسول يبحثون عمَّن يصلح، بلغهم أن أحد أعيان الإسكندرية المدعو إبراهيم بن بشر وكان مقرّباً من الخليفة. قدم له رشوة وحصل منه على مرسوم بتعيينه بطريركاً، وأوفده مع بعض الجند إلى الإسكندرية فحزنوا وطلبوا بقلبٍ واحدٍ من الله أن يمنع عن كنيسته هذا الذي يتقدم لرعايتها بالرشوة ونفوذ السُّلطان، وأن يختار لها من يصلح.
وفيما هم على هذا الحال نزل الأب زخارياس من سلم الكنيسة يحمل جرَّة فزلت قدمه وسقط يتدحرج إلى الأرض. وإذ ظلت الجرَّة بيده سالمة تعجب الأساقفة والكهنة من ذلك، وسألوا عنه أهل الثغر فأجمع الكل على تقواه وعلمه. فاتفق رأيهم مع الأساقفة على تقدمته بطريركاً.
ووصل إبراهيم بن بشر فوجدهم قد انتهوا من تكريس الأب زخارياس بطريركاً. فلمَّا أطلع الآباء الأساقفة على كتاب المَلِك استدعوا إبراهيم وطيَّبوا خاطره ورسموه قساً فقمصاً. ثم وعدوه بالأسقفية عند خلو إحدى الإيبارشيات.
أمَّا الأب زخارياس فقد قاسى شدائد كثيرة. منها: أنَّ راهباً رفع عدة شكاوي ضده إلى الحاكم بأمر الله الذي تولى الخلافة سنة 989 ميلادية فاعتقله وألقاه للسباع فلم تؤذه. فنَقم الحاكم على متولي أمر السباع وظنَّ أنَّه أخذ من البطريرك رشوة، فأبقى السباع مدة بغير طعام ثم ذبح خروفاً ولطَّخ بدمه ثياب البطريرك وألقاه للسباع ثانيةً فلم تؤذه أيضاً بل جعلها الله تستأنـس به. فتعجـب الحاكم وأمر برفعه من بين السباع واعتقله ثلاثة أشهر، توعده فيها بالقتل والطرح في النار إن لم يترك دينه، فلم يَخَفْ البطريرك ثم وعده بأن يجعله قاضي القضاة فلم تفتنه المراتب العالمية، ولم يستجب لأمر الحاكم.
أخيراً أطلق سبيله بوساطة أحد الأمراء فذهب إلى وادي هبيب. وأقام هناك تسع سنين، لحق الشعب في أثنائها أحزان كثيرة ومتاعب جمة، كما هُدِمت كنائس عديدة.
وتحنَّن السيد المسيح فأزال هذه الشدة عن كنيسته وحوّل الحاكم عن ظلمه فأمر بعمارة الكنائس التي هُدِمت، وأن يُعاد إليها جميع ما سلب منها، وصدر الأمر بقرع الناقوس ثانياً.
وبعد ذلك أقام الأب زخارياس اثنى عشر عاماً، كان فيها مُهتماً ببناء الكنائس وترميم ما هُدِمَ منها. وبقى في الرئاسة ثمانية وعشرين عاماً. وانتقل إلى الرب بسلام.
صلاته تكون معنا. آمين.
3. في هذا اليوم تُعيِّد الكنيسة بتذكار رئيس الملائكة جبرائيل المبشر. وهو الذي بشَّر زكريا الكاهن بميلاد يوحنا المعمدان ( لو 1: 8 – 22). وكذلك هو الذي بشَّر العذراء مريم بميلاد مخلص العالم ( لو 1: 26 – 38). لذلك أعطته الكنيسة لقب " ملاك البشارة ". ( تذكارات الملائكة والسمائيين عموماً تكون بمناسبة بناء وتدشين أول كنيسة على اسم هذا الملاك أو ذاك)
شفاعته فلتكن معنا آمين.
4. وفيه أيضاً من سنة 22 للشهداء ( 306م ) استشهد القديس تادرس تيرو، وتيرو هو لقب عائلته. كان جندياً في الجيش الروماني. وقد رفض مشاركة زملائه في ممارسة العبادة الوثنية، فاستدعاه رئيس الفرقة، وسأله عن سر امتناعه، فأعلن أنه مسيحي. هدده بالقتل فتمسك بالأكثر قائلاً: " يسوع المسيح هو إلهي. إن كانت كلماتي تضايقك اقطع لساني، بل ابتر كل عضو في جسدي، ليت الله يقبله ذبيحة ". استبعده رئيس الفرقة إلى حين لعله يرجع عن رأيه. ثم استدعاه ثانية وقدم له إغراءات كثيرة، فلم يتراجع عن إيمانه. فتعرض لعذابات كثيرة، احتملها بشكر لكونها شركة آلام مع المسيح المتألم.
ولما ألقوه في السجن، أرسل الله إليه ملاكاً يعزيه. استدعوه للمرة الثالثة، وأحرقوه حياً. فنال إكليل الشهادة. وقامت إحدى المؤمنات بدفن جسده.
بركة صلواته فلتكن معنا آمين.
5. وفيه أيضاً تنيَّح القديس الأنبا يوساب بجبل الأساس بكرسي قفط. كان هذا القديس من أهل فاو ( فاو: بلدة تابعة لمركز دشنا محافظة قنا، وكان بها دير رئيسي للقديس باخوميوس أب الشركة)، وحيداً لأبويه، فربياه تربية مسيحية. وكان يداوم التردد على دير الأنبا باخوميوس أب الشركة. فعملت فيه النعمة. ودخل إلى الدير وترَّهب، وسلك بكل تقوى ونسك. وقد وهبه الله موهبة شفاء الأمراض، فتوافدت عليه الجموع، فخاف أن يضيع تعبه، فصلى إلى الله أن يوضح له الطريق الذي يسلكه.
بعد ذلك مضى إلى جبل الأساس وسكن في مغارة. ولما أكمل سعيه الصالح تنيَّح بسلام. وقد أظهر الله من جسده آيات وعجائب كثيرة.
بركة صلواته فلتكن معنا، ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين.
(1) متى 5 : 44 .