سفر حزقيال - ابونا تيموثاوس ميلاد

 

سِفْـرُ حِـزْقِيَـالَ

القِسْــمُ الثَّانـِـي

* يحتوي هذا القسم على نبوات متعلقة بسبع أمم، وهي:

1.   عمـون  (ص 25: 1-7)

2.   مـوآب  (ص25: 8-11)

3.   أدوم     (ص25: 12-14)

4.   فلسطين (ص 25: 15-17)

5.   صـور  (ص26: 1 – ص 28: 19)

6.   صيدون  (ص28: 20-26)

7.   مصـر   (ص29- ص32)

مقدمـة عامـة

تنبأ حزقيال النبي في هذا القسم على سبعة من الشعوب المجاورة لمملكتي يهوذا وإسرائيل، وكانت لهذه الشعوب صلات تجارية مع بني إسرائيل، وقد تضمنت هذه النبوات ما كان عتيداً أن يصيب هذه الشعوب من قضاء إلهي كما وقع على بني إسرائيل ، وذلك تأكيداً لسلطان الله على جميع أمم وشعوب العالم ولم تأت هذه النبوات انعكاسا لروح التشفي والانتقام ، بل كانت درسا مقدماً لليهود عن عدالة الله المطلقة.

وقد وردت نبوات مماثلة على ألسنة أشعياء وأرميا وعاموس ... ولعل حزقيال لم يذكر بابل ضمن نبواته هنا، لأنه رأي ما رآه أرميا (29: 1-7) من جهة المسببين في بابل أن يطلبوا " سَلاَمَ الْمَدِينَةِ الَّتِي سَبَيْتُكُمْ إِلَيْهَا وَصَلُّوا لأَجْلِهَا إِلَى الرَّبِّ لأَنَّهُ بِسَلاَمِهَا يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ ". كما أنه رأى في بابل الأداة التي استخدمها الرب لتأديب شعبه.

الإصحاح الخامس والعشرون

* يشتمل هذا الإصحاح على نبوات خاصة بأربعة شعوب:

1.   بني عمون  (عد1-7)

2.   مـوآب     (عد8-11)

3.   أدوم        (عد 12-14)

4.   فلسطـين   (عد15-17)

أولاً : النبوة على بني عمون (عد1-7)

"1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ بَنِي عَمُّونَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِمْ, 3وَقُلْ لِبَنِي عَمُّونَ: اسْمَعُوا كَلاَمَ السَّيِّدِ الرَّبِّ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ قُلْتِ: هَهْ! عَلَى مَقْدِسِي لأَنَّهُ تَنَجَّسَ, وَعَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهَا خَرِبَتْ, وَعَلَى بَيْتِ يَهُوذَا لأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى السَّبْيِ, 4فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أُسَلِّمُكِ لِبَنِي الْمَشْرِقِ مِلْكاً فَيُقِيمُونَ صِيَرَهُمْ فِيكِ وَيَجْعَلُونَ مَسَاكِنَهُمْ فِيكِ. هُمْ يَأْكُلُونَ غَلَّتَكِ وَهُمْ يَشْرَبُونَ لَبَنَكِ. 5وَأَجْعَلُ رَبَّةَ» مَنَاخاً لِلإِبِلِ, وَبَنِي عَمُّونَ مَرْبِضاً لِلْغَنَمِ, فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 6لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ صَفَّقْتَ بِيَدَيْكَ وَخَبَطْتَ بِرِجْلَيْكَ وَفَرِحْتَ بِكُلِّ إِهَانَتِكَ لِلْمَوْتِ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 7فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

لمحة تاريخية:

يرجع العمونيون في أصلهم إلى "بَن عَمِّي" بن لوط من إبنته الصغيرة (تك 19: 38) وقامت العداوة بينهم وبين بني إسرائيل منذ البداية، لأنهم إعتقدوا بإحتقار بني إسرائيل لهم ، وقد دامت الحرب بين الطرفين (قض ص10، اصم 12: 26- 31، 2مل24: 2، عا1: 13-15) وقد إنضموا إلى بابل ضد يهوذا حوالي سنة 600 ق. م. وبعد سقوط أورشليم أرسل "بعليس" ملك عمون إسماعيل بن نثنيا لقتل "جدليا" الذي قام بجمع البقية الباقية من  اليهود.

وقد تركزت إدانة الرب لبني عمون على فرحهم بتدنيس مقدسه، وبخراب أرض إسرائيل ، وبسبي يهوذا، ولابد أن حزقيال كان يذكر إستيلاء العمونيين على نصيب جاد من الأرض حينما أخذ الأشوريون الأسباط العشرة في السبي (ار 49: 1) ولذلك كان غضب الله على بني عمون، فإستخدم "بني المشرق" لغزو بلادهم ، وقد إختلفت الآراء بالنسبة لبني المشرق فقال البعض إنهم كانوا قبائل بدوية وراء نهر الأردن (قض6: 3) وقال آخرون أنهم كانوا من الاسماعيليين، وقال غيرهم أنهم بلا شك جيوش بابل ، ويرجح الرأي الأول.

وقد تضمنت النبوة أن بني عمون سيخضعون نهائياً لأعدائهم حتى هؤلاء يأخذون أرضهم ملكاً " فَيُقِيمُونَ صِيَرَهُمْ –أي حظائر الغنم أو البقر" َيَجْعَلُونَ مَسَاكِنَهُمْ فِيكِ. هُمْ يَأْكُلُونَ غَلَّتَكِ وَهُمْ يَشْرَبُونَ لَبَنَكِ "(عد4) وتصير " رَبَّةَ " –عاصمة بلاد العمونيين – مَنَاخاً لِلإِبِلِ (مكاناً تنوخ فيه الإبل وتستريح) وَبَنِي عَمُّونَ مَرْبِضاً لِلْغَنَمِ (عد 5).

لقد أظهرت عمون فرحها بتصفيق يديها وخبط رجليها، فرحة بكل إهانتها- بروح الشماتة من كل قلبها- للموت على أرض إسرائيل ولذلك يمد الرب يده عليها بالقصاص، فيسلمها غنيمة للأمم فتباد من الأراضي، وتستأصل من الشعوب، وتصير خراباً.

إتمام النبوة:

دلت الكشوف الأثرية على قيام حضارة متقدمة في بلاد عمون حوالى القرن السابع ق.م ، كما دلت على سيادة العرب النبطيين على تلك البلاد منذ القرن الثاني قبل الميلاد.

ثانياً : النبوة على موآب وسعير (عد8-11)

"8هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ مُوآبَ وَسَعِيرَ يَقُولُونَ: هُوَذَا بَيْتُ يَهُوذَا مِثْلُ كُلِّ الأُمَمِ. 9لِذَلِكَ هَئَنَذَا أَفْتَحُ جَانِبَ مُوآبَ مِنَ الْمُدُنِ, مِنْ مُدُنِهِ مِنْ أَقْصَاهَا, بَهَاءِ الأَرْضِ, بَيْتِ بَشِيمُوتَ وَبَعْلِ مَعُونَ وَقَرْيَتَايِمَ, 10لِبَنِي الْمَشْرِقِ عَلَى بَنِي عَمُّونَ, وَأَجْعَلُهُمْ مُلْكاً لِكَيْلاَ يُذْكَرَ بَنُو عَمُّونَ بَيْنَ الأُمَمِ. 11وَبِمُوآبَ أُجْرِي أَحْكَاماً, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

لمحة تاريخية عن موآب:

ينتسب الموآبيون إلى موآب بن لوط من إبنته البكر (تك19: 37) وكانت بلادهم تقع في القسم الشرقي من البحر الميت للمملكة الأردنية حالياً، وكانت تنقسم إلى:

1.   أرض موآب ، وكانت تشمل ما كان واقعاً شرق البحر الميت.

2.   عربات موآب وكانت تطلق على ما كان واقعاً في وادي الأردن.

وكان الموآبيون متكبرين ، يفاخرون بحصونهم المقامة على المرتفعات، وكانت وثنيتهم ترتبط بعادات بشعة أبرزها تقديم أبنائهم وبناتهم ذبائح للإله مولوك، كما كان كموش أشهر آلهتهم. وكذلك بعل فغور.

وفي تاريخ علاقتهم ببني إسرائيل، وردت الأحداث التالية:

1.   حينما كان بنو إسرائيل في طريقهم إلى كنعان، خاف منهم بالاق ملك موآب وإستدعى بلعام بن بعور لكي يلعنهم ، ولكن الله أنطقه بالبركة (عد ص 22-24).

2.   أشار بلعام على بالاق أن يجعل من بنات شعبه معثرة لبني إسرائيل، الذين لما أقاموا في شطيم إبتدئوا يزنون مع بنات موآب فضربهم الرب بالوبأ ومات أربعة وعشرون ألفاً (ص 25)

3.   في فترة القضاة تغلب عجلون ملك موآب على بني إسرائيل وأذلهم 18 سنة حتى قتل أهود بن جيرا عجلون (قض ص3).

4.   حارب شاول الموآبيين، وكذلك ضربهم داود وأستعبدهم( 2 صم 8: 2).

5.   قامت حرب بين ميشع ملك موآب ويهورام بن آخاب ملك إسرائيل (الذي تحالف معه يهوشافاط ملك يهوذا وكذلك الأدوميون) ولما لم يحقق ميشع إنتصاراً أصعد إبنه محرقة على سور عاصمته فكان غيظ عظيم على إسرائيل فإنصرفوا عنه ( 2 مل ص3).

وقد كشفت أعمال التنقيب عام 1868م عن حجر موآب الذي نقش عليه ميشع انتصاره وهو حجر أسود من البازلت طوله ثلاثة أقدام وثماني بوصات ونصف، وعرضه قدمان وثلاث بوصات ونصف، وسُمكَهُ قدم وقيراط وسبعة أعشار القيراط ، ويشتمل على 34 سطراً باللغة الموآبية وهو يثبت صحة ما جاء في (2 مل ص3) بطريقة عجيبة ولا يفوتنا أن راعوث الموآبية، دخلت في شعب الله وصارت جدة لداود وللسيد المسيح حسب الجسد (مت1: 5).

وعن سعير:

هي الأرض التي إستولى عليها عيسو من الحواريين (تك 32: 3) وكانت تذكر كجزء من أدوم، ولكننا من (2 أيام 20: 23) يمكننا أن نستنتج انفصالها عن أدوم، وخضوعها لموآب.

(عد8) :

كانت خطية موآب وسعير هي قولهما " هُوَذَا بَيْتُ يَهُوذَا مِثْلُ كُلِّ الأُمَمِ " أي أن هذا الكلام إنطوى على تحقير الإمتيازات التي خص بها الله شعبه ، ويبدو أن سقوط أورشليم ويهوذا، كان في عيني الأمم فشلاً لقصد الله في شعبه، وهكذا إنعكس ذلك على مجد وكرامة الرب في نظر تلك الشعوب.

(عد9):

ومن أجل إهانة موآب للرب، كان الرب عتيداً أن يفتح جانب موآب (أي منحدرات جبالها) لغزو وسلب ونهب أعدائها ، والمدن بشيموت وبعل معون وقريتايم قد ورد ذكرها في (عد33: 49، 32: 38، 37) وكانت هذه المدن قد إنتزعتها سيحون وعوج من موآب قبل أن يمتلكها بنو إسرائيل ولعل حزقيال قد قصد بنسبتها إلى موآب نوعاً من التهكم.

(عد10):

ذكرت عمون هنا على إعتبار أن ما سيحدث لها من غزو بني المشرق هو نفسه سيكون مصير موآب ، وقد ذكر يوسيفوس المؤرخ أن نبوخذنصر قام بغزو المملكتين بعد سقوط أورشليم بخمس سنوات.

(عد11):

كان إنذار الرب بإجراء أحكامه على موآب، كما كان بالنسبة لعمون-كما سبق- وهكذا تم قول الرب إذ صارت المملكتان ملكاً لقبائل العرب من البدو.

هذا، وقد تنبأ على موآب بمثل ذلك كل من أرميا (ص 48) وأشعياء (ص15- ص16) وعاموس (2: 1-3)

ثالثاً : النبوة على أدوم (عد12-14)

"12هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَدُومَ قَدْ عَمِلَ بِالاِنْتِقَامِ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا وَأَسَاءَ إِسَاءَةً وَانْتَقَمَ مِنْهُ, 13لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأَمُدُّ يَدِي عَلَى أَدُومَ وَأَقْطَعُ مِنْهَا الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ, وَأُصَيِّرُهَا خَرَاباً. مِنَ التَّيْمَنِ وَإِلَى دَدَانَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ. 14وَأَجْعَلُ نَقْمَتِي فِي أَدُومَ بِيَدِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ, فَيَفْعَلُونَ بِأَدُومَ كَغَضَبِي وَكَسَخَطِي, فَيَعْرِفُونَ نَقْمَتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

مقدمة تاريخية:

أدوم هو عيسو أخو يعقوب، وقد سكن في منطقة سعير الجبلية الممتدة من البحر الميت إلى خليج العقبة، وقد ذكرت مواليد عيسو (أدوم) في (تك ص36) وكان بينهم ملوك ملكوا قبل قيام مملكة بني إسرائيل وبالرغم من كون الأدومي في منزلة الأخ لليهودي (تث 23: 7) فإن العلاقات بين الأدوميين والإسرائيليين كانت عدائية:

-      فقد رفض ملك أدوم السماح لبني إسرائيل بالمرور في أرضة حينما كان بنو إسرائيل في طريقهم من مصر إلى كنعان (عد20: 11-21).

-      وحارب شاول الأدوميين (1 صم14: 17)

-      إستعبد داود الأدوميين وجعل عليهم محافظين (2 صم 8: 14).

-      في أيام حكم يهوشافاط قام الأدوميون ومعهم العمونيون والموآبيون بغزو يهوذا (2  اي20: 1 و 22 و 23).

-      قتل أمصيا من الأدوميين عشرة آلاف طرحهم من أعلى صخرة فقتلوا في وادي الملح (2 مل 14: 7 ،  2  أي 25: 11-12).

هذا وفي القرن الخامس ق.م قام العرب الأنباط بطرد الأدوميين، وفي القرن الثاني ق.م. إسترد يهوذا المكابي المدن التي كان الأدوميون قد إستولوا عليها. وفرض يوحنا هركانوس على الأدوميين الإختتان.

وقد جاءت نبوة حزقيال على أدوم " مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَدُومَ قَدْ عَمِلَ بِالاِنْتِقَامِ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا وَأَسَاءَ إِسَاءَةً وَانْتَقَمَ مِنْهُ (عد12). وقد جاء في (مز 137: 7) "7اُذْكُرْ يَا رَبُّ لِبَنِي أَدُومَ يَوْمَ أُورُشَلِيمَ الْقَائِلِينَ: هُدُّوا هُدُّوا حَتَّى إِلَى أَسَاسِهَا " (انظر مراثى 4: 21-22، عو10-14).

وجاء تهديد الرب لأدوم بقطع الإنسان والحيوان منها، وخرابها من التيمن (الجزء الشمالي من أدوم) إلى ددان (جنوبي الأدوميين) وتقول النبوة أن النقمة في أدوم كانت عتيدة أن تتم بيد شعب بنى إسرائيل وقد إعتقد البعض أن هذه النبوة قد تمت بيد يوحنا هركانوس (الذي سبق ذكره) سنة 126 ق.م. حينما أجبر الأدوميين على إعتناق اليهودية ( امكا 5: 3 ).

 رابعاً: النبوة على الفلسطينيين (عد 15- 17)

"هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ قَدْ عَمِلُوا بِالاِنْتِقَامِ وَانْتَقَمُوا نَقْمَةً بِالإِهَانَةِ إِلَى الْمَوْتِ لِلْخَرَابِ مِنْ عَدَاوَةٍ أَبَدِيَّةٍ, 16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ, إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ "

قامت العداوة بين الفلسطينيين واليهود منذ عهود قديمة جداً، فبعد موت يشوع إستولى العبرانيون على بعض مدن الفلسطينيين (قضاة 1: 18)، ولكن الفلسطينيين إستردوا مدنهم وإستعبدوا العبرانيين (قض 10: 6، 7) وإستعبدوهم أيضاً مرة أخرى 40 سنة حتى جاء شمشون (قض 14- 16) وأخذ الفلسطينيون تابوت العهد (1 صم 4-6) إنتصر داود على الفلسطينيين (ا صم 13: 17، 14) وكذلك يهوشافاط (2 أي 17: 11) وعزيا (2 أي26: 6) وإنتصر الفلسطينيون أيام يهورام (2 أي 21: 16) وكذلك في أيام آحاز (2 أي 28: 18) ولكنهم هُِزموا أيام حزقيا (2 مل 18: 8، أش14: 31) وقد جاءت عنهم نبوات أخرى في (يؤ3: 4، عا1: 6-8، عو19، صف2: 4-7، زك9: 5) وإستولى نبوخذنصر على بلادهم ( أر 47 ).

أما عن أشهر آلهتهم القديمة فكانت:

1.   بعل زبوب: وكانت عبادته واسعة الإنتشار بينهم.

2.   عشتاروت: وكانت تمثل بالنسبة لهم الأرض التي إمتلكوها.

3.   داجون: وكان رأس آلهتهم، وحينما وضع تابوت العهد في معبده أمام تمثال داجون، سقط داجون على وجههُ إلى الأرض ( اصم 5: 501 ).

وفي (عد16) قال الرب على لسان حزقيال " أَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ " وكان هؤلاء يمثلون إحدى جماعات الفلسطينيين (ا صم30: 14، صف2: 4) وكانوا قد أتوا من جزيرة "كفتور" وهي جزيرة كريت (تث2: 23، عا9: 7) في الربع الأول من القرن الثاني عشر ق.م.

الإصحاح السادس والعشرون

النبـوة على صـور

تناولت نبوة حزقيال عن صور (ص26- ص28) تفاصيل أكثر مما ذكرها غيره من الأنبياء، وقد عرفت صور كمدينة فينيقية قديمة يرجع تاريخها إلى نحو 2750 ق.م. ويشتق إسمها من كلمة سامية معناها صخر، لأن ساحلها على البحر الأبيض قد تم ربطهُ بجزيرة صخرية مقابله على بعد نصف ميل، وقد ذكرت في (يش19: 29) كمدينة محصنة على حدود نصيب سبط أشير وفي أيام داود وسليمان كانت علاقة حيرام ملكها بهما طيبة، وقد أمدهما ببعض مواد البناء (2 صم 5: 11، امل5: 1).

ولكن صور أصبحت بعد ذلك معادية لليهود، فقد سلم الصوريون بني إسرائيل إلى أدوم وباعوهم عبيداً لليونانيين (عا 1: 9 و يؤ3: 5 ، 6 ) وقد حاصرها نبوخذنصر الثاني 13 سنة وكاد يدمرها تماماً، فتحققت نبوة حزقيال في مرحلتها الأولى ولما جاء الأسكندر الأكبر بنى الجسر الذي ربط جزأي المدينة وغزاها وقتل من سكانها 8000 نفس وباع الآخرين رقيقاً، وإستحضر لها بعض السكان، وأقام عليها حاكماً، وبذلك تحققت نبوة حزقيال الواردة بهذا الإصحاح تماماً

وينقسم هذا الإصحاح إلى :

1.   خطية صور وموقف الله منها (عد1-6).

2.   النبوة عن عقابها (عد7-14)

3.   تأثير مصيرها على الأمم (عد15-18)

4.   هبوطها إلى شيؤول (عد 19-21)

أولاً: خطية صور وموقف الله منها (عد1-6)

"11وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, مِنْ أَجْلِ أَنَّ صُورَ قَالَتْ عَلَى أُورُشَلِيمَ: هَهْ! قَدِ انْكَسَرَتْ مَصَارِيعُ الشُّعُوبِ. قَدْ تَحَوَّلَتْ إِلَيَّ. أَمْتَلِئُ إِذْ خَرِبَتْ. 3لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكِ يَا صُورُ فَأُصْعِدُ عَلَيْكِ أُمَماً كَثِيرَةً كَمَا يُعَلِّي الْبَحْرُ أَمْوَاجَهُ. 4فَيَخْرِبُونَ أَسْوَارَ صُورَ وَيَهْدِمُونَ أَبْرَاجَهَا. وَأَسْحِي تُرَابَهَا عَنْهَا وَأُصَيِّرُهَا ضِحَّ الصَّخْرِ. 5فَتَصِيرُ مَبْسَطاً لِلشِّبَاكِ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ, لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ. 6وَبَنَاتُهَا اللَّوَاتِي فِي الْحَقْلِ تُقْتَلُ بِالسَّيْفِ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

شمتت صور بأورشليم عند خرابها، وصاحت فرحة لأن " مَصَارِيعُ الشُّعُوبِ " قَدِ انْكَسَرَتْ - أي أن طريق القوافل التجارية أصبح مفتوحاً أمام صور، وتحولت القوافل إليها فتوقعت الإزدهار والإمتلاء. لذلك يعلن الرب عن موقفه ضدها فيصعد عليها أمماً كثيرة تهاجمها كهجوم أمواج البحر فتسقط أسوارها وتنهار أبراجها، ويجرف ترابها عنها فتصير صخرة جرداء، وتتحول إلى مكان لنشر الشباك لتجفيفها، وتصير نهباً للأمم، وتقتل بناتها اللواتي في الحقل (أي ضواحيها) بالسيف، وقد جاء بتفسير لسفر حزقيال :

"هذه النبوة قد تمت حرفياً ، حتى أن الجزيرة الصخرية التي كانت تقوم عليها صور البحرية مازالت حتى اليوم في الحالة عينها المتنبأ بها هنا ، فهي مازالت مبسطاً لشباك الصيادين، وطالما كانت مثار دهشة لكثيرين ممن رأوها على مر القرون".

ثانياًالنبوة عن عقابها (عد7-14)

 " 7لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَى صُورَ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ مِنَ الشِّمَالِ مَلِكَ الْمُلُوكِ بِخَيْلٍ وَمَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ وَجَمَاعَةٍ وَشَعْبٍ كَثِيرٍ, 8فَيَقْتُلُ بَنَاتِكِ فِي الْحَقْلِ بِالسَّيْفِ, وَيَبْنِي عَلَيْكِ مَعَاقِلَ وَيَبْنِي عَلَيْكِ بُرْجاً وَيُقِيمُ عَلَيْكِ مِتْرَسَةً وَيَرْفَعُ عَلَيْكِ تُرْساً, 9وَيَجْعَلُ مَجَانِقَ عَلَى أَسْوَارِكِ وَيَهْدِمُ أَبْرَاجَكِ بِأَدَوَاتِ حَرْبِهِ. 10وَلِكَثْرَةِ خَيْلِهِ يُغَطِّيكِ غُبَارُهَا. مِنْ صَوْتِ الْفُرْسَانِ وَالْعَجَلاَتِ وَالْمَرْكَبَاتِ تَتَزَلْزَلُ أَسْوَارُكِ عِنْدَ دُخُولِهِ أَبْوَابَكِ كَمَا تُدْخَلُ مَدِينَةٌ مَثْغُورَةٌ. 11بِحَوَافِرِ خَيْلِهِ يَدُوسُ كُلَّ شَوَارِعِكِ. يَقْتُلُ شَعْبَكِ بِالسَّيْفِ فَتَسْقُطُ إِلَى الأَرْضِ أَنْصَابُ عِزِّكِ. 12وَيَنْهَبُونَ ثَرْوَتَكِ وَيَغْنَمُونَ تِجَارَتَكِ وَيَهُدُّونَ أَسْوَارَكِ وَيَهْدِمُونَ بُيُوتَكِ الْبَهِيجَةَ وَيَضَعُونَ حِجَارَتَكِ وَخَشَبَكِ وَتُرَابَكِ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ. 13وَأُبَطِّلُ قَوْلَ أَغَانِيكِ, وَصَوْتُ أَعْوَادِكِ لَنْ يُسْمَعَ بَعْدُ. 14وَأُصَيِّرُكِ كَضِحِّ الصَّخْرِ فَتَكُونِينَ مَبْسَطاً لِلشِّبَاكِ. لاَ تُبْنَيْنَ بَعْدُ, لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

تصف هذه الأعداد هول الحصار الذي يفرضه نبوخذراصر على صور بكل معداته الحربية الرهيبة، وصورة الخراب المروع الذي يصيب تلك المدينة التي يُقتل شعبها وتُنهب ثروتها، وتُهدم أسوارها فتتوقف أفراحها وتفقد عزها ، وتصبح أثراً بعد عين، وقد تمت هذه النبوة ولم يتجدد بناؤها كما كانت، وإن كانت قد بُنيت مدينة أخرى بنفس الإسم على البر، لكنها لا توازي شيئاً بالنسبة لمدينة البحر القديمة.

ثالثاًتأثير مصيرها على الأمم (عد15-18)

"15هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِصُورَ: أَمَا تَتَزَلْزَلُ الْجَزَائِرُ عِنْدَ صَوْتِ سُقُوطِكِ, عِنْدَ صُرَاخِ الْجَرْحَى, عِنْدَ وُقُوعِ الْقَتْلِ فِي وَسَطِكِ؟ 16فَتَنْزِلُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْبَحْرِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ وَيَخْلَعُونَ جُبَبَهُمْ وَيَنْزِعُونَ ثِيَابَهُمُ الْمُطَرَّزَةَ. يَلْبِسُونَ رَعْدَاتٍ وَيَجْلِسُونَ عَلَى الأَرْضِ وَيَرْتَعِدُونَ كُلَّ لَحْظَةٍ وَيَتَحَيَّرُونَ مِنْكِ. 17وَيَرْفَعُونَ عَلَيْكِ مَرْثَاةً وَيَقُولُونَ لَكِ: كَيْفَ بِدْتِ يَا مَعْمُورَةُ مِنَ الْبِحَارِ, الْمَدِينَةُ الشَّهِيرَةُ الَّتِي كَانَتْ قَوِيَّةً فِي الْبَحْرِ هِيَ وَسُكَّانُهَا الَّذِينَ أَوْقَعُوا رُعْبَهُمْ عَلَى جَمِيعِ جِيرَانِهَا؟ 18اَلآنَ تَرْتَعِدُ الْجَزَائِرُ يَوْمَ سُقُوطِكِ وَتَضْطَرِبُ الْجَزَائِرُ الَّتِي فِي الْبَحْرِ لِزَوَالِكِ "

كان سقوط صور كمركز تجاري هائل، لابد أن يكون له صداه البعيد المدى على المدن الساحلية البعيدة المشار إليها بالْجَزَائِرُ (عد 15، 18) والتي كانت تربطها بها روابط سياسية ودينية بجانب الروابط التجارية " فَتَنْزِلُ جَمِيعُ رُؤَسَاءِ الْبَحْرِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ " حزناً على كارثة سقوط صور، ويخلعون أرديتهم المطرزة ويلبسون الرعب ويجلسون على الأرض ويرثونها نائحين" كيف قضى عليك من بين البحار يا مدينة عامرة ، كانت قوية يوقع سكانها الرعب على جيرانها.

رابعاً: هبوطها إلى شيؤول (عد 19-21)

" لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: حِينَ أُصَيِّرُكِ مَدِينَةً خَرِبَةً كَالْمُدُنِ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ, حِينَ أُصْعِدُ عَلَيْكِ الْغَمْرَ فَتَغْشَاكِ الْمِيَاهُ الْكَثِيرَةُ, 20أُهْبِطُكِ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ, إِلَى شَعْبِ الْقِدَمِ, وَأُجْلِسُكِ فِي أَسَافِلِ الأَرْضِ فِي الْخِرَبِ الأَبَدِيَّةِ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ, لِتَكُونِي غَيْرَ مَسْكُونَةٍ وَأَجْعَلُ فَخْراً فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 21أُصَيِّرُكِ أَهْوَالاً وَلاَ تَكُونِينَ, وَتُطْلَبِينَ فَلاَ تُوجَدِينَ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

المقصود بهبوطها في الجب، هو إختفاء وجودها تماماً وعدم عودتها للظهور ، والمقصود بعبارة " وَأَجْعَلُ فَخْراً فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ " هو المقارنة بين مصير صور في الهاوية وبين ما ينتظر الأحياء على الأرض من رجاء مشرق مصحوب بالفخر والإعتزاز.

الإصحاح السابع والعشرون

يشتمل هذا الإصحاح على مرثاة نطق بها روح الله على لسان نبيه حزقيال موجهة إلى صور- وتشتمل على:

1.   المجد الذي كان لصور (عد1- 11)

2.   اتساع نطاق تجارتها (عد 12-24)

3.   مصيرها (عد 25-36)

أولاً : المجد الذي كان لصور (عد1-11)

وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى صُورَ, 3وَقُلْ لِصُورَ: أَيَّتُهَا السَّاكِنَةُ عِنْدَ مَدَاخِلِ الْبَحْرِ, تَاجِرَةُ الشُّعُوبِ إِلَى جَزَائِرَ كَثِيرَةٍ, هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: يَا صُورُ, أَنْتِ قُلْتِ: أَنَا كَامِلَةُ الْجَمَالِ. 4تُخُومُكِ فِي قَلْبِ الْبُحُورِ. بَنَّاؤُوكِ تَمَّمُوا جَمَالَكِ. 5عَمِلُوا كُلَّ أَلْوَاحِكِ مِنْ سَرْوِ سَنِيرَ. أَخَذُوا أَرْزاً مِنْ لُبْنَانَ لِيَصْنَعُوهُ لَكِ سَوَارِيَ. 6صَنَعُوا مِنْ بَلُّوطِ بَاشَانَ مَجَاذِيفَكِ. صَنَعُوا مَقَاعِدَكِ مِنْ عَاجٍ مُطَعَّمٍ فِي الْبَقْسِ مِنْ جَزَائِرِ كِتِّيمَ. 7كَتَّانٌ مُطَرَّزٌ مِنْ مِصْرَ هُوَ شِرَاعُكِ لِيَكُونَ لَكِ رَايَةً. الأَسْمَانْجُونِيُّ وَالأُرْجُوانُ مِنْ جَزَائِرِ أَلِيشَةَ كَانَا غِطَاءَكِ. 8أَهْلُ صَيْدُونَ وَإِرْوَادَ كَانُوا مَلاَّحِيكِ. حُكَمَاؤُكِ يَا صُورُ الَّذِينَ كَانُوا فِيكِ هُمْ رَبَابِينُكِ. 9شُيُوخُ جُبَيْلَ وَحُكَمَاؤُهَا كَانُوا فِيكِ قَلاَّفُوكِ. جَمِيعُ سُفُنِ الْبَحْرِ وَمَلاَّحُوهَا كَانُوا فِيكِ لِيُتَاجِرُوا بِتِجَارَتِكِ. 10فَارِسُ وَلُودُ وَفُوطُ كَانُوا فِي جَيْشِكِ, رِجَالَ حَرْبِكِ. عَلَّقُوا فِيكِ تُرْساً وَخُوذَةً. هُمْ صَيَّرُوا بَهَاءَكِ. 11بَنُو إِرْوَادَ مَعَ جَيْشِكِ عَلَى الأَسْوَارِ مِنْ حَوْلِكِ, وَالأَبْطَالِ كَانُوا فِي بُرُوجِكِ. عَلَّقُوا أَتْرَاسَهُمْ عَلَى أَسْوَارِكِ مِنْ حَوْلِكِ. هُمْ تَمَّمُوا جَمَالَكِ "

كانت خطية صور هي غرورها بجمالها وثقتها بغناها، وهي هنا تُشَبَّه بسفينة قائمة عند مداخل البحر، أقامت علاقاتها التجارية بمختلف الأمم ترى في نفسها جمالاً كاملاً إذ كانت ألواحها من "سرو سنير" أى خشب السرو من " سنير " وهو إسم جبل حرمون كما كان يسميه الأموريون (تث 3: 9) وصنعت سواريها من أرز لبنان، ومجاذيفها من بلوط باشان، ومقاعدها من عاج مطعم في البقس (حجر ثمين) من جزائر كتيم (قبرص) وشراعها من كتان مصري مطرز، وغطاؤها من أسمانجوني وأرجوان من جزائر أليشة (جزء من جزيرة قبرص) وكان ملاحوها من صيدون وارواد (مدينة تقع على جزيرة مقابل سورية) وكان شيوخ جبيل ( مدينة ساحلية تقع على مسافة 20 ميلاً شمال بيروت) وحكماؤها هم قلافوها (القلاف هو لاصق ألواحها بالقار) وإستخدمت في جيشها رجال حرب من فارس ولود وفوط (يرجح أنهما في موقع ليبيا)

ثانياً: إتساع نطاق تجارتها (عد 12-24)

" 12تَرْشِيشُ تَاجِرَتُكِ بِكَثْرَةِ كُلِّ غِنًى. بِالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالْقَصْدِيرِ وَالرَّصَاصِ أَقَامُوا أَسْوَاقَكِ. 13يَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ هُمْ تُجَّارُكِ. بِنُفُوسِ النَّاسِ وَبِآنِيَةِ النُّحَاسِ أَقَامُوا تِجَارَتَكِ. 14وَمِنْ بَيْتِ تُوجَرْمَةَ بِالْخَيْلِ وَالْفُرْسَانِ وَالْبِغَالِ أَقَامُوا أَسْوَاقَكِ. 15بَنُو دَدَانَ تُجَّارُكِ. جَزَائِرُ كَثِيرَةٌ تُجَّارُ يَدِكِ. أَدُّوا هَدِيَّتَكِ قُرُوناً مِنَ الْعَاجِ وَالآبْنُوسِ. 16أَرَامُ تَاجِرَتُكِ بِكَثْرَةِ صَنَائِعِكِ. تَاجَرُوا فِي أَسْوَاقِكِ بِالْبَهْرَمَانِ وَالأُرْجُوانِ وَالْمُطَرَّزِ وَالْبُوصِ وَالْمُرْجَانِ وَالْيَاقُوتِ. 17يَهُوذَا وَأَرْضُ إِسْرَائِيلَ هُمْ تُجَّارُكِ. تَاجَرُوا فِي سُوقِكِ بِحِنْطَةِ مِنِّيتَ وَحَلاَوَى وَعَسَلٍ وَزَيْتٍ وَبَلَسَانٍ. 18دِمَشْقُ تَاجِرَتُكِ بِكَثْرَةِ صَنَائِعِكِ وَكَثْرَةِ كُلِّ غِنًى. بِخَمْرِ حَلْبُونَ وَالصُّوفِ الأَبْيَضِ. 19وَدَانُ وَيَاوَانُ قَدَّمُوا غَزْلاً فِي أَسْوَاقِكِ. حَدِيدٌ مَشْغُولٌ وَسَلِيخَةٌ وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ كَانَتْ فِي سُوقِكِ. 20دَدَانُ تَاجِرَتُكِ بِطَنَافِسَ لِلرُّكُوبِ. 21اَلْعَرَبُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ قِيدَارَ هُمْ تُجَّارُ يَدِكِ بِالْخِرْفَانِ وَالْكِبَاشِ وَالأَعْتِدَةِ. فِي هَذِهِ كَانُوا تُجَّارَكِ. 22تُجَّارُ شَبَا وَرَعْمَةَ هُمْ تُجَّارُكِ. بِأَفْخَرِ كُلِّ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَبِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ وَالذَّهَبِ أَقَامُوا أَسْوَاقَكِ. 23حُرَّانُ وَكِنَّةُ وَعَدَنُ تُجَّارُ شَبَا وَأَشُّورَ وَكِلْمَدَ تُجَّارُكِ. 24هَؤُلاَءِ تُجَّارُكِ بِنَفَائِسَ بِأَرْدِيَةٍ أَسْمَانْجُونِيَّةٍ وَمُطَرَّزَةٍ وَأَصْوِنَةٍ مُبْرَمٍ مَعْكُومَةٍ بِالْحِبَالِ مَصْنُوعَةٍ مِنَ الأَرْزِ بَيْنَ بَضَائِعِكِ "

إتسعت دائرة تعامل صور تجارياً مع بلاد كثيرة ، يذكر حزقيال أسماءها في زمانه، ولعل بعضها قد زال ولم يعد معروفاً الآن:

-      إستوردت المعادن من ترشيش- وربما كانت أسبانيا أو جزر بريطانيا .

-      تاجرت في الرقيق وآنية النحاس مع ياوان (اليونان) وتوبال وماشك (روسيا).

-      كان لها أسواق الخيل والفرسان والبغال من بيت توجرمة (أرمينيا).

-      تلقت هدايا هي قرون عاجية من بني ددان (ربما كانت بالجزيرة العربية قرب ساحل البحر الأحمر).

-      راجت أسواقها بالبهرمان (حجر كريم) والأرجوان والمطرز والبوص (حرير أو كتان) والمرجان والياقوت عن طريق تجار أرام (سورية).

-      تاجرت يهوذا وإسرائيل معها بحنطة منيت (مدينة عمونية إشتهرت بالقمح- قض 11: 33، 2أيام 17: 5) وحلاوى وعسل وزيت وبلسان.

-      دمشق تبادلت معها بضائعها مقابل خمرة حلبون (مدينة في سوريا) والصوف الأبيض.

-      كان في أسواقها غزل، وحديد مشغول وسليخة وقصب الذريرة (نوعان من الأطياب) من ددان وياوان.

-      ددان تاجرتها بطنافس (مفردها طنفسة أي سجادة ) للركوب.

-      تاجر العرب معها بالخرفان والكباش والأعتدة (مفردها عتود وهو التيس).

-      تجار شبا (حضرموت) ورعمة (جنوب بلاد العرب) جلبوا لها أفخر كل أنواع الطيب والأحجار الكريمة والذهب.

-      تعاملت مع تجار حران (حاران) وكنة (لعلها كانت بالقرب من حاران) وعدن وشبا وأشور وكلمد (مدينة غير معروفة) بنفائس وأردية أسمانجونية ومطرزة وأصونه (جمع صوان وهو لحفظ الثياب) مبرم (مبرومة الخيوط) معكومة (مشدودة).

ثالثاً: مصيـرهـا (عد 25-36)

" 25سُفُنُ تَرْشِيشَ قَوَافِلُكِ لِتِجَارَتِكِ, فَامْتَلَأْتِ وَتَمَجَّدْتِ جِدّاً فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. 26مَلاَّحُوكِ قَدْ أَتُوا بِكِ إِلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. كَسَرَتْكِ الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. 27ثَرْوَتُكِ وَأَسْوَاقُكِ وَبِضَاعَتُكِ وَمَلاَّحُوكِ وَرَبَابِينُكِ وَقَلاَّفُوكِ وَالْمُتَاجِرُونَ بِمَتْجَرِكِ وَجَمِيعُ رِجَالِ حَرْبِكِ الَّذِينَ فِيكِ وَكُلُّ جَمْعِكِ الَّذِي فِي وَسَطِكِ يَسْقُطُونَ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ فِي يَوْمِ سُقُوطِكِ. 28مِنْ صَوْتِ صُرَاخِ رَبَابِينِكِ تَتَزَلْزَلُ الْمَسَارِحُ. 29وَكُلُّ مُمْسِكِي الْمِجْدَافِ وَالْمَلاَّحُونَ وَكُلُّ رَبَابِينِ الْبَحْرِ يَنْزِلُونَ مِنْ سُفُنِهِمْ وَيَقِفُونَ عَلَى الْبَرِّ 30وَيُسْمِعُونَ صَوْتَهُمْ عَلَيْكِ وَيَصْرُخُونَ بِمَرَارَةٍ وَيُذَرُّونَ تُرَاباً فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ وَيَتَمَرَّغُونَ فِي الرَّمَادِ. 31وَيَجْعَلُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ قَرْعَةً عَلَيْكِ, وَيَتَنَطَّقُونَ بِالْمُسُوحِ وَيَبْكُونَ عَلَيْكِ بِمَرَارَةِ نَفْسٍ نَحِيباً مُرّاً. 32وَفِي نَوْحِهِمْ يَرْفَعُونَ عَلَيْكِ مَنَاحَةً وَيَرْثُونَكِ, وَيَقُولُونَ: أَيَّةُ مَدِينَةٍ كَصُورَ كَالْمُسْكَتَةِ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ؟ 33عِنْدَ خُرُوجِ بَضَائِعِكِ مِنَ الْبِحَارِ أَشْبَعْتِ شُعُوباً كَثِيرِينَ. بِكَثْرَةِ ثَرْوَتِكِ وَتِجَارَتِكِ أَغْنَيْتِ مُلُوكَ الأَرْضِ. 34حِينَ انْكِسَارِكِ مِنَ الْبِحَارِ فِي أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ سَقَطَ مَتْجَرُكِ وَكُلُّ جَمْعِكِ. 35كُلُّ سُكَّانِ الْجَزَائِرِ يَتَحَيَّرُونَ عَلَيْكِ, وَمُلُوكِهِنَّ يَقْشَعِرُّونَ اقْشِعْرَاراً. يَضْطَرِبُونَ فِي الْوُجُوهِ. 36اَلتُّجَّارُ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَصْفِرُونَ عَلَيْكِ فَتَكُونِينَ أَهْوَالاً, وَلاَ تَكُونِينَ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ "

هنا يصف حزقيال النبي نهاية صور وزوال ماضي مجدها وفخرها، وإذ وصفها بالسفينة ، فهو أيضاُ يصف خرابها بأيدي ملاحيها، أي أن خرابها كان عتيداً أن يتم عن طريق سكانها، إنها كسفينة تحطمها الريح الشرقية في عمق البحر فلا تنفعها تجارتها الرابحة، إذ تغوص مبانيها الفخمة في قلب البحر عند دمارها. وعندئذ ينوح عليها ملاحوا السفن وتجارها ويرثونها بمرارة، ذاكرين ماضيها الذي فيه أشبعت شعوباً، وأغنت ملوكاً .. وتنتاب الحيرة سكان الجزائر وملوكهن يقشعرون ويضطربون .. وتجار الشعوب يصفرون مندهشين أمام هذا المصير الرهيب.

تعليق روحي:

إن هذه الصورة المريعة لزوال أمجاد صور، إنما تحدثنا عن نهاية كل مجد عالمي باطل، يقوم على الماديات الزائلة " بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ " (سِفْرُ الْجَامِعَةِ).

الإصحاح الثامن والعشرون

بهذا الإصحاح يختتم حزقيال نبوته على صور وهو هنا يتناول ملكها الذي عُرِف في التاريخ بإسم “ Ithobal II ” ويحتل هذا الإصحاح مكانة هامة بالنسبة لمفسري الكتاب المقدس وقد إختلفت مواقفهم بين التفسير الحرفي الذي يطبق الصفات الواردة هنا تطبيقاً حرفياً على ملك صور، وبين التفسير الرمزي الذي يرى أصحابه في تلك الأوصاف إشارة إلى إبليس وسقوطه، أو ضد المسيح ونهايته.

ويشتمل هذا الإصحاح على:

1.   دينونة ملك صور (عد1-10)

2.   مرثاة عليه (عد11-19)

3.   نبوة على صيدون (عد 20-23)

4.   مستقبل شعب الله (عد 24-26)

أولاً : دينونة ملك صور (عد1-10

"1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلَهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ, وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ. 3هَا أَنْتَ أَحْكَمُ مِنْ دَانِيآلَ! سِرٌّ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ! 4وَبِحِكْمَتِكَ وَبِفَهْمِكَ حَصَّلْتَ لِنَفْسِكَ ثَرْوَةً, وَحَصَّلْتَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي خَزَائِنِكَ! 5بِكَثْرَةِ حِكْمَتِكَ فِي تِجَارَتِكَ كَثَّرْتَ ثَرْوَتَكَ, فَارْتَفَعَ قَلْبُكَ بِسَبَبِ غِنَاكَ! 6فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ, 7لِذَلِكَ هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ غُرَبَاءَ, عُتَاةَ الأُمَمِ, فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى بَهْجَةِ حِكْمَتِكَ وَيُدَنِّسُونَ جَمَالَكَ. 8يُنَزِّلُونَكَ إِلَى الْحُفْرَةِ فَتَمُوتُ مَوْتَ الْقَتْلَى فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. 9هَلْ تَقُولُ قَوْلاً أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلَهٌ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ؟ 10مَوْتَ الْغُلْفِ تَمُوتُ بِيَدِ الْغُرَبَاءِ, لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

أمر الرب نبيه حزقيال أن يوجه إلى ملك صور أقسى كلمات الإنتهار والدينونة، ونلاحظ في العدد الأول لقب "رَئِيسِ صُورَ" وفي (عد12)" مَلِكِ صُورَ " ويعتبرهما البعض شخصاً واحداً وآخرون أن الأول يشير إلى "ضد المسيح" والثاني إلى " إبليس" ، وتتجلى كبرياء ملك صور في إدعائه أنه إله، وهذا يقابله ما ذكره أشعياء عن ملك بابل ( 14: 13، 14) وما قاله الصوريون والصيداويون عن هيرودس أغريباس ( أع 12: 21-23 ) وما يقوله ضد المسيح (2تس 2: 4)، كما تتجلى كبرياؤه في إدعائه الحكمة ومعرفة جميع الأسرار أكثر من دانيال، وبهذه الحكمة حصل على الثروة من الذهب والفضة في خزائنه وهكذا إرتفع قلبه بسبب غناه فينذره الرب بهجوم عليه من غُرَبَاءَ, عُتَاةَ (جمع عاتي أي جبار) الأمم فيجردون سيوفهم على بهاء حكمته ويدنسون جماله (والإشارة هنا إلى بهاء وجمال مدينته التي نسب مجدها إلى حكمته) ويطرحونه إلى الهاوية فيموت موت القتلى في أعماق البحار، وأمام قاتليه لا يستطيع القول عن نفسه إنه إله وهو ليس كذلك بل إنسان في يد طاعنيه ، وهكذا يموت كالغلف بيد الغرباء حسب كلام الرب.

ثانياً: مرثاة عليه (عد11-19)

"11وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 12يَا ابْنَ آدَمَ, ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ, مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ. 13كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللَّهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ, عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. 14أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ. وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللَّهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. 15أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ. 16بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْماً فَأَخْطَأْتَ. فَأَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللَّهِ وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ النَّارِ. 17قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ. أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ. 18قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ, فَأُخْرِجُ نَاراً مِنْ وَسَطِكَ فَتَأْكُلُكَ, وَأُصَيِّرُكَ رَمَاداً عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ يَرَاكَ. 19فَيَتَحَيَّرُ مِنْكَ جَمِيعُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ وَتَكُونُ أَهْوَالاً وَلاَ تُوجَدُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ "

قامت آراء مختلفة حول تفسير هذا الفصل :

-      فظن البعض أن حزقيال قد اقتبس قصة شائعة من كائن بدائي كان في جنة عدن وطُرد منها بسبب الكبرياء، وقد طبقها حزقيال على ملك صور.

-      وقال آخرون أنها قصة السقوط التي وردت بسفر التكوين، وقد صيغت بأسلوب آخر.

-      ويميل البعض إلى إعتبارها تخص ملك صور مع تأويل عباراتها بما يقابلها من تشبيهات مجازية.

-      وهناك يعتبرونها وصفاً لسقوط الشيطان، كما جاء في (اش ص 14) أو تعبيراً عن روح الشر الذي عمل به إبليس في ملك صور وبحسب هذا الرأي الأخير وُصِفت حالة إبليس قبل سقوطه بأنه خاتم الكمال وملآن حكمة وكامل الجمال وكان في جنة عدن بمعنى أنه كان في حال البهجة (عدن معناها بهجة) وكان حجابه من الأحجار الكريمة كناية عن الأمجاد التي يتمتع بها سابقاً ويوصف بأنه الكروب المنبسط المظلل، أي أنه كان ملاكاً واقفاً أمام عرش الله، وقد أُقيم على جبل الله المقدس أي في أعالي السموات،متمشياً بين حجارة النار، إشارة إلى طبيعته النارية، وقد قيل عن الرب أنه "نار آكلة" (عب 12: 29) إلا أن قلبه إرتفع بالكبرياء، والنتيجة هي طرحه وسقوطه، وقد أعلن رب المجد ذلك بقوله " رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء" (لو 10: 18)

-      وتربط الأعداد (17-19) سقوط إبليس بملك صور، الذي كان عتيداً أن يطرح إلى الأرض ويباد ذكره.

ثالثاً: نبوة على صيدون (عد 20-23)

" 20وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 21يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ صَيْدُونَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهَا 22وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسَطِكِ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي فِيهَا أَحْكَاماً وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا. 23وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَماً إِلَى أَزِقَّتِهَا وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسَطِهَا بِالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

قامت العداوة قديماً بين صيدون وبني إسرائيل (قض 10: 12) وهنا أنذرها الرب بأنه سيجري عليها أحكامه، فيضربها بالوبأ والقتل من كل جانب. وقد تمت هذه النبوة سنة 351 ق. م. وأعيد بناؤها كمدينة ساحلية صغيرة عرفت بإسم صيدا ، هذا ولا تفوتنا إشارة السيد المسيح إلى صور وصيدا في مقارنتهما بالمدن الأُخرى التي أجرى فيها معجزاته (مر3: 8، 7: 24 ، لو10: 13)

رابعاً: مستقبل شعب الله (عد 24-26)

" 24فَلاَ يَكُونُ بَعْدُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ سُلاَّءٌ مُمَرِّرٌ وَلاَ شَوْكَةٌ مُوجِعَةٌ مِنْ كُلِّ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ. 25عِنْدَمَا أَجْمَعُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ, وَأَتَقَدَّسُ فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ, يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِعَبْدِي يَعْقُوبَ, 26وَيَسْكُنُونَ فِيهَا آمِنِينَ وَيَبْنُونَ بُيُوتاً وَيَغْرِسُونَ كُرُوماً وَيَسْكُنُونَ فِي أَمْنٍ عِنْدَمَا أُجْرِي أَحْكَاماً عَلَى جَمِيعِ مُبْغِضِيهِمْ مِنْ حَوْلِهِمْ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ "

يأتي وعد الله بجمع شعبه المتفرق في دائرة الإيمان فيتقدس إسمه فيهم.

الإصحاح التاسع والعشرون

يتناول هذا الإصحاح والإصحاحات الثلاثة التالية نبوات حزقيال النبي على فرعون وعلى مصر ، وكان تاريخها في الفترة ما بين 586- 585 ق.م. ماعدا الجزء المذكور في (ص29: 17-21) الذي كان تاريخه 571 ق.م. وفي أيام حزقيال النبي- كما في أيام أشعياء النبي- كان هناك بين كل من مصر وبلاد ما بين النهرين صراع عنيف ( 2مل18: 21 ، أش20: 5 ، أر37: 5-10 ) وكان نبوخذ نصر قد هزم فرعون نخو عند كركميش سنة 605 ق.م. ، وخلف بسمتيك الثاني نخو ومات سنة 588 ق.م. وجاء فرعون خفرع، الذي يدعوه هيرودت ابريس ، وحاصر صور وصيدون ، وأخضع بلاد فينيقية ، ولكن إنقساماً وقع بعد ذلك في مملكته وقامت فتن وحروب زحف في أثنائها نبوخذ نصر في جيش عظيم على مصر ففتحها وهدم هياكل آلهتها وكان أرميا قد تنبأ عن خفرع بوقوعه في يد أعدائه وليد طالبى نفسه ، وقد عزله أمازيس وقَُتِلَ بعد ذلك ، وحكم الملك امازيس بعد ذلك، وقد تمرد على مملكة فارس وجاء بعده بسمتيك الثالث الذي في عهده زحف قمبيز بن كورش ملك فارس بجيوشه الضخمة إلى مصر وفتحها بعد حروب كثيرة وذاقت مصر ويلات الفاتحين وانتهى بذلك حكم الفراعنة إذ أصبحت مصر تحت حكم الفرس ثم اليونان ثم الرومان .

ويشتمل هذا الإصحاح على:

1.   فرعون تمساح مصر ( عد1-7 )

2.   نبوتين على مصر    ( عد 8-16 )

3.   غزو نبوخذ نصر لمصر (عد17-21)

أولاً: فرعون تمساح مصر ( عد1-7 )

"1فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الْعَاشِرِ كَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ وَعَلَى مِصْرَ كُلِّهَا. 3تَكَلَّمْ وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ, التِّمْسَاحُ الْكَبِيرُ الرَّابِضُ فِي وَسَطِ أَنْهَارِهِ, الَّذِي قَالَ: نَهْرِي لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ لِنَفْسِي. 4فَأَجْعَلُ خَزَائِمَ فِي فَكَّيْكَ وَأُلْزِقُ سَمَكَ أَنْهَارِكَ بِحَرْشَفِكَ, وَأُطْلِعُكَ مِنْ وَسَطِ أَنْهَارِكَ وَكُلُّ سَمَكِ أَنْهَارِكَ مُلْزَقٌ بِحَرْشَفِكَ. 5وَأَتْرُكُكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَنْتَ وَجَمِيعَ سَمَكِ أَنْهَارِكَ. عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ تَسْقُطُ فَلاَ تُجْمَعُ وَلاَ تُلَمُّ. بَذَلْتُكَ طَعَاماً لِوُحُوشِ الْبَرِّ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ. 6وَيَعْلَمُ كُلُّ سُكَّانِ مِصْرَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِمْ عُكَّازَ قَصَبٍ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 7عِنْدَ مَسْكِهِمْ بِكَ بِالْكَفِّ انْكَسَرْتَ وَمَزَّقْتَ لَهُمْ كُلَّ كَتِفٍ, وَلَمَّا تَوَكَّأُوا عَلَيْكَ انْكَسَرْتَ وَقَلْقَلْتَ كُلَّ مُتُونِهِمْ "

يرجع تاريخ هذه النبوة إلى سنة ويومين من بعد زحف نبوخذ نصر على أورشليم ( ص24: 1 ، 2  و 2مل 25: 1 ) وقبل خرابها بسبعة أشهر (2مل 25: 3-8) وفرعون المذكور هنا هو خفرع الذي حكم مصر من 588 إلى 569 ق.م. وكان حفيداً لنخاو الذي هزم يوشيا ملك يهوذا عند  مجدو (2 أيام35: 21-27).

وقد طلب صدقيا ملك يهوذا مساعدة فرعون خفرع ، فرفع الكلدانيون الحصار عن أورشليم، ولكنهم عادوا لحصارها بعد انسحاب المصريين وقد عُرِف فرعون خفرع بالكبرياء، وقال هيرودت أنه كان يدعي بعدم قدرة الآلهة على إسقاطه، وها هو يوصف هنا بالتمساح الكبير الرابض في وسط أنهاره والذي قال نهري لي وأنا عملته بنفسي وبسبب كبريائه كان الخراب آتياً عليه وعلى شعبه لكي يعرف سكان مصر أن بني إسرائيل قد إتكلوا على قصبة مرضوضه عندما طلبوا تحالفهم مع فرعون وها هي يد الرب على فرعون المتشامخ ، فتوضع خزائم في فكيه ويصير طعاماً لوحوش البر ولطيور السماء، بعكس ما كان عند المصريين من تكريم لجثث موتاهم ، فكانوا يبنون لها المقابر والأهرامات.

ثانياً: نبوتين على مصر (عد 8-16)   

"8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ سَيْفاً, وَأَسْتَأْصِلُ مِنْكَ الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ. 9وَتَكُونُ أَرْضُ مِصْرَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ لأَنَّهُ قَالَ: النَّهْرُ لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ. 10لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَنْهَارِكَ, وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَباً خَرِبَةً مُقْفِرَةً مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ إِلَى تُخُمِ كُوشَ. 11لاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ, وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ, وَلاَ تُسْكَنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 12وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ مُقْفِرَةً فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ, وَمُدُنَهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ تَكُونُ مُقْفِرَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُبَدِّدُهُمْ فِي الأَرَاضِي. 13لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَشَتَّتُوا بَيْنَهُمْ 14وَأَرُدُّ سَبْيَ مِصْرَ, وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ, وَيَكُونُونَ هُنَاكَ مَمْلَكَةً حَقِيرَةً. 15تَكُونُ أَحْقَرَ الْمَمَالِكِ فَلاَ تَرْتَفِعُ بَعْدُ عَلَى الأُمَمِ, وَأُقَلِّلُهُمْ لِكَيْلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَى الأُمَمِ. 16فَلاَ تَكُونُ بَعْدُ مُعْتَمَداً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ, مُذَكِّرَةَ الإِثْمِ بِانْصِرَافِهِمْ وَرَاءَهُمْ, وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ "

لعل هذه النبوة قد تمت بعد إصدارها بحوالي سبع عشرة سنة ، فإختبر فرعون وشعبه أهوال الحرب والخراب ، وعم الخراب البلاد من مجدل في الشمال إلى أسوان في الجنوب ، إلى تخم كوش (بلاد النوبة) أما عن الأربعين سنة فهي كانت تقريباً ما بين غزو نبوخذ نصر وغزو قمبيز ، وكانت مصر خلالها تحت حكم وإستعباد ملوك بابل ، وكان نبوخذ نصر قد سبى كثيرين من المصريين، ولاشك أن كثيرين منهم هربوا إلى البلاد المجاورة ويقول حزقيال بلسان الرب أن هذا التأديب كان مؤقتاً، فبعد هذه المدة يجمع الرب شمل المصريين المشتتين ويرجعهم إلى بلادهم.

ثالثاً: غزو نبوخذ نصر لمصر ( عد17-21 )

"17وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 18يَا ابْنَ آدَمَ, إِنَّ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ اسْتَخْدَمَ جَيْشَهُ خِدْمَةً شَدِيدَةً عَلَى صُورَ. كُلُّ رَأْسٍ قَرِعَ, وَكُلُّ كَتِفٍ تَجَرَّدَتْ, وَلَمْ تَكُنْ لَهُ وَلاَ لِجَيْشِهِ أُجْرَةٌ مِنْ صُورَ لأَجْلِ خِدْمَتِهِ الَّتِي خَدَمَ بِهَا عَلَيْهَا. 19لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَبْذُلُ أَرْضَ مِصْرَ لِنَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ فَيَأْخُذُ ثَرْوَتَهَا وَيَغْنَمُ غَنِيمَتَهَا وَيَنْهَبُ نَهْبَهَا فَتَكُونُ أُجْرَةً لِجَيْشِهِ. 20قَدْ أَعْطَيْتُهُ أَرْضَ مِصْرَ لأَجْلِ شُغْلِهِ الَّذِي خَدَمَ بِهِ لأَنَّهُمْ عَمِلُوا لأَجْلِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 21فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُنْبِتُ قَرْناً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. وَأَجْعَلُ لَكَ فَتْحَ الْفَمِ فِي وَسَطِهِمْ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

هذه الآيات الأخيرة من هذا الإصحاح تصف إتمام النبوة بالتحديد فبعد سبع عشرة سنة من إعطاء النبوة السابقة ، إستخدم الرب نبوخذ نصر لإتمامها وقد أعطاه مصر كأجرة أو مكافأة له على ما فعله من نقمة على ملك صور الذي كان قد أساء إلى أورشليم ، فأثار الرب نبوخذ نصر ضد صور وحاربها، وكافأه الرب بخيرات مصر وهكذا نرى يد الرب تعمل وتوجه الأحداث بين الشعوب والممالك وتجريها في إتجاهات لإتمام مقاصد الله.

ويختتم هذا الإصحاح بوعد، وهو أن ينبت قرن لخلاص شعبه ويفتح فم حزقيال نبيه لإعلان هذا الخلاص لبني أمته "فيعلمون إني أنا الرب" ولعل هذا القرن كان على المدى البعيد يشير إلى " قرن الخلاص " الذي نطق به زكريا عندما ولد إبنه يوحنا المعمدان الذي أعد الطريق أمام المسيح ( لو 1: 69 ).

الإصحاح الثلاثون

يواصل حزقيال النبي نبواته عن فرعون مصر ويشتمل على خمسة أقسام:

1.   دينونة مصر والأمم المجاورة لها ( عد1-5 ).

2.   الأرض المقفرة ( عد6-9 ).

3.   نبوخذ نصر أداة عقاب ( عد10-12 )

4.   إبادة أصنامها ( عد 13-19 )

5.   انكسار فرعون بيد ملك بابل ( عد 20-26 )

أولاً: دينونة مصر والأمم المجاورة لها (عد1-5)

"1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَلْوِلُوا: يَا لَلْيَوْمِ! 3لأَنَّ الْيَوْمَ قَرِيبٌ. وَيَوْمٌ لِلرَّبِّ قَرِيبٌ يَوْمُ غَيْمٍ. يَكُونُ وَقْتاً لِلأُمَمِ. 4وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ, وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ, وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا. 5يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ اللَّفِيفِ, وَكُوبُ وَبَنُو أَرْضِ الْعَهْدِ "

يستهل هذا الإصحاح بذكر " يَوْمٌ لِلرَّبِّ " – أي يوم غضب وقضاء ودينونة على مصر وبعض الأمم (وقت للأمم)- ويصفه بأنه يوم غيم ، أي يوم مهول ومخيف ويذكر الرب أسماء بعض الأمم التي سيحل عليها مع مصر سيف العقاب:

-      كوش : وهي الحبشة، وسيقع الرعب عليها عند سقوط قتلى مصر.

-      فوط ولود: كانا غرب مصر.

-      كوب: ربما كانت بلاد النوبة.

-      بنو أرض العهد: اليهود الذين إلتجأوا إلى مصر وأقاموا فيها.

ثانياً: الأرض المقفرة ( عد6-9 )

"6هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: وَيَسْقُطُ عَاضِدُو مِصْرَ وَتَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا. مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ يَسْقُطُونَ فِيهَا بِالسَّيْفِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 7فَتُقْفِرُ فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ, وَتَكُونُ مُدُنُهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ. 8فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ إِضْرَامِي نَاراً فِي مِصْرَ وَيُكْسَرُ جَمِيعُ أَعْوَانِهَا. 9فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِي رُسُلٌ فِي سُفُنٍ لِتَخْوِيفِ كُوشَ الْمُطْمَئِنَّةِ, فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي يَوْمِ مِصْرَ. لأَنَّهُ هُوَذَا يَأْتِي "

يذكر هنا مدناً معينة كانت في مصر، وكانت عتيدة أن يصيبها القصاص لكي يكسر كبرياءها فمن الشمال (مجدل) إلى الجنوب (أسوان) كان الناس سيسقطون قتلى السيف وتصير الأرض مقفرة والمدن خربة فيعرف الناس قدرة الرب ، إذ تشتعل نار غضب الله ، وينكسر جميع حلفائها وتنطلق هذه الأخبار – كأنها رسل في سفن- إلى كوش المطمئنة فيأتي عليها خوف عظيم وهكذا يكون سقوط فرعون نذير خطر وتهديد لكوش.

ثالثاً: نبوخذ نصر أداة عقاب ( عد10-12 )

"10هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُبِيدُ ثَرْوَةَ مِصْرَ بِيَدِ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ. 11هُوَ وَشَعْبُهُ مَعَهُ عُتَاةُ الأُمَمِ يُؤْتَى بِهِمْ لِخَرَابِ الأَرْضِ, فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى مِصْرَ وَيَمْلأُونَ الأَرْضَ مِنَ الْقَتْلَى. 12وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ وَأُخْرِبُ الأَرْضَ وَمِلأَهَا بِيَدِ الْغُرَبَاءِ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ "

تجتاح جيوش نبوخذ نصر ملك بابل أرض مصر  ، فتزول ثروتها ، إذ أن رجاله العتاة يجردون سيوفهم على مصر ، فتمتلئ الأرض من القتلى وتجف روافد النهر (فروع الدلتا)، وتباع الأرض للأشرار والغرباء ويرث هؤلاء الغرباء ما كان لسكان وشعب مصر.

رابعاً: إبادة أصنامها (عد 13-19)

"13هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأُبِيدُ الأَصْنَامَ وَأُبَطِّلُ الأَوْثَانَ مِنْ نُوفَ. وَلاَ يَكُونُ بَعْدُ رَئِيسٌ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ, وَأُلْقِي الرُّعْبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. 14وَأُخْرِبُ فَتْرُوسَ وَأُضْرِمُ نَاراً في صُوعَنَ وَأُجْرِي أَحْكَاماً فِي نُوَ. 15وَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَى سِينَ حِصْنِ مِصْرَ, وَأَسْتَأْصِلُ جُمْهُورَ نُوَ. 16وَأُضْرِمُ نَاراً فِي مِصْرَ. سِينُ تَتَوَجَّعُ تَوَجُّعاً, وَنُوَ تَكُونُ لِلتَّمْزِيقِ وَلِنُوفَ ضِيقَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ. 17شُبَّانُ آوَنَ وَفِيبِسْتَةَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ وَهُمَا تَذْهَبَانِ إِلَى السَّبْيِ. 18وَيُظْلِمُ النَّهَارُ فِي تَحْفَنِيسَ عِنْدَ كَسْرِي أَنْيَارَ مِصْرَ هُنَاكَ. وَتَبْطُلُ فِيهَا كِبْرِيَاءُ عِزِّهَا. أَمَّا هِيَ فَتَغْشَاهَا سَحَابَةٌ وَتَذْهَبُ بَنَاتُهَا إِلَى السَّبْيِ. 19فَأُجْرِي أَحْكَاماً فِي مِصْرَ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

كانت مصر القديمة معقلاً للوثنية، وقد جاءت أحكام القضاء الإلهي على المدن التي تمركزت فيها تلك الأوثان الزائفة.

وقد ذكرت أولاً مدينة "نوف" (ممفيس)، وهي المدينة التي أقامها الملك مينا عندما وحد وجهى مصر، وكانت تقع قرب البدرشين الحالية وذكرت "فتروس" وهي عادة يقصد بها مصر العليا، و"صوعن" وكانت غالباً في الدلتا حيث كانت أرض جاسان التي أقام فيها بنو إسرائيل وهي الآن "صا الحجر".

وذكرت أيضاً "نو" وهي طيبة أو "الأقصر" الآن.

كما ذكرت "سين" ولعلها "تل الفرما" شمال شرق القنطرة.

وذكرت "آون" وهي التي أسماها اليونان "هليوبوليس"

وفيبستة ومكانها حالياً "تل بسطا" بجوار الزقازيق.

أما "تحفنحيس" فهي كانت في مكان يعرف حالياً بإسم "تل دفنة"- غرب مدينة القنطرة.

أما ما جاء في (عد 13) فهو بحسب الترجمة السبعينية "لأنه هكذا قال الرب الإله إني سأحطم شرفاء ممفيس وأمراءها من أرض مصر ولن يكونوا فيما بعد" ولعل كلمة "رئيس" تأتي هنا مرادفة لكلمة "صنم" حيث إن ذكرها هنا جاء بين الكلام عن أوثان نوف خاصة ومصر عامة.

خامساً: إنكسار فرعون بيد ملك بابل (عد 20-26)

" 20وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي السَّابِعِ مِنَ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ: 21يَا ابْنَ آدَمَ, إِنِّي كَسَرْتُ ذِرَاعَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ, وَهَا هِيَ لَنْ تُجْبَرُ بِوَضْعِ رَفَائِدَ وَلاَ بِوَضْعِ عِصَابَةٍ لِتُجْبَرَ فَتُمْسِكَ السَّيْفَ. 22لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ, وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ. 23وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي. 24وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ. وَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْ فِرْعَوْنَ فَيَئِنُّ قُدَّامَهُ أَنِينَ الْجَرِيحِ. 25وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ. أَمَّا ذِرَاعَا فِرْعَوْنَ فَتَسْقُطَانِ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِ مَلِكِ بَابِلَ فَيَمُدُّهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. 26وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

يعود النبي حزقيال إلى الكلام عن هزيمة فرعون، وكسر ذراعه بيد نبوخذ نصر ملك بابل، وما كان سيلحق بشعبة من تشتت.

الإصحاح الحادي والثلاثون

يشتمل هذا الإصحاح على مزيج من المجاز والحقيقة، ويشابه ما جاء في (ص 27) عن صور، كما يتكرر ذكر "جنة الله" و"عدن"، اللتين ورد ذكرهما في (ص28)، وقد تضمن من المعاني ما يتمشى مع (أش 14: 3-20)، ويدور محور الكلام فيه على زوال عظمة فرعون، ويرى معظم المفسرين أن الكلام هنا قد أشار إلى أشور التي قضى نبوخذ نصر على عظمتها، وكما حدث لها هكذا سيحدث أيضاً لفرعون:

وينقسم هذا الإصحاح إلى:

1.   وصف تعاظم فرعون (عد 1-9)

2.   السقوط نهاية الكبرياء (10-14)

3.   مصير فرعون وجمهوره (عد 15-18)

أولاً: وصف تعاظم فرعون (عد 1-9)

"1وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, قُلْ لِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَجُمْهُورِهِ: مَنْ أَشْبَهْتَ فِي عَظَمَتِكَ؟ 3هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ جَمِيلُ الأَغْصَانِ وَأَغْبَى الظِّلِّ وَقَامَتُهُ طَوِيلَةٌ وَكَانَ فَرْعُهُ بَيْنَ الْغُيُومِ. 4قَدْ عَظَّمَتْهُ الْمِيَاهُ وَرَفَعَهُ الْغَمْرُ. أَنْهَارُهُ جَرَتْ مِنْ حَوْلِ مَغْرِسِهِ وَأَرْسَلَتْ جَدَاوِلَهَا إِلَى كُلِّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ. 5فَلِذَلِكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُهُ عَلَى جَمِيعِ أَشْجَارِ الْحَقْلِ, وَكَثُرَتْ أَغْصَانُهُ وَطَالَتْ فُرُوعُهُ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ إِذْ نَبَتَ. 6وَعَشَّشَتْ فِي أَغْصَانِهِ كُلُّ طُيُورِ السَّمَاءِ, وَتَحْتَ فُرُوعِهِ وَلَدَتْ كُلُّ حَيَوَانِ الْبَرِّ, وَسَكَنَ تَحْتَ ظِلِّهِ كُلُّ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ. 7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ, لأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ, السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ, وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ "

تتضمن هذه الأعداد قصيدة لحزقيال، يصور فيها فرعون وجمهوره بما يشبه شجرة أرز هائلة ترتفع أغصانها إلى السحاب، وترويها مياه الغمر، وقد عششت في أغصانها كل طيور السماء، وتحت فروعها ولدت كل حيوان البر، وتحت ظلها سكنت كل الأمم العظيمة، وفي عظمة هذه الأرزة تفوقت على أشجار جنة عدن جنة الله.

(عد1):

التاريخ المذكور هنا هو أول الشهر الثالث من السنة الحادية عشرة أي بعد التاريخ المذكور في (ص30: 20) بشهرين إلا ستة أيام، الذي أنبأ فيه حزقيال بكسر ذراع فرعون مصر، والتاريخ هنا يرجع إلى شهر يونيه سنة 586 ق.م. قبل سقوط أورشليم بشهرين تقريباً.

(عد 2):

كان على حزقيال النبي أن يخاطب فرعون وجمهوره بسؤال يستهل به تشبيهاً له في عظمته، وبنفس السؤال تقريباً يختتم هذا الإصحاح.

(عد3):

" هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ "

يتمسك البعض بترجمة  “ashshar erez” إلى " أرزة عالية " بينما ترجمت هذه الفقرة إلى " هوذا أشور كان أرزاً" (حاشية الكتاب المشوهد) والذين يأخذون بالقراءة الثانية يطبقون ما جاء في وصف تلك الأرزة الغير العادية على أشور التي زالت عظمتها على أيدي البابليين، كمثال لما كان عتيداً أن يحدث لفرعون مصر، ولكن يفضل الكثيرون الأخذ بالقراء الأولى إستناداً إلى ما جاء في (عد18) وتعني عبارة " أَغْبَى الظِّلِّ " كثيف الظل.

(عد4-9):

تأتي هذه الأعداد بأوصاف غير عادية لشجرة أرز جبارة عالمية تُصِوّر بطريقة مجازية كبرياء فرعون وتشامخه.

ومثل هذا التشبيه قد جاء في (دا ص4) الذي وصف فيه نبوخذ نصر بمثل هذه الشجرة، كما ذكر الرب يسوع مثل حبة الخردل التي نمت وصارت شجرة تأتي وتتآوى في أغصانها طيور السماء (مت 13: 31-32)، تشبيهاً لملكوت السموات.

ويشير إرتفاع الأرز (80 قدماً) إلى الكبرياء، والمياه والغمر تشير إلى مياه النيل ( أو نهري دجلة والفرات) ولعل "طيور السماء" (عد6) ترمز إلى الأمم التي خضعت إما لفرعون (أو لأشور).

ثانياً: السقوط نهاية الكبرياء (10-14)

"10لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُكَ وَقَدْ جَعَلَ فَرْعَهُ بَيْنَ الْغُيُومِ وَارْتَفَعَ قَلْبُهُ بِعُلُوِّهِ, 11أَسْلَمْتُهُ إِلَى يَدِ قَوِيِّ الأُمَمِ فَيَفْعَلُ بِهِ فِعْلاً. لِشَرِّهِ طَرَدْتُهُ. 12وَيَسْتَأْصِلُهُ الْغُرَبَاءُ عُتَاةُ الأُمَمِ وَيَتْرُكُونَهُ, فَتَتَسَاقَطُ قُضْبَانُهُ عَلَى الْجِبَالِ وَفِي جَمِيعِ الأَوْدِيَةِ, وَتَنْكَسِرُ قُضْبَانُهُ عِنْدَ كُلِّ أَنْهَارِ الأَرْضِ, وَيَنْزِلُ عَنْ ظِلِّهِ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ وَيَتْرُكُونَهُ. 13عَلَى هَشِيمِهِ تَسْتَقِرُّ جَمِيعُ طُيُورِ السَّمَاءِ, وَجَمِيعُ حَيَوَانِ الْبَرِّ تَكُونُ عَلَى قُضْبَانِهِ. 14لِكَيْلاَ تَرْتَفِعَ شَجَرَةٌ مَا وَهِيَ عَلَى الْمِيَاهِ لِقَامَتِهَا, وَلاَ تَجْعَلُ فَرْعَهَا بَيْنَ الْغُيُومِ, وَلاَ تَقُومُ بَلُّوطَاتُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً, لأَنَّهَا قَدْ أُسْلِمَتْ جَمِيعاً إِلَى الْمَوْتِ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى فِي وَسَطِ بَنِي آدَمَ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ "

يستخدم النبي بالتبادل ضميري المخاطب والغائب بما يتفق مع مزج الحقيقة بالمجاز، وارتفاع القلب (عد10) يوضح أن المقصود هو تشامخ الروح الذي شبهه بإرتفاع الأرز، و قَوِيِّ الأُمَمِ (عد 11) هو نبوخذ نصر الذي إستخدمه الرب لتنفيذ مقاصده الإلهية.

ويصف العددان (12، 13) نهاية خطية التجبر والكبرياء بسقوط وإندحار أصحابهما، فهم كشجرة الأرز التي كانت في قمة العلو والارتفاع، وقد هوت إلى الأرض فسقطت أغصانها على الجبال وفي الوديان وتحطمت فروعها، وهجرت ظلها كل شعوب الأرض، وعلى حطامها إستقرت طيور السماء، وعلى فروعها ربضت الحيوانات. وفي (عد 14) ينتقل حزقيال من المجاز إلى الحقيقة بإعطاء العبرة والدرس القاسي لكل من يُضرَب بضربة الكبرياء، فينزل إلى الهاوية.

ثالثاً: مصير فرعون وجمهوره (عد15-18)

"15فِي يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ أَقَمْتُ نَوْحاً. كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ وَمَنَعْتُ أَنْهَارَهُ وَفَنِيَتِ الْمِيَاهُ الْكَثِيرَةُ, وَأَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ, وَكُلُّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ ذَبُلَتْ عَلَيْهِ. 16مِنْ صَوْتِ سُقُوطِهِ أَرْجَفْتُ الأُمَمَ عِنْدَ إِنْزَالِي إِيَّاهُ إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ, فَتَتَعَزَّى فِي الأَرْضِ السُّفْلَى كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ مُخْتَارُ لُبْنَانَ وَخِيَارُهُ كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً. 17هُمْ أَيْضاً نَزَلُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَهُ, إِلَى الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ, وَزَرْعُهُ السَّاكِنُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ فِي وَسَطِ الأُمَمِ. 18مَنْ أَشْبَهْتَ فِي الْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ هَكَذَا بَيْنَ أَشْجَارِ عَدْنٍ؟ سَتُحْدَرُ مَعَ أَشْجَارِ عَدْنٍ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى, وَتَضْطَجِعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ الْمَقْتُولِينَ بِالسَّيْفِ. هَذَا فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

تصف هذه الأعداد بعبارات مليئة بالأسى ، ذلك المصير الأليم الذي ينتهي إليه فرعون وأعوانه، فهو ينزل إلى الهاوية بالنوح الذي يعم الطبيعة، ولعل المقصود بعبارة " كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ " انه كما يغطي الباكون رؤوسهم علامة على الحزن، هكذا صار الغمر الذي كان يروي الأرزة يكسوه بالحزن، وعند هبوطه إلى الهاوية "تتعزى كل أشجار عدن" أي تجد الأمم تعزيتها في مشاركة فرعون لها في هبوطها للهاوية وفي عبارة " تَضْطَجِعُ بَيْنَ الْغُلْفِ " تحقير لفرعون لأن المصريين كانوا يمارسون الختان.

الإصحاح الثاني والثلاثون

يشتمل هذا الأصحاح على قسمين يتناولان مرثاتين:

1.   مرثاة على نهاية فرعون وإندحاره (عد1-16).

2.   مرثاة على هبوط فرعون وجمهوره مع الأمم إلى الجب (عد17-32)

أولاً: مرثاة على هبوط فرعون وإندحاره (عد1-16)

يرجع تاريخ هذه المرثاة إلى ما جاء في ص31 بعشرين شهراً، أي بعد سقوط أورشليم (سنة 586 ق.م.) بثمانية عشر شهراً.

وفي هذه المرثاة نرى:

أ. القضاء على فرعون (عد 1-10).

ب. سيف ملك بابل عليه (عد11-16).

أ. القضاء على فرعون (عد 1-10)

"1وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَقُلْ لَهُ: أَشْبَهْتَ شِبْلَ الأُمَمِ وَأَنْتَ نَظِيرُ تِمْسَاحٍ فِي الْبِحَارِ. انْدَفَقْتَ بِأَنْهَارِكَ وَكَدَّرْتَ الْمَاءَ بِرِجْلَيْكَ وَعَكَّرْتَ أَنْهَارَهُمْ. 3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أَبْسُطُ عَلَيْكَ شَبَكَتِي مَعَ جَمَاعَةِ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ, وَهُمْ يُصْعِدُونَكَ فِي مِجْزَفَتِي 4وَأَتْرُكُكَ عَلَى الأَرْضِ وَأَطْرَحُكَ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ وَأُقِرُّ عَلَيْكَ كُلَّ طُيُورِ السَّمَاءِ وَأُشْبِعُ مِنْكَ وُحُوشَ الأَرْضِ كُلَّهَا. 5وَأُلْقِي لَحْمَكَ عَلَى الْجِبَالِ, وَأَمْلأُ الأَوْدِيَةَ مِنْ جِيَفِكَ. 6وَأَسْقِي أَرْضَ فَيَضَانِكَ مِنْ دَمِكَ إِلَى الْجِبَالِ, وَتَمْتَلِئُ مِنْكَ الآفَاقُ. 7وَعِنْدَ إِطْفَائِي إِيَّاكَ أَحْجُبُ السَّمَاوَاتِ وَأُظْلِمُ نُجُومَهَا, وَأُغْشِي الشَّمْسَ بِسَحَابٍ, وَالْقَمَرُ لاَ يُضِيءُ ضُوءَهُ. 8وَأُظْلِمُ فَوْقَكَ كُلَّ أَنْوَارِ السَّمَاءِ الْمُنِيرَةِ, وَأَجْعَلُ الظُّلْمَةَ عَلَى أَرْضِكَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 9وَأَغُمُّ قُلُوبَ شُعُوبٍ كَثِيرِينَ عِنْدَ إِتْيَانِي بِكَسْرِكَ بَيْنَ الأُمَمِ فِي أَرَاضٍ لَمْ تَعْرِفْهَا. 10وَأُحَيِّرُ مِنْكَ شُعُوباً كَثِيرِينَ, مُلُوكُهُمْ يَقْشَعِرُّونَ عَلَيْكَ اقْشِعْرَاراً عِنْدَمَا أَخْطِرُ بِسَيْفِي قُدَّامَ وُجُوهِهِمْ, فَيَرْجِفُونَ كُلَّ لَحْظَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي يَوْمِ سُقُوطِكَ "

(عد 2):

يُشّبه فرعون بشبل أسد في قوته وجبروته، كما يُشَّبه أيضاً بالتمساح الذي كَدَّر الماء برجليه وعَكَر الأنهار أي أزعج حياة الأمم حوله ويفيد تشبيهه بالأسد والتمساح معاً، أنه فرض قوته براً وبحراً.

(عد 3):

يستخدم الرب جماعة شعوب كثيرة لإصطياد فرعون، كما بشبكة (مجزفة) والشعوب الكثيرة تمثلت في جنود بابل.

(عد 4-6):

يتركه الرب على الأرض ويطرحه على وجه الحقل، أي أنه يفقد قوته كما يفقد السمك حياته بعيداً عن الماء، ويقر عليه كل طيور السماء ويشبع منه وحوش الأرض، أي يصير نهباً للناهبين، ويلقي لحمه على الجبال، ويملأ الأودية من جيفه، أي يصير فريسة لأعدائه، ويسقي الأرض من دم القتلى الذي يرتفع حتى يبلغ الجبال وتمتلئ منه الآفاق ، وهنا إشارة إلى الضربة الأولى التي أجراها الرب على يد موسى (خر 7: 19).

عد (7-8):

يتغير تشبيه فرعون هنا من حيوان بحري إلى "نجم" يطفئه الرب تعبيراً مجازياً عن زوال مجده، ويتبعه في ذلك إظلام النجوم وحجب ضوء الشمس والقمر وكل أنوار السماء، وهذه كلها تشير إلى قوى فرعون، وأصحاب السلطات والحكام من أعوانه الذين تزول عنهم مراكزهم وقوتهم.

(عد9-10):

يشير سقوط فرعون مشاعر الخوف والحيرة لدى الأمم المتاخمة لمصر، إذ يشعرون بدنو سقوطهم ودينونتهم.

ب. سيف ملك بابل عليه (عد11-16)

"11لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: سَيْفُ مَلِكِ بَابِلَ يَأْتِي عَلَيْكَ. 12بِسُيُوفِ الْجَبَابِرَةِ أُسْقِطُ جُمْهُورَكَ. كُلُّهُمْ عُتَاةُ الأُمَمِ فَيَسْلُبُونَ كِبْرِيَاءَ مِصْرَ وَيَهْلِكُ كُلُّ جُمْهُورِهَا. 13وَأُبِيدُ جَمِيعَ بَهَائِمِهَا عَنِ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ, فَلاَ تُكَدِّرُهَا مِنْ بَعْدُ رِجْلُ إِنْسَانٍ, وَلاَ تُعَكِّرُهَا أَظْلاَفُ بَهِيمَةٍ. 14حِينَئِذٍ أُنْضِبُ مِيَاهَهُمْ وَأُجْرِي أَنْهَارَهُمْ كَالزَّيْتِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 15حِينَ أَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خَرَاباً, وَتَخْلُو الأَرْضُ مِنْ مِلْئِهَا. عِنْدَ ضَرْبِي جَمِيعَ سُكَّانِهَا يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 16هَذِهِ مَرْثَاةٌ يَرْثُونَ بِهَا. بَنَاتُ الأُمَمِ تَرْثُو بِهَا. عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُلِّ جُمْهُورِهَا تَرْثُو بِهَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

كما أنبأ أرميا بأن ملك بابل سيكون عصا الرب لتأديب فرعون (46: 26) هكذا يخبر حزقيال بذلك فينتزعون كبرياء مصر، ويهلكون جمهورها، وبهائمها فلا يعود يوجد ما يعكر مياهها، فتصير مياههم صافية وأنهارهم تجري بنعومة الزيت، وحينئذ يسمع صوت الرثاء والنوح على مصر في كل مكان.

ثانياً: مرثاة على هبوط فرعون وجمهوره مع الأمم إلى الجب

(عد17-32)

  " 17وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ فِي الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ: 18يَا ابْنَ آدَمَ, وَلْوِلْ عَلَى جُمْهُورِ مِصْرَ وَأَحْدِرْهُ هُوَ وَبَنَاتِ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 19مِمَّنْ نَعِمْتَ أَكْثَرَ؟ انْزِلْ وَاضْطَجِعْ مَعَ الْغُلْفِ. 20يَسْقُطُونَ فِي وَسَطِ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. قَدْ أُسْلِمَ السَّيْفُ. أَمْسِكُوهَا مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. 21يُكَلِّمُهُ أَقْوِيَاءُ الْجَبَابِرَةِ مِنْ وَسَطِ الْهَاوِيَةِ مَعَ أَعْوَانِهِ. قَدْ نَزَلُوا. اضْطَجَعُوا غُلْفاً قَتْلَى بِالسَّيْفِ. 22هُنَاكَ أَشُّورُ وَكُلُّ جَمَاعَتِهَا. قُبُورُهُ مِنْ حَوْلِهِ. كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ. 23اَلَّذِينَ جُعِلَتْ قُبُورُهُمْ فِي أَسَافِلِ الْجُبِّ وَجَمَاعَتُهَا حَوْلَ قَبْرِهَا, كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْباً فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 24هُنَاكَ عِيلاَمُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا حَوْلَ قَبْرِهَا, كُلُّهُمْ قَتْلَى سَاقِطُونَ بِالسَّيْفِ الَّذِينَ هَبَطُوا غُلْفاً إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى, الَّذِينَ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. فَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 25قَدْ جَعَلُوا لَهَا مَضْجَعاً بَيْنَ الْقَتْلَى مَعَ كُلِّ جُمْهُورِهَا. حَوْلَهُ قُبُورُهُمْ كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ, مَعَ أَنَّهُ قَدْ جُعِلَ رُعْبُهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. قَدْ حَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. قَدْ جُعِلَ فِي وَسَطِ الْقَتْلَى. 26هُنَاكَ مَاشِكُ وَتُوبَالُ وَكُلُّ جُمْهُورِهَا. حَوْلَهُ قُبُورُهَا. كُلُّهُمْ غُلْفٌ قَتْلَى بِالسَّيْفِ, مَعَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا رُعْبَهُمْ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 27وَلاَ يَضْطَجِعُونَ مَعَ الْجَبَابِرَةِ السَّاقِطِينَ مِنَ الْغُلْفِ النَّازِلِينَ إِلَى الْهَاوِيَةِ بِأَدَوَاتِ حَرْبِهِمْ, وَقَدْ وُضِعَتْ سُيُوفُهُمْ تَحْتَ رُؤُوسِهِمْ, فَتَكُونُ آثَامُهُمْ عَلَى عِظَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ رُعْبُ الْجَبَابِرَةِ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ. 28أَمَّا أَنْتَ فَفِي وَسَطِ الْغُلْفِ تَنْكَسِرُ وَتَضْطَجِعُ مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ. 29هُنَاكَ أَدُومُ وَمُلُوكُهَا وَكُلُّ رُؤَسَائِهَا الَّذِينَ مَعَ جَبَرُوتِهِمْ قَدْ أُلْقُوا مَعَ الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ, فَيَضْطَجِعُونَ مَعَ الْغُلْفِ وَمَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ. 30هُنَاكَ أُمَرَاءُ الشِّمَالِ كُلُّهُمْ وَجَمِيعُ الصَّيْدُونِيِّينَ الْهَابِطِينَ مَعَ الْقَتْلَى بِرُعْبِهِمْ, خَزُوا مِنْ جَبَرُوتِهِمْ وَاضْطَجَعُوا غُلْفاً مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ, وَحَمَلُوا خِزْيَهُمْ مَعَ الْهَابِطِينَ إِلَى الْجُبِّ. 31يَرَاهُمْ فِرْعَوْنُ وَيَتَعَزَّى عَنْ كُلِّ جُمْهُورِهِ. فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ قَتْلَى بِالسَّيْفِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 32لأَنِّي جَعَلْتُ رُعْبَهُ فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ, فَيُضْجَعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ قَتْلَى السَّيْفِ, فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

جاءت هذه المرثاة بعد إسبوعين من سابقتها، وفيها تُذكَر أمم أخرى كان مصيرها الخراب الشامل، الذي كان عتيداً أن يحدث لبلاد فرعون، والتعبير المتكرر عن مصير هذه الأمم و فرعون و جمهوره هو " الهبوط إلى الجب – أى الهاوية " و هذه الأمم هي:

-      أشوركانت قد زالت إمبراطوريتها على أيدي نبوخذ نصر.

-      عيلام: وهي بلاد فارس قديماً وكان قد سبق خرابها على يد نبوخذ نصر.

-  ماشك وتوبال: وكانتا متاخمتين للبحر الأسود وقد هزمت جيوشهما أمام جيوش نبوخذ نصر، ثم ذابتا في الإمبراطورية الروسية.

-      أدوم وصيدون: وقد سبق التنبوء والكلام عنهما. 

القســـم الثـــالـــث

(ص 33- ص 48)

يشتمل هذا القسم على نبوات ما بعد حصار أورشليم، ومدته إستغرقت 14 عاماً (586- 572 ق.م.) ويحتوي على:

أولاً: نبوات عن الحياة الجديدة (الرجوع من السبي) (ص33- ص39):

1.   الرقيب والرعاة (ص33، ص43)

2.   الحياة الجديدة بالعودة من السبي (ص 35- ص 37)

3.   دينونة جوج وماجوج (ص38، ص 39)

ثانياً: وصف النظام الجديد (ص40- ص48):

1.   رؤيا الهيكل (ص40 – ص43: 12)

2.   الشعب والهيكل ( ص43: 13- ص46)

3.   الأرض والهيكل (ص 47، ص 48)

أولاً: نبوات عن الحياة الجديدة (ص33- ص39)

مقدمة:

تكون هذه الأصحاحات (33-39) وحدة من الحقائق الحيوية في نبوة حزقيال، الذي تلقى خبر سقوط أورشليم (ص33: 21) وكان ذلك نقطة تحول في خدمة هذا النبي الذي أصبح شعبه مرة ثانية، هم موضوع نبواته، بعد أن تنبأ في الأصحاحات السابقة (25-32)عن أمم أجنبية.

لقد عاد حزقيال ليكون رقيباً على بني إسرائيل (ص33: 7) ولعله بعد أن" كانت عليه يد الرب " (ص33: 22) قد أحس أن تغييراً قادماً سيحدث، وعليه أن يقدم رسالة جديدة، وأن يقوم بدور جديد.

الأصحاح الثالث والثلاثون

ينقسم هذا الأصحاح إلى:

1.   واجبات ومسئولية الرقيب (عد1-9)

2.   مسئولية السامع (عد 10-20)

3.   إعلان سقوط أورشليم (عد 21-22)

4.   نبوة ضد الباقين في يهوذا (عد 23-29)

5.   تظاهر المسبيين (عد 30-33)

ومن الملاحظ أن بعض أجزاء هذا الأصحاح تتشابه مع بعض أجزاء وردت في (ص3) وفي (ص18) وهي تتكرر هنا للتأكيد.

أولاً: واجبات ومسئولية الرقيب (عد1-9)

"1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, قُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِذَا جَلَبْتُ السَّيْفَ عَلَى أَرْضٍ, فَإِنْ أَخَذَ شَعْبُ الأَرْضِ رَجُلاً مِنْ بَيْنِهِمْ وَجَعَلُوهُ رَقِيباً لَهُمْ, 3فَإِذَا رَأَى السَّيْفَ مُقْبِلاً عَلَى الأَرْضِ نَفَخَ فِي الْبُوقِ وَحَذَّرَ الشَّعْبَ, 4وَسَمِعَ السَّامِعُ صَوْتَ الْبُوقِ وَلَمْ يَتَحَذَّرْ, فَجَاءَ السَّيْفُ وَأَخَذَهُ, فَدَمُهُ يَكُونُ عَلَى رَأْسِهِ. 5سَمِعَ صَوْتَ الْبُوقِ وَلَمْ يَتَحَذَّرْ, فَدَمُهُ يَكُونُ عَلَى نَفْسِهِ. لَوْ تَحَذَّرَ لَخَلَّصَ نَفْسَهُ. 6فَإِنْ رَأَى الرَّقِيبُ السَّيْفَ مُقْبِلاً وَلَمْ يَنْفُخْ فِي الْبُوقِ وَلَمْ يَتَحَذَّرِ الشَّعْبُ, فَجَاءَ السَّيْفُ وَأَخَذَ نَفْساً مِنْهُمْ, فَهُوَ قَدْ أُخِذَ بِذَنْبِهِ, أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِ الرَّقِيبِ أَطْلُبُهُ. 7وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيباً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ, فَتَسْمَعُ الْكَلاَمَ مِنْ فَمِي وَتُحَذِّرُهُمْ مِنْ قِبَلِي. 8إِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: يَا شِرِّيرُ مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ لَمْ تَتَكَلَّمْ لِتُحَذِّرَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ, فَذَلِكَ الشِّرِّيرُ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ, أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. 9وَإِنْ حَذَّرْتَ الشِّرِّيرَ مِنْ طَرِيقِهِ لِيَرْجِعَ عَنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ طَرِيقِهِ, فَهُوَ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ خَلَّصْتَ نَفْسَكَ "

أقام الرب نبيه حزقيال رقيباً لبيت إسرائيل، وكان عليه أن يبلغ وينذر الشعب بما يكلمه به الرب. ويضرب الرب مثلاً بالرقيب الذي يقام على أسوار مدينة لرصد أي خطر أو هجوم عليها، فعليه أن ينفخ في البوق لتحذير الشعب، فإذا قام الرقيب بذلك، ولم يتحذر الشعب، فلا دينونة عليه، وإذا لم يقم بذلك، يقع عليه دم سكان المدينة وهكذا كان الموقف بالنسبة لحزقيال في إنذار الأشرار بخطاياهم وكانت المسئولية تقع عليه في حالة تقصيره وعدم تحذير الشرير من جهة خطاياه ، هذا الجزء يكاد يتشابه مع ما سبق وروده في (ص3: 16-21).

ثانياً: مسئولية السامع (عد 11-20)

" 10وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ قُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ مَعَاصِيَنَا وَخَطَايَانَا عَلَيْنَا, وَبِهَا نَحْنُ فَانُونَ, فَكَيْفَ نَحْيَا؟ 11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ, وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ. 13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا, فَاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ, فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ, بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ, 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ, فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً. 17وَأَبْنَاءُ شَعْبِكَ يَقُولُونَ: لَيْسَتْ طَرِيقُ الرَّبِّ مُسْتَوِيَةً. بَلْ هُمْ طَرِيقُهُمْ غَيْرُ مُسْتَوِيَةٍ! 18عِنْدَ رُجُوعِ الْبَارِّ عَنْ بِرِّهِ وَعِنْدَ عَمَلِهِ إِثْماً فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِهِ. 19وَعِنْدَ رُجُوعِ الشِّرِّيرِ عَنْ شَرِّهِ وَعِنْدَ عَمَلِهِ بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ, فَإِنَّهُ يَحْيَا بِهِمَا. 20وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ طَرِيقَ الرَّبِّ غَيْرُ مُسْتَوِيَةٍ. إِنِّي أَحْكُمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَطُرُقِهِ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ "

يشجع الرب شعبه على الرجوع عن خطاياهم، بدلاً من اليأس من جهة معاصيهم ونتائجها فالله يؤكد أنه لا يسر بموت الشرير بل أن يرجع عن طريقة ويحيا.

ويتكرر في هذا الجزء مع ما جاء في (ص18) عن مسئولية السامع من جهة ما ينذر به.

ويوبخ الرب أولئك الذين يقولون عن طرق الرب أنها ليست مستوية والرب يحكم على كل واحد كطرقة.

ثالثاً: إعلان سقوط أورشليم ( عد 21-22)

" 21وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ مِنْ سَبْيِنَا, فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ فِي الْخَامِسِ مِنَ الشَّهْرِ, أَنَّهُ جَاءَ إِلَيَّ مُنْفَلِتٌ مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالَ: قَدْ ضُرِبَتِ الْمَدِينَةُ». 22وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيَّ مَسَاءً قَبْلَ مَجِيءِ الْمُنْفَلِتِ, وَفَتَحَتْ فَمِي حَتَّى جَاءَ إِلَيَّ صَبَاحاً, فَانْفَتَحَ فَمِي وَلَمْ أَكُنْ بَعْدُ أَبْكَمَ "

كان سقوط أورشليم في السنة الحادية عشرة لصدقيا في الشهر الرابع في تاسع الشهر (ار 39: 2، 52: 6) من سبي يهوياكين وبداية حكم صدقيا، ويستنتج من ذلك أن خبر سقوط أورشليم قد بلغ حزقيال بعد حدوثه بسنة ونصف، على لسان منفلت من أورشليم، ولعل تأخير وصول هذا الخبر إلى حزقيال ، كان بسبب الأرتباك الذي وقع فيه الهاربون من أورشليم، وصعوبة السفر بما كانوا يحملونه من متاع، بجانب ترددهم وخوفهم من دخول بلاد أعدائهم وغير ذلك من أسباب عوقت سرعتهم ومسيرتهم.

أما عن كلمة "منفلت" فهي في العبرية قد تحمل معنى " الاسم الجمعي" إشارة إلى عدد من الناجين الهاربين الذين جاءوا إلى حزقيال النبي بخبر سقوط أورشليم.

وكانت يد الرب على حزقيال مساء قبل مجئ المنفلت، فصار في حالة غير عادية من الأنفعال الروحي ، وإنفتح فمه ، وفي الصباح بلغه خبر سقوط أورشليم، فإزدادت ثقته في أن يتكلم ويخاطب من كانوا معه في السبي، ولم يعد بعد أبكم.

وهنا نتساءل: هل إستمر سكوته منذ أن أمره الرب بإلتزام الصمت في (ص3: 26) ؟

يرى البعض أن سكوته كان من جهة التنبؤ عن اليهود، وأما عن الأمم فقد تكلم بما جاء بين الأمر بسكوته وبين إنفتاح فمه.

ولكن يعترض على هذا الرأي بما جاء من مناسبات تكلم فيها النبي بحسب أمر الرب إلى بني إسرائيل (ص12 : 10، 28- ص 14: 4 ...الخ) ويرى آخرون أنه كان ساكتاً عن الكلام بصفة عامة ، ولكنه في بعض الحالات الضرورية كان يتكلم، ولكنه في معظم الأوقات أن يعطي نبواته مكتوبة وبرجوعنا إلى (ص 24: 27) يمكننا أن نستنتج إستمرار سكوته عن الكلام بعد موت زوجته ، وحتى مجئ المنفلت إليه.

رابعاً: نبوة ضد الباقين في يهوذا (عد 23-29)

"23فَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 24يَا ابْنَ آدَمَ, إِنَّ السَّاكِنِينَ فِي هَذِهِ الْخِرَبِ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُونَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ وَاحِداً وَقَدْ وَرَثَ الأَرْضَ. وَنَحْنُ كَثِيرُونَ. لَنَا أُعْطِيَتِ الأَرْضُ مِيرَاثاً. 25لِذَلِكَ قُلْ لَهُمْ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: تَأْكُلُونَ بِالدَّمِ وَتَرْفَعُونَ أَعْيُنَكُمْ إِلَى أَصْنَامِكُمْ وَتَسْفِكُونَ الدَّمَ. أَفَتَرِثُونَ الأَرْضَ؟ 26وَقَفْتُمْ عَلَى سَيْفِكُمْ. فَعَلْتُمُ الرِّجْسَ وَكُلٌّ مِنْكُمْ نَجَّسَ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. أَفَتَرِثُونَ الأَرْضَ؟ 27قُلْ لَهُمْ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: حَيٌّ أَنَا, إِنَّ الَّذِينَ فِي الْخِرَبِ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ, وَالَّذِي هُوَ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ أَبْذِلُهُ لِلْوَحْشِ مَأْكَلاً, وَالَّذِينَ فِي الْحُصُونِ وَفِي الْمَغَايِرِ يَمُوتُونَ بِالْوَبَإِ. 28فَأَجْعَلُ الأَرْضَ خَرِبَةً مُقْفِرَةً, وَتَبْطُلُ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا, وَتَخْرَبُ جِبَالُ إِسْرَائِيلَ بِلاَ عَابِرٍ. 29فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ الأَرْضَ خَرِبَةً مُقْفِرَةً عَلَى كُلِّ رَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي فَعَلُوهَا

تتضمن هذه الأعداد عبارات توبيخ صارمة لليهود الساكنين في خرب إسرائيل، الذين كانوا يقولون أن إبراهيم كان واحداً فرداً ومع ذلك فقد أعطاه الرب الأرض، أما هم فكثيرون. وبناء على هذا الإدعاء ، إعتقدوا بضرورة إعطائهم الأرض ميراثاً لهم. ولكن الرب أمر حزقيال أن يوبخهم على خطاياهم التي إرتكبوها بأكل الدم وبالممارسات الوثنية، وبقتل الأبرياء وعدم توبتهم وقد تناسى أولئك أن الأرض قد وهبها لهم الرب بشرط طاعة الوصية ولكونهم قد أخلوا بهذا الشرط، فإن الرب قد أسلمهم للسقوط بحد السيف، وفي دفاعهم عن أنفسهم لم يساعدهم الرب، وهكذا يقتلون أو يساقون إلى السبي وتصبح أرضهم خربة.

خامساً: تظاهر المسبيين (عد 30-33)

"30وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ, فَإِنَّ بَنِي شَعْبِكَ يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْكَ بِجَانِبِ الْجُدْرَانِ وَفِي أَبْوَابِ الْبُيُوتِ وَيَتَكَلَّمُ الْوَاحِدُ مَعَ الآخَرِ, الرَّجُلُ مَعَ أَخِيهِ قَائِلِينَ: هَلُمَّ اسْمَعُوا مَا هُوَ الْكَلاَمُ الْخَارِجُ مِنْ عَُِنْدِ الرَّبِّ! 31وَيَأْتُونَ إِلَيْكَ كَمَا يَأْتِي الشَّعْبُ, وَيَجْلِسُونَ أَمَامَكَ كَشَعْبِي, وَيَسْمَعُونَ كَلاَمَكَ وَلاَ يَعْمَلُونَ بِهِ, لأَنَّهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُظْهِرُونَ أَشْوَاقاً وَقَلْبُهُمْ ذَاهِبٌ وَرَاءَ كَسْبِهِمْ. 32وَهَا أَنْتَ لَهُمْ كَشِعْرِ أَشْوَاقٍ لِجَمِيلِ الصَّوْتِ يُحْسِنُ الْعَزْفَ, فَيَسْمَعُونَ كَلاَمَكَ وَلاَ يَعْمَلُونَ بِهِ. 33وَإِذَا جَاءَ هَذَا (لأَنَّهُ يَأْتِي) فَيَعْلَمُونَ أَنَّ نَبِيّاً كَانَ فِي وَسَطِهِمْ "

تعليقاً على هذه الأعداد، نقتبس ما يلي تفسير حزقيال لايرنسايد:

تكلم الله إلى حزقيال وكأنه صديقه، فذكره بأن الشعب الذين قام بخدمته لهم تظاهروا بإعجابهم به وبرسالاته، إلا أنهم اغتابوه سراً وتكلموا عليه بالسوء غير عازمين البتة على طاعة الكلمة التي أعلنها لهم بدا عليهم أنهم مهتمون بسماع كلام النبي، إذ قال أحدهم للآخر: " هَلُمَّ اسْمَعُوا مَا هُوَ الْكَلاَمُ الْخَارِجُ مِنْ عَُِنْدِ الرَّبِّ! " ولكنهم لم يكونوا عازمين قط على طاعة ذلك الكلام ، إنهم بأفواههم أظهروا وداً كثيراً ولكن قلوبهم كانت على مكاسبهم وقد كان حزقيال في أنظارهم كمن ينشد قصيدة أشواق بصوت جميل  ويعزف جيداً على آله موسيقية، سرتهم فصاحته والطريقة الزاخرة بالقوة التي بها قدم رسالاته، إلا أنهم – شأن الأكثرين اليوم يعجبهم واعظ ما ويُطرون كلامه ولكن لا يعملون به- تابعوا سلوكهم في طريق المعصية ورفضوا أن يحملوا شيئاً مما خرج من شفتي النبي على محمل الجد فإذا ما وقعت عليهم أحكام الدينونة بكل هولها، عندئذ – يقول الله- "يَعْلَمُونَ أَنَّ نَبِيّاً كَانَ فِي وَسَطِهِمْ" ولكن يكون قد فات وقت إنقاذ نفوسهم بالإستماع إلى كلامه.

الإصحاح الرابع والثلاثون

يتضمن هذا الإصحاح جانبين رئيسيين وهما: توبيخ رعاة بني إسرائيل بسبب خيانتهم وإهمالهم، والوعد برعاية الرب نفسه لشعبه بمجيء المسيح له المجد الراعي الصالح (عد23، 24).

وينقسم إلى :

  1. رعاة بني إسرائيل الأشرار (عد1-10)
  2. الرب نفسه سيرعى شعبه (عد11-16)
  3. حكم الرب بين شاة وشاة (عد17-22)
  4. المسيا هو الراعي الجديد (عد 23-31)

أولاً: رعاة بني إسرائيل الأشرار (عد1-10)

"1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ عَلَى رُعَاةِ إِسْرَائِيلَ, وَقُلْ لَهُمْ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلرُّعَاةِ: وَيْلٌ لِرُعَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْعُونَ أَنْفُسَهُمْ. أَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ الْغَنَمَ؟ 3تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ وَتَلْبِسُونَ الصُّوفَ وَتَذْبَحُونَ السَّمِينَ وَلاَ تَرْعُونَ الْغَنَمَ. 4الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ, وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ, وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ, وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ, وَالضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ, بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ. 5فَتَشَتَّتَتْ بِلاَ رَاعٍ وَصَارَتْ مَأْكَلاً لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ, وَتَشَتَّتَتْ. 6ضَلَّتْ غَنَمِي فِي كُلِّ الْجِبَالِ وَعَلَى كُلِّ تَلٍّ عَالٍ وَعَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ. تَشَتَّتَتْ غَنَمِي وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَسْأَلُ أَوْ يُفَتِّشُ. 7فَلِذَلِكَ أَيُّهَا الرُّعَاةُ اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ: 8حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, مِنْ حَيْثُ إِنَّ غَنَمِي صَارَتْ غَنِيمَةً وَمَأْكَلاً لِكُلِّ وَحْشِ الْحَقْلِ, إِذْ لَمْ يَكُنْ رَاعٍ وَلاَ سَأَلَ رُعَاتِي عَنْ غَنَمِي, وَرَعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَرْعُوا غَنَمِي, 9فَلِذَلِكَ أَيُّهَا الرُّعَاةُ اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ. 10هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَى الرُّعَاةِ وَأَطْلُبُ غَنَمِي مِنْ يَدِهِمْ, وَأَكُفُّهُمْ عَنْ رَعْيِ الْغَنَمِ, وَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ بَعْدُ, فَأُخَلِّصُ غَنَمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَلاَ تَكُونُ لَهُمْ مَأْكَلاً "

-      من هم الرعاة الذين يوجه الرب إليهم هنا توبيخه؟

-      المقصود بالرعاة في العهد القديم هم الملوك والأنبياء والكهنة ومنذ عصر داود أصبح الملوك بمثابة رعاة (2صم 5: 2، مز 78: 70-72، ار 23: 1-8) وتدل قرائن الكلام في هذا الأصحاح على أن التوبيخ يتركز على ملوك يهوذا الأشرار.

    ويدور توبيخهم هنا على:

1.    أنانيتهم وإهتمامهم بأنفسهم ( عد2 ، 3 ).

2.    إهمالهم بالنسبة للمريض والمجروح والمكسور والمطرود (عد4)

3.    تسلطهم على الرعية بشدة وعنف (عد4)

4.    عدم حمايتهم للرعية من التشتت وإفتراس الوحوش (عد5-8).

ثانياً: الرب نفسه سيرعى شعبه (عد11-16)

"11لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا. 12كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ يَوْمَ يَكُونُ فِي وَسَطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ, هَكَذَا أَفْتَقِدُ غَنَمِي وَأُخَلِّصُهَا مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَشَتَّتَتْ إِلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ. 13وَأُخْرِجُهَا مِنَ الشُّعُوبِ وَأَجْمَعُهَا مِنَ الأَرَاضِي, وَآتِي بِهَا إِلَى أَرْضِهَا وَأَرْعَاهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَفِي الأَوْدِيَةِ وَفِي جَمِيعِ مَسَاكِنِ الأَرْضِ. 14أَرْعَاهَا فِي مَرْعًى جَيِّدٍ, وَيَكُونُ مَرَاحُهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الْعَالِيَةِ. هُنَالِكَ تَرْبُضُ فِي مَرَاحٍ حَسَنٍ, وَفِي مَرْعًى دَسِمٍ يَرْعُونَ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ. 15أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 16وَأَطْلُبُ الضَّالَّ, وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ, وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ, وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ, وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ, وَأَرْعَاهَا بِعَدْلٍ "

الرب هو الراعي الصالح (مز 23، يو10) وهو الذي يبحث عن رعيته بإهتمام وإجتهاد، فيجمع من تشتتوا " فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ " أي في وقت الشدة والضيق، ويرعاهم على جبال عالية حيث المراعي الدسمة والمياه الوفيرة إنه الرب الذي يطلب الضال ويسترد المطرود، ويجبر الكسير، ويعصب (يضمد) الجريح "ويبيد السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ " (عد16) أي الأشداء المستبدين ممن تسلطوا على شعب الرب.

ثالثاً: حكم الرب بين شاة وشاة (عد17-22)

 " 17وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي فَهَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ. بَيْنَ كِبَاشٍ وَتُيُوسٍ. 18أَهُوَ صَغِيرٌ عِنْدَكُمْ أَنْ تَرْعُوا الْمَرْعَى الْجَيِّدَ وَبَقِيَّةُ مَرَاعِيكُمْ تَدُوسُونَهَا بِأَرْجُلِكُمْ, وَأَنْ تَشْرَبُوا مِنَ الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ, وَالْبَقِيَّةُ تُكَدِّرُونَهَا بِأَقْدَامِكُمْ؟ 19وَغَنَمِي تَرْعَى مِنْ دَوْسِ أَقْدَامِكُمْ, وَتَشْرَبُ مِنْ كَدَرِ أَرْجُلِكُمْ!. 20لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لَهُمْ: هَئَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ الشَّاةِ السَّمِينَةِ وَالشَّاةِ الْمَهْزُولَةِ. 21لأَنَّكُمْ بَهَزْتُمْ بِالْجَنْبِ وَالْكَتِفِ, وَنَطَحْتُمُ الْمَرِيضَةَ بِقُرُونِكُمْ حَتَّى شَتَّتْتُمُوهَا إِلَى خَارِجٍ. 22فَأُخَلِّصُ غَنَمِي فَلاَ تَكُونُ مِنْ بَعْدُ غَنِيمَةً, وَأَحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ "

في (عد17) يعلن الرب عن حكمه بين الأفراد – بعد أن وبخ القادة- فليس جميع الأفراد على مستوى الأمانة للرب الذي يحكم مميزاً بين شاة وشاة، وبين كباش وتيوس، وهذا الكلام يذكرنا بما قاله رب المجد في (مت 25: 31-33) " وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ 33فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ..

وفي (عد18-19) يوبخ المقتدرين الذين يرعون في المرعى الخصيب ويدوسون بقية المراعي، ويشربون من المياه الصافية، بينما يعكرون بقيتها بأقدامهم وتضطر الغنم أن ترعى ما ديس بالأقدام فتشرب ماء مكدراً.

ولعل هذه صورة لما كان يفعله حكام وقادة اليهود بتقديم تعاليم وأقوال زائفة يضللون بها عامة الناس، ويبعدونهم عن طريق المعرفة الحقيقية، وكان هؤلاء القادة يستهينون بهذه الأمور ولذلك يقول لهم الرب: " هَئَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ الشَّاةِ السَّمِينَةِ (الأقوياء)، وَالشَّاةِ الْمَهْزُولَةِ (الضعفاء) لأَنَّكُمْ بَهَزْتُمْ (دفعتم) بِالْجَنْبِ وَالْكَتِفِ, وَنَطَحْتُمُ الْمَرِيضَةَ بِقُرُونِكُمْ حَتَّى شَتَّتْتُمُوهَا إِلَى خَارِجٍ.

رابعاً: المسيا هو الراعي الجديد (عد 23-31)

 " 23وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِياً وَاحِداً فَيَرْعَاهَا عَبْدِي دَاوُدُ. هُوَ يَرْعَاهَا وَهُوَ يَكُونُ لَهَا رَاعِياً. 24وَأَنَا الرَّبُّ أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً, وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيساً فِي وَسَطِهِمْ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ. 25وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ, وَأَنْزِعُ الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ مِنَ الأَرْضِ, فَيَسْكُنُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ مُطْمَئِنِّينَ وَيَنَامُونَ فِي الْوُعُورِ. 26وَأَجْعَلُهُمْ وَمَا حَوْلَ أَكَمَتِي بَرَكَةً, وَأُنْزِلُ عَلَيْهِمِ الْمَطَرَ فِي وَقْتِهِ فَتَكُونُ أَمْطَارَ بَرَكَةٍ. 27وَتُعْطِي شَجَرَةُ الْحَقْلِ ثَمَرَتَهَا, وَتُعْطِي الأَرْضُ غَلَّتَهَا, وَيَكُونُونَ آمِنِينَ فِي أَرْضِهِمْ, وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ تَكْسِيرِي رُبُطَ نِيرِهِمْ, وَإِذَا أَنْقَذْتُهُمْ مِنْ يَدِ الَّذِينَ اسْتَعْبَدُوهُمْ. 28فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ, وَلاَ يَأْكُلُهُمْ وَحْشُ الأَرْضِ. بَلْ يَسْكُنُونَ آمِنِينَ وَلاَ مُخِيفٌ. 29وَأُقِيمُ لَهُمْ غَرْساً لِصِيتٍ فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ مَفْنِيِّي الْجُوعِ فِي الأَرْضِ, وَلاَ يَحْمِلُونَ بَعْدُ تَعْيِيرَ الأُمَمِ. 30فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ مَعَهُمْ, وَهُمْ شَعْبِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 31وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي, غَنَمُ مَرْعَايَ, أُنَاسٌ أَنْتُمْ. أَنَا إِلَهُكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ "

تفيض هذه الأعداد بوعود الرجاء المسيانية التي تمت بمجئ الراعي الصالح من نسل داود فقد قطع عهد سلام ونزع الوحوش الردية، وجعل رعيته بركه تنعم بأمطار عطاياه الروحية، فتثمر ثمراً متكاثراً وقد منح رعيته السلام والأمان، وقطع ربط قيودها، وأقام لها غَرْساً لِصِيتٍ - أي غرساً عظيم الاسم- إشارة إلى الطبيعة الجديدة، ووهبها أن تكون شعبه وغنم مرعاه.

الإصحاح الخامس والثلاثون

يتضمن هذا الإصحاح نبوة عن القضاء الإلهي على أدوم، ولعل سبب وضعها في هذا المكان، هو أنه يعد إعلان مستقبل عودة شعب الله من السبي، كان من التناسب أن يشار إلى إزاله الله للعائق والمعترض في وجه شعبه، كما تمثل في أدوم، إذ كان الأدوميون قد إستغلوا فرصة ذهاب يهوذا إلى السبي، فإستولوا على بعض أراضيهم ويمكن إعتبار ما جاء هنا تفصيلاً لما في (ص 25).

ويمكن تقسيم هذا الإصحاح إلى:

1.   خراب جبل سعير (عد1-4)

2.   بغضة أدوم المستمرة ضد شعب الله (عد 5-9)

3.   تعديات أدوم (عد 10-15)

أولاً: خراب جبل سعير (عد1-4)

"وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ جَبَلِ سَعِيرَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ 3وَقُلْ لَهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكَ يَا جَبَلَ سَعِيرَ, وَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأَجْعَلُكَ خَرَاباً مُقْفِراً. 4أَجْعَلُ مُدُنَكَ خَرِبَةً, وَتَكُونُ أَنْتَ مُقْفِراً وَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ"

يطلب الرب من نبيه حزقيال أن يجعل وجهه نحو جبل سعير ويتنبأ عليه، ومن المعروف أن الأدوميين كانوا يسكنون في جبل سعير الذي كان يمثل المنطقة الجبلية الممتدة على مسافة مائة ميل بين البحر الميت وخليج العقبة وكان الحوريون يسكننها قبل أن ينتزعها عيسو منهم (تك 32: 3، تث 2: 12).

وأعلنت النبوة خراب جبل سعير وتحوله إلى قفر، ودمار مدنه. وقد تمت هذه النبوة فعلاً، فقد خضعت أدوم لبابل، ثم الفرس، وفي سنة 126 ق.م. أجبر يوحنا المكابي الأدوميين على التهود وممارسة الختان، وقد إنعدم وجود بقية من نسل الأدوميين وصارت مدنهم أطلالاً خربه.

ثانياً: بغضة أدوم المستمرة ضد شعب الله

(عد 5-9)

  "5لأَنَّهُ كَانَتْ لَكَ بُغْضَةٌ أَبَدِيَّةٌ, وَدَفَعْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَدِ السَّيْفِ فِي وَقْتِ مُصِيبَتِهِمْ, وَقْتِ إِثْمِ النِّهَايَةِ. 6لِذَلِكَ حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ إِنِّي أُهَيِّئُكَ لِلدَّمِ وَالدَّمُ يَتْبَعُكَ. إِذْ لَمْ تَكْرَهِ الدَّمَ فَالدَّمُ يَتْبَعُكَ. 7فَأَجْعَلُ جَبَلَ سَعِيرَ خَرَاباً وَمُقْفِراً, وَأَسْتَأْصِلُ مِنْهُ الذَّاهِبَ وَالآئِبَ. 8وَأَمْلأُ جِبَالَهُ مِنْ قَتْلاَهُ. تِلاَلُكَ وَأَوْدِيَتُكَ وَجَمِيعُ أَنْهَارِكَ يَسْقُطُونَ فِيهَا قَتْلَى بِالسَّيْفِ. 9وَأُصَيِّرُكَ خِرَباً أَبَدِيَّةً, وَمُدُنُكَ لَنْ تَعُودَ, فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ "

توصف بغضة الأدوميين لليهود بكونها " أَبَدِيَّةٌ " أي أنها ظلت مستمرة دائمة منذ أيام عيسو (تك 25: 22 ، 27: 41) وقد تجلت ذلك واضحة حينما كان بنو إسرائيل بعد خروجهم من مصر في طريقهم إلى كنعان إذ طلب موسى من أدوم أن يأذن له بالمرور في أرضه، فرفض ملك أدوم هذا الطلب (عد10: 14 -  21) و فى أيام حكم يهوشافاط إتحدت أدوم مع عمون و موآب لغزو يهوذا ( 2 أيام 20 : 10 – 11 ، مز 83 : 1 – 8 )

وتركز النبوة هنا على موقف أدوم من شعب الله " في وقت مصيبتهم وقت إثم النهاية" والمقصود بذلك –على الأرجح- هو إثم اليهود الذي أدى إلى نهاية مملكتهم.

ففي وقت السبي أظهر الأدوميون شدة كراهيتهم وقسوة عداوتهم لشعب الله، وتقول النبوة "ودفعت بني إسرائيل إلى يد السيف" وتعني كلمة "دفعت" في أصلها صببت كما يصب الماء، فقد وقف الأدوميون في وجه الهاربين الناجين من اليهود ليمنعوهم من النجاة من بطش الكلدانيين . ومتى وقعوا في أيديهم قتلوهم بالسيف.

وفي إنذار وتهديد الرب لأدوم تتكرر كلمة "الدم" المراد بها الهلاك بالسيف.

ثالثاً: تعديات أدوم (عد 10-15)

 10لأَنَّكَ قُلْتَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الأُمَّتَيْنِ وَهَاتَيْنِ الأَرْضَيْنِ تَكُونَانِ لِي فَنَمْتَلِكُهُمَا وَالرَّبُّ كَانَ هُنَاكَ, 11فَلِذَلِكَ حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, لأَفْعَلَنَّ كَغَضَبِكَ وَحَسَدِكَ اللَّذَيْنِ عَامَلْتَ بِهِمَا مِنْ بُغْضَتِكَ لَهُمْ, وَأُعَرِّفُ بِنَفْسِي بَيْنَهُمْ عِنْدَمَا أَحْكُمُ عَلَيْكَ, 12فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ قَدْ سَمِعْتُ كُلَّ إِهَانَتِكَ الَّتِي تَكَلَّمْتَ بِهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: قَدْ خَرِبَتْ. قَدْ أُعْطِينَاهَا مَأْكَلاً. 13قَدْ تَعَظَّمْتُمْ عَلَيَّ بِأَفْوَاهِكُمْ وَكَثَّرْتُمْ كَلاَمَكُمْ عَلَيَّ. أَنَا سَمِعْتُ. 14هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ فَرَحِ كُلِّ الأَرْضِ أَجْعَلُكَ مُقْفِراً. 15كَمَا فَرِحْتَ عَلَى مِيرَاثِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ خَرِبَ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِكَ. تَكُونُ خَرَاباً يَا جَبَلَ سَِعِيرَ أَنْتَ وَكُلُّ أَدُومَ بِأَجْمَعِهَا, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.

يضيف الرب هنا ذكر تعديات وشرور أدوم عدا "البغضة الأبدية" (عد5)- ونقتبس هنا ما جاء بتفسير حزقيال للقمص تادرس يعقوب:

2. اغتنامها الآخرين: " 10لأَنَّكَ قُلْتَ: إِنَّ هَاتَيْنِ الأُمَّتَيْنِ وَهَاتَيْنِ الأَرْضَيْنِ تَكُونَانِ لِي فَنَمْتَلِكُهُمَا وَالرَّبُّ كَانَ هُنَاكَ." ع10 . هكذا حين يريد الإنسان أن يغتنم أرضاً غير أرضه ويملك ما ليس له لا يدرك لأن الله غير المنظور يتطلع و ينظر إلى الظلم. لقد أرادت أن تمتلك ما ليس لها لهذا تفقد ما هو لها، إذ تصير مدنها خربه وتكون قفراً (ع4).

3. عجرفتها المملؤه تجديفاً : "قَدْ تَعَظَّمْتُمْ عَلَيَّ بِأَفْوَاهِكُمْ وَكَثَّرْتُمْ كَلاَمَكُمْ عَلَيَّ. أَنَا سَمِعْتُ.ع13 حين أرادت أن تملك ما ليس لها كان الرب موجوداً هناك يرى شرهم، وإذ تعجرفت في قلبها ونطقت بشفتيها ضد الله كان الله يسمع . لقد أطال أناته كثيراً، لكنه يجازيها على تجديفها.

4. فرحت بضرر يهوذا يوم تأديبه : إذ سقط يهوذا في التأديب لم تتعظ بل فرحت في شماتة لهذا استحقت غضب الله: "15كَمَا فَرِحْتَ عَلَى مِيرَاثِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ خَرِبَ كَذَلِكَ أَفْعَلُ بِكَ. تَكُونُ خَرَاباً يَا جَبَلَ سَِعِيرَ أَنْتَ وَكُلُّ أَدُومَ بِأَجْمَعِهَا, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ " ع15.

كأن ما حل بجبل سعير إنما هو ثمرة خطيئتها الداخلية، تحمل ذات الثمر الذي لعملها، وأيضاً لأجل بنيان شعب الله إذ صار هؤلاء مغتصبين لحقوقهم كما لأجل اسم الله نفسه: "فيعلمون إني أنا الرب"

الإصحاح السادس والثلاثون

يشتمل هذا الإصحاح على قسمين رئيسيين:

1.   تعزية شعب الله بعقاب أعدائهم وبوعود ببركات للأرض والناس (عد1-15).

2.   إصلاح شعب الله وتجديدهم بماء طاهر وروح جديدة (عد16-38)

أولاً : التعزية بعقاب الأعداء وبمواعيد البركة (عد1-15).

1وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَتَنَبَّأْ لِجِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ: يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ. 2هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعَدُوَّ قَالَ عَلَيْكُمْ: هَهْإِنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لَنَا مِيرَاثاً 3فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَدْ أَخْرَبُوكُمْ وَتَهَمَّمُوكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِتَكُونُوا مِيرَاثاً لِبَقِيَّةِ الأُمَمِ, وَأُصْعِدْتُمْ عَلَى شِفَاهِ اللِّسَانِ وَصِرْتُمْ مَذَمَّةَ الشَّعْبِ, 4لِذَلِكَ فَاسْمَعِي يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ كَلِمَةَ السَّيِّدِ الرَّبِّ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلْجِبَالِ وَالآكَامِ وَالأَنْهَارِ وَالأَوْدِيَةِ وَالْخِرَبِ الْمُقْفِرَةِ وَالْمُدُنِ الْمَهْجُورَةِ الَّتِي صَارَتْ لِلنَّهْبِ وَالاِسْتِهْزَاءِ, لِبَقِيَّةِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَهَا. 5مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي فِي نَارِ غَيْرَتِي تَكَلَّمْتُ عَلَى بَقِيَّةِ الأُمَمِ وَعَلَى أَدُومَ كُلِّهَا الَّذِينَ جَعَلُوا أَرْضِي مِيرَاثاً لَهُمْ بِفَرَحِ كُلِّ الْقَلْبِ وَبُغْضَةِ نَفْسٍ لِنَهْبِهَا غَنِيمَةً. 6فَتَنَبَّأْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لِلْجِبَالِ وَالتِّلاَلِ وَالأَنْهَارِ وَالأَوْدِيَةِ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا فِي غَيْرَتِي وَفِي غَضَبِي تَكَلَّمْتُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ حَمَلْتُمْ تَعْيِيرَ الأُمَمِ. 7لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي رَفَعْتُ يَدِي, فَالأُمَمُ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ هُمْ يَحْمِلُونَ تَعْيِيرَهُمْ. 8أَمَّا أَنْتُمْ يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ فَإِنَّكُمْ تُنْبِتُونَ فُرُوعَكُمْ وَتُثْمِرُونَ ثَمَرَكُمْ لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ, لأَنَّهُ قَرِيبُ الإِتْيَانِ. 9لأَنِّي أَنَا لَكُمْ وَأَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ فَتُحْرَثُونَ وَتُزْرَعُونَ. 10وَأُكَثِّرُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بِأَجْمَعِهِ, فَتُعْمَرُ الْمُدُنُ وَتُبْنَى الْخِرَبُ. 11وَأُكَثِّرُ عَلَيْكُمُ الإِنْسَانَ وَالْبَهِيمَةَ فَيَكْثُرُونَ وَيُثْمِرُونَ, وَأُسَكِّنُكُمْ حَسَبَ حَالَتِكُمُ الْقَدِيمَةِ, وَأُحْسِنُ إِلَيْكُمْ أَكْثَرَ مِمَّا فِي أَوَائِلِكُمْ, فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 12وَأُمَشِّي النَّاسَ عَلَيْكُمْ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ, فَيَرِثُونَكَ فَتَكُونُ لَهُمْ مِيرَاثاً وَلاَ تَعُودُ بَعْدُ تُثْكِلُهُمْ. 13هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَكُمْ: أَنْتِ أَكَّالَةُ النَّاسِ وَمُثْكِلَةُ شُعُوبِكِ. 14لِذَلِكَ لَنْ تَأْكُلِي النَّاسَ بَعْدُ وَلاَ تُثْكِلِي شُعُوبَكِ بَعْدُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 15وَلاَ أُسَمِّعُ فِيكِ مِنْ بَعْدُ تَعْيِيرَ الأُمَمِ, وَلاَ تَحْمِلِينَ تَعْيِيرَ الشُّعُوبِ بَعْدُ, وَلاَ تُعْثِرِينَ شُعُوبَكِ بَعْدُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ

يتناول هذا القسم من الإصحاح موضوعين يحملان التعزية لشعب الله:

1.   (عد 1-7وفي هذه الأعداد يخاطب الرب جبال إسرائيل التي كان الشعب قد نجسوها بالعبادات الوثنية فأقفرت وصارت مطمعاً للأمم المعادية التي هزأت بمواعيد الله لشعبه ولكن الله في غيرته وغضبه رفع يده ضد تلك الأمم ولا سيما أدوم لكي تحمل تلك الأمم عارها.

2.   (عد8-15وفي هذه الأعداد ينبئ الرب بعودة الازدهار والثمار والخيرات إلى الأرض التي ظلت خربه مقفرة ، فتعمر المدن وتبني الخرب، ويتكاثر الناس والبهائم أكثر من ذي قبل، ويمشي الناس من شعب الله على الجبال والأرض فيرثونها، ولا تعود بعد تتكلم- أي لا تتعرض لقتل الأولاد فتبقى الأمهات بدونهم، ويبطل تعيير الشعوب لتلك الأرض بأنها مفترسة للناس.

ملحوظة:

لعل تلك المواعيد كانت لتعزية المسبيين من جهة عودتهم . ويمكننا أيضاً بمفهوم روحي أن نرى في هذه المواعيد امتدادا للبركات التي وعد بها الله كنيسته في العهد الجديد.

ثانياً: مواعيد الإصلاح والتجديد بالماء والروح (عد16-38)

16\وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 17يَا ابْنَ آدَمَ, إِنَّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ لَمَّا سَكَنُوا أَرْضَهُمْ نَجَّسُوهَا بِطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ. كَانَتْ طَرِيقُهُمْ أَمَامِي كَنَجَاسَةِ الطَّامِثِ, 18فَسَكَبْتُ غَضَبِي عَلَيْهِمْ لأَجْلِ الدَّمِ الَّذِي سَفَكُوهُ عَلَى الأَرْضِ, وَبِأَصْنَامِهِمْ نَجَّسُوهَا. 19فَبَدَّدْتُهُمْ فِي الأُمَمِ فَتَذَرُّوا فِي الأَرَاضِي. كَطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دِنْتُهُمْ. 20فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا نَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ, إِذْ قَالُوا لَهُمْ: هَؤُلاَءِ شَعْبُ الرَّبِّ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِهِ. 21فَتَحَنَّنْتُ عَلَى اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي نَجَّسَهُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا 22لِذَلِكَ فَقُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لَيْسَ لأَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ, بَلْ لأَجْلِ اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جِئْتُمْ. 23فَأُقَدِّسُ اسْمِي الْعَظِيمَ الْمُنَجَّسَ فِي الأُمَمِ الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي وَسَطِهِمْ, فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ. 24وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ وَأَجْمَعُكُمْ مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ. 25وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِراً فَتُطَهَّرُونَ. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ. 26وَأُعْطِيكُمْ قَلْباً جَدِيداً, وَأَجْعَلُ رُوحاً جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ, وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. 27وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ, وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا. 28وَتَسْكُنُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا, وَتَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلَهاً. 29وَأُخَلِّصُكُمْ مِنْ كُلِّ نَجَاسَاتِكُمْ. وَأَدْعُو الْحِنْطَةَ وَأُكَثِّرُهَا وَلاَ أَضَعُ عَلَيْكُمْ جُوعاً. 30وَأُكَثِّرُ ثَمَرَ الشَّجَرِ وَغَلَّةَ الْحَقْلِ لِكَيْلاَ تَنَالُوا بَعْدُ عَارَ الْجُوعِ بَيْنَ الأُمَمِ. 31فَتَذْكُرُونَ طُرُقَكُمُ الرَّدِيئَةَ وَأَعْمَالَكُمْ غَيْرَ الصَّالِحَةِ, وَتَمْقُتُونَ أَنْفُسَكُمْ أَمَامَ وُجُوهِكُمْ مِنْ أَجْلِ آثَامِكُمْ وَعَلَى رَجَاسَاتِكُمْ. 32لاَ مِنْ أَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً لَكُمْ. فَاخْجَلُوا وَاخْزُوا مِنْ طُرُقِكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. 33هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي يَوْمِ تَطْهِيرِي إِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ آثَامِكُمْ أُسْكِنُكُمْ فِي الْمُدُنِ, فَتُبْنَى الْخِرَبُ. 34وَتُفْلَحُ الأَرْضُ الْخَرِبَةُ عِوَضاً عَنْ كَوْنِهَا خَرِبَةً أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ عَابِرٍ. 35فَيَقُولُونَ: هَذِهِ الأَرْضُ الْخَرِبَةُ صَارَتْ كَجَنَّةِ عَدْنٍ, وَالْمُدُنُ الْخَرِبَةُ وَالْمُقْفِرَةُ وَالْمُنْهَدِمَةُ مُحَصَّنَةً مَعْمُورَةً. 36فَتَعْلَمُ الأُمَمُ الَّذِينَ تُرِكُوا حَوْلَكُمْ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ, بَنَيْتُ الْمُنْهَدِمَةَ وَغَرَسْتُ الْمُقْفِرَةَ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَسَأَفْعَلُ. 37بَعْدَ هَذِهِ أُطْلَبُ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَفْعَلَ لَهُمْ. أُكَثِّرُهُمْ كَغَنَمِ أُنَاسٍ. 38كَغَنَمِ مَقْدِسٍ, كَغَنَمِ أُورُشَلِيمَ فِي مَوَاسِمِهَا, فَتَكُونُ الْمُدُنُ الْخَرِبَةُ مَلآنَةً غَنَمَ أُنَاسٍ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ

يشتمل هذا القسم على العناصر التالية:

1.   ان الله قد عاقب بني إسرائيل بالسبي لأنهم نجسوا الأرض التي سكنوها بسفك الدماء وعبادة الأصنام، فسكب الرب غضبه عليهم وبددهم في الأمم حيث أهين اسم الرب، إذا قال أهل تلك الأمم "هؤلاء شعب الرب وقد خرجوا من أرضه (عد 16- 20).

2.   ان الرب كان عتيداً أن يجمعهم ويأتي بهم إلى أرضهم لا من أجلهم، بل من أجل اسمه القدوس الذي تعرض لإهانة الأمم (عد21-24، عد 32).

3.   وعد الرب بتجديد شعبه بأن يرش عليهم ماء طاهراً ويجعل روحه في داخلهم، ويعطيهم قلباً جديداً، قلب لحم بدلاً من قلب الحجر فيسلكون في فرائضه ويحفظون أحكامه ويطهرون من كل أصنامهم ونجاستهم (عد25-27). وهنا نرى بكل وضوح إشارة جلية إلى معمودية الماء والروح، والولادة الجديدة كما في حديث الرب مع نيقوديموس (يو ص3).

4.   الوعد بسكنى أرض آبائهم فيكونون شعباً للرب والرب يكون لهم إلهاً، ويكثر ثمر الشجر وغلة الحقل، ولا يتعرضون للجوع (عد 28-30).

5.   يشعر بنو إسرائيل بمشاعر الندم والتوبة ويمقتون أنفسهم من أجل ماضي آثامهم ورجاساتهم (عد 31- 32)

6.   الوعد ببناء المدن الخربة وتفليح الأرض المقفرة فتصير كجنة عدن فتعرف الأمم قدرة الرب (عد 33-35).

7.   يجعل الرب شعبه يطلبون هذا منه فيستجيب لهم، فيكثرهم كقطيع غنم، كغنم الذبائح كغنم أورشليم في مواسمها (عد37- 38).

الإصحاح السابع والثلاثون

تلقى حزقيال ما جاء بهذا الإصحاح في الليلة التي سبقت مجيء ممن أخبره بسقوط أورشليم وخرابها، فكان ما تلقاه من الرب باعثاً على الرجاء في عودة الحياة لأمته التي صارت كالعظام اليابسة، وفي عودة وحدتها بعد انقسامها إلى مملكتين.

وينقسم هذا الإصحاح إلى قسمين:

1.   رؤيا قيامة العظام اليابسة (عد 1-14)

2.   مثل وحدة العصوين (عد 15- 28)

أولاً: رؤيا قيامة العظام اليابسة (عد 1-14)

1كَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسَطِ الْبُقْعَةِ, وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَاماً. 2وَأَمَرَّنِي عَلَيْهَا مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدّاً عَلَى وَجْهِ الْبُقْعَةِ, وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدّاً. 3فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, أَتَحْيَا هَذِهِ الْعِظَامُ؟» فَقُلْتُ: يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ». 4فَقَالَ لِي: تَنَبَّأْ عَلَى هَذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ, اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ. 5هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهَذِهِ الْعِظَامِ: هَئَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحاً فَتَحْيُونَ. 6وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ عَصَباً وأَكْسِيكُمْ لَحْماً وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْداً وَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحاً فَتَحْيُونَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 7فَتَنَبَّأْتُ كمَا أُمِرتُ. وَبَيْنَمَا أَنَا أَتنَبَّأُ كَانَ صَوْتٌ وَإِذَا رَعْشٌ فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ. 8ونَظَرْتُ وَإِذَا بِالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا, وبُسِطَ الْجِلْدُ علَيْهَا مِنْ فَوْقُ, وَلَيْسَ فِيهَا رُوحٌ. 9فَقَالَ لِي: تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ, تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ, وَقُلْ لِلرُّوحِ: هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ وَهُبَّ عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيُوا». 10فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني, فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ, فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدّاً جِدّاً. 11ثُمَّ قَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَذِهِ العِظَامُ هِيَ كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ. هَا هُمْ يَقُولُونَ: يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا. قَدِ انْقَطَعْنَا. 12لِذَلِكَ تَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ: هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 13فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ فَتْحِي قُبُورَكُمْ وَإِصْعَادِي إِيَّاكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي. 14وأَجْعَلُ رُوحِي فِيكُمْ فتَحْيُونَ, وَأَجْعَلُكُمْ فِي أَرْضِكُمْ, فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَأَفْعَلُ, يَقُولُ الرَّبُّ

 يحتوي هذا القسم على:

1.وادي العظام اليابسة (عد1-6):

يرجح أن عبارة "كانت علىَ يد الرب فأخرجني بروح الرب.." تعني أن حزقيال كان في حالة رؤيا للبقعة المليئة بالعظام، وأنه لم يؤخذ إليها حرفياً، وكانت هذه العظام اليابسة مبعثرة وليست في أكوام، ومن (عد9) يستنتج أنها كانت عظام قتلى.

وكان سؤال الرب لحزقيال " أتحيا هذه العظام؟" يحمل إشارة إلى اليأس السائد أن تعود هذه العظام إلى الحياة.

وجاء جواب الرب متضمناً عمل كلمته المعجزي في إحياء هذه العظام اليابسة بأن يجعل فيها "روحاً" فتحيا. وهذا يذكرنا بما عمله الرب في خلقة الإنسان، إذ نفخ فيه نسمة حياة فصار نفساً حية (تك2:7). وفي العبرية تحمل الكلمات "نسمة" و" ريح" و "روح" معنى واحد.

2. قيامة العظام اليابسة (عد7-10):

بينما كان حزقيال يتنبأ كان صوت وإذا رعش (أو رعد) وتقاربت العظام وتشكلت هياكل من العظام كساها عصب ولحم وجلد، ولكن بدون روح أو نسمة حياة. فأمر الرب حزقيال أن يتنبأ للروح لكي يأتي من الرياح الأربع. وهذا تعبير يشير إلى الجهات الأربع ولعله يشير أيضاً إلى القوة الهائلة اللازمة لقيامة تلك العظام الكثيرة، أو إلى أن الروح يستخدم جميع القوى المختلفة العاملة في العالم لكي يحقق هدف هذه الرؤيا.

ولما تنبأ حزقيال دخل الروح في تلك الأجسام العظيمة فدبت فيهم الحياة، وقاموا على أقدامهم جيشاً عظيماً جداً جداً.

3. تفسير الرؤيا (عد 11-14):

أوضح الرب لحزقيال أن تلك هي كل بين إسرائيل وهم في نكبة سبيهم قد ملكهم اليأس فقالوا "يبست عظامنا وهلك رجاؤنا قد انقطعنا". ولكن الرب كان عتيداً أن يفتح قبورهم ويصعدهم منها، ويأتي بهم إلى أرضهم، ويجعل روحه فيهم فيحيون، ويعلمون أن الرب يتكلم ويفعل.

وهناك أكثر من وجهة نظر بالنسبة لما تشير إليه هذه الرؤيا:

1.   هناك الرأي المبني على تفسير الرب لهذه الرؤيا وهو أنها تنبئ بعودة بني إسرائيل من السبي في بابل، بعد أن كانوا في تشتتهم مثل عظام يابسة مبعثرة في واد مقفر.

2.   ويرى الألفيون أن مدى هذه الرؤيا يمتد إلى مستقبل بني إسرائيل في حكم  المسيح الألفي ونحن نرفض فكرة حكم المسيح على الأرض، ولكننا لا نستبعد أن تكون في هذه الرؤيا إشارة إلى عودة البقية الباقية من شعب الله إلى الإيمان وقبول المسيح (رو 11: 26) وهذا الرجوع للإيمان هو قيامة روحية من موت الخطية والقساوة ورفضهم للمسيح.

3.   ولا يفوتنا أيضاً أن هذه الرؤيا تتضمن فكرة القيامة الجسدية من الموت الجسدي. وهي العقيدة التي نؤمن بها مؤكدة بقيامة المسيح من بين الأموات ناقضاً أوجاع الموت، وهو باكورة الراقدين (اكو ص15).

ثانياً: مثل وحدة العصوين (عد 15- 28)

. 15وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 16وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ, خُذْ لِنَفْسِكَ عَصاً وَاحِدَةً وَاكْتُبْ عَلَيْهَا: لِيَهُوذَا وَلِبَنِي إِسْرَائِيلَ رُفَقَائِهِ. وَخُذْ عَصاً أُخْرَى وَاكْتُبْ عَلَيْهَا: لِيُوسُفَ عَصَا أَفْرَايِمَ وَكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ رُفَقَائِهِ. 17وَاقْرِنْهُمَا الْوَاحِدَةَ بِالأُخْرَى كَعَصاً وَاحِدَةٍ, فَتَصِيرَا وَاحِدَةً فِي يَدِكَ. 18فَإِذَا سَأَلَكَ أَبْنَاءُ شَعْبِكَ: أَمَا تُخْبِرُنَا مَا لَكَ وَهَذَا؟ 19فَقُلْ لَهُمْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا آخُذُ عَصَا يُوسُفَ الَّتِي فِي يَدِ أَفْرَايِمَ, وَأَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ رُفَقَاءَهُ, وَأَضُمُّ إِلَيْهَا عَصَا يَهُوذَا, وَأَجْعَلُهُمْ عَصاً وَاحِدَةً فَيَصِيرُونَ وَاحِدَةً فِي يَدِي. 20وَتَكُونُ الْعَصَوَانِ اللَّتَانِ كَتَبْتَ عَلَيْهِمَا فِي يَدِكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. 21وَقُلْ لَهُمْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا آخُذُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ الَّتِي ذَهَبُوا إِلَيْهَا, وَأَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ, وَآتِي بِهِمْ إِلَى أَرْضِهِمْ. 22وَأُصَيِّرُهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً فِي الأَرْضِ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ, وَمَلِكٌ وَاحِدٌ يَكُونُ مَلِكاً عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ, وَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ أُمَّتَيْنِ, وَلاَ يَنْقَسِمُونَ بَعْدُ إِلَى مَمْلَكَتَيْنِ. 23وَلاَ يَتَنَجَّسُونَ بَعْدُ بِأَصْنَامِهِمْ وَلاَ بِرَجَاسَاتِهِمْ وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْ مَعَاصِيهِمْ, بَلْ أُخَلِّصُهُمْ مِنْ كُلِّ مَسَاكِنِهِمِ الَّتِي فِيهَا أَخْطَأُوا وَأُطَهِّرُهُمْ فَيَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً. 24وَدَاوُدُ عَبْدِي يَكُونُ مَلِكاً عَلَيْهِمْ, وَيَكُونُ لِجَمِيعِهِمْ رَاعٍ وَاحِدٌ, فَيَسْلُكُونَ فِي أَحْكَامِي وَيَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَيَعْمَلُونَ بِهَا. 25وَيَسْكُنُونَ فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ عَبْدِي يَعْقُوبَ إِيَّاهَا, الَّتِي سَكَنَهَا آبَاؤُكُمْ, وَيَسْكُنُونَ فِيهَا هُمْ وَبَنُوهُمْ وَبَنُو بَنِيهِمْ إِلَى الأَبَدِ, وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسٌ عَلَيْهِمْ إِلَى الأَبَدِ. 26وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ, فَيَكُونُ مَعَهُمْ عَهْداً مُؤَبَّداً, وَأُقِرُّهُمْ وَأُكَثِّرُهُمْ وَأَجْعَلُ مَقْدِسِي فِي وَسَطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ. 27وَيَكُونُ مَسْكَنِي فَوْقَهُمْ, وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً. 28فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُ إِسْرَائِيلَ, إِذْ يَكُونُ مَقْدِسِي فِي وَسَطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ.

تتناول هذه الرؤيا مستقبل وحدة شعب الله بعد أن انقسمت المملكة بعد سليمان إلى مملكتين. ويمكننا أن نرى أمامها على مرحلتين:

-      المرحلة الأولى بعد العودة من السبي.

-      وستأتي المرحلة الثانية على المدى المستقبلي، عندما تؤمن البقية الباقية بالمسيح، وتتم وحدتهم في كنيسته الواحدة.

(عد 15-17):

أمر الرب نبيه حزقيال أن يأخذ عصوين، يكتب على أحداهما "هذه ليهوذا ورفقائه" وعلى الثانية "هذه ليوسف عصا افرايم ورفقائه" ويضمهما معاً ليكونا في يده عصا واحدة.

ويذكرنا هذا، بما فعله موسى بناء على أمر الرب، حينما كتب أسماء رؤساء بيوت إسرائيل على اثنتى عشرة عصا، كان بينها عصا بيت لاوي وقد كتب عليها اسم هرون (عد ص  17).

(عد 18-22):

طلب الرب من حزقيال أن يعمل ذلك أمام أعين أبناء شعبه الذين معه في السبي. وكان على حزقيال أن يجيب عن تساؤل أبناء شعبه من جهة هذه العصا المزدوجة، موضحاً لهم أنها تصوير لعودة مملكتي يهوذا وإسرائيل إلى وحدتهما في أمه واحدة تحت حكم ملك واحد، بعد أن يجمع الرب شتاتهم من بين الأمم ، ويعود بهم من سبيهم.

وهنا لابد من وقفة تاريخية نستعرض فيها انقسام المملكة في بداية حكم رحبعام بن سليمان، إلى مملكتين متخاصمتين، وقد ضمت المملكة الجنوبية سبطي يهوذا وبنيامين وجزءا من سبط شمعون 

وانضم إليهم اللاويون وكثيرون من أتقياء المملكة الشمالية التي ضمت باقي الأسباط (2أيام 11: 12-16، 15: 9، 30: 11، 18، 31، 31: 1).

وكانت المملكة الشمالية قد تعرضت للسبي لأشور سنة 721 ق.م. أي قبل سبي يهوذا إلى بابل  (سنة 586 ق.م.)

ومما ينبغي ملاحظته، هو أن المملكة الشمالية قد انتهى أمرها بالسبي إلى بابل، إلا أن الكثيرين من أسباطها كانوا قد انضموا إلى يهوذا –كما سبق القول- ولابد أنهم قد استبقوا أجيالاً استمر أفرادها كبقية من الأسباط العشرة.

(عد 23- 28):

تتضمن هذه الأعداد عدداً من المواعيد الروحية المباركة التي وعد الله بها شعبه مع وحدتهم:

1.   تخليصهم من نجاسات ورجاسات أصنامهم وتطهيرهم فيكونون للرب شعباً وهو يكون لهم إلهاً (عد23).

2.   خضوعهم لملك داود (المسيح ابن داود حسب الجسد) الذي يكون لهم راعياً، وسلوكهم في أحكام الرب وفرائضه (عد 24).

3.   إقامتهم في أرض آبائهم تحت رئاسة داود (المسيح) إلى الأبد (عد 25).

4.   دخولهم في عهد سلام أبدي مع الرب الذي يقرهم (يؤسسهم) ويكثرهم ويجعل مقدسة في وسطهم إلى الأبد (عد 26).

5.   يكون مسكن الرب فوقهم (إشارة إلى ارتفاعه وحماية الرب لهم) ويكون لهم الرب إلهاً، وهم شعباً، فتعلم الأمم أن الرب هو مقدسهم، إذ يكون مُقَدِسَهُ في وسطهم إلى الأبد (عد 27، 28).

إتمام هذه المواعيد:

يمكننا القول أن إتمام هذه المواعيد هو على الوجه الآتي:

1.   لقد تحقق جانب منها بصفة مبدئية ومؤقتة بعد عودة اليهود من سبي بابل وذلك من وجهين:

أ‌.      يتضح من تاريخهم أنهم لم يعودوا إلى عبادة الأوثان.

ب‌. أقيم هيكل زربابل الذي صار مقدساً للرب.

أما عن خضوعهم لحكم أحد من نسل داود، وبقائهم إلى الأبد، فإن هذا لم يتحقق.

2.   تحققت هذه المواعيد بصورة روحية لبني إسرائيل ليس حسب الجسد، بل لبني إسرائيل بالروح، الذين قبلوا المسيح فقدسهم وطهرهم وجعلهم شعباً مقدساً له.

3.   ستتحقق هذه المواعيد بصورة نهائية لجميع المؤمنين بالمسيح سواء من اليهود أو الأمم حينما يرثون كنعان السماوية ويكون لهم المسيح ملكاً إلى الأبد.

الإصحاح الثامن والثلاثون

يتناول هذا الإصحاح والإصحاح التالي نبوة عن هزيمة وتحطيم جوج وهلاك رجاله في حملتهم على أرض إسرائيل.

وهناك اتجاهان رئيسيان في تفسير هذه النبوة:

1.   الاتجاه الحرفي: ويعتقد أصحابه بإتمام ما جاء بهذين الإصحاحين حرفياً، ولكنهم يختلفون من جهة موعد إتمامها.

2.   الاتجاه الرمزي: ويعتقد أصحابه بأن جوج يمثل القوى المعادية للكنيسة، وأن ما جاء بهذين الإصحاحين إنما يعطي صورة رمزية لصراع قوات الشر ضد عمل الله ولا بد أن ينتهي هذا الصراع بانتصار ملكوت الله . ويرى بعض أصحاب التفسير الرمزي في هذه النبوة تحقيقها في ما قام به انطيخوس ابيفانيوس ضد اليهود وانتصار المكابين عليه.

ويعترض على التفسير الحرفي بما يلي:

1.   طبيعة اسم "جوج " الرمزية وقربه من "ماجوج" المذكور في الكتاب المقدس والتاريخ العام.

2.   تباعد الأمم والممالك المتحالفة مع "جوج" جغرافياً عن إسرائيل وعن بعضها البعض مما يجعل تحالفها أمراً مستبعداً.

3.   ضآلة موارد إسرائيل عن أن تكون مطمعاً لهذا الحشد الهائل من الغزاة.

4.   ضخامة عدد جثث القتلى من هؤلاء الغزاة بصورة لا يمكن قبولها حرفياً. قول النبوة أن كل شعب الأرض يقبرون جثث القتلى لمدة سبعة أشهر، مما يجعل عدد القتلى مئات الملايين، فضلاً عما ينتج عنها من أوبئة وأمراض ولا يمكن احتمالها ( ص39: 11-13).وكذلك كميات السلاح المبالغ في وصفها حتى يستمر حريقها وإيقاد النار بها سبع سنين (ص 39: 8-16)

5.   عدم توافق الطريقة القاسية والمادية، التي يتعامل بها الله مع هؤلاء الأعداء  مع طبيعة الأزمنة المسيانية (التي يرى الحرفيون إتمام هذه النبوة فيها).

أما مضمون هذا الإصحاح فهو ينقسم إلى عناصر كالأتي:

1.   جماعة الغزاة بزعامة جوج (عد 1-6)

1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ 3وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. 4وَأُرْجِعُكَ, وَأَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ, وَأُخْرِجُكَ أَنْتَ وَكُلَّ جَيْشِكَ خَيْلاً وَفُرْسَاناً كُلَّهُمْ لاَبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ, جَمَاعَةً عَظِيمَةً مَعَ أَتْرَاسٍ وَمَجَانَّ, كُلَّهُمْ مُمْسِكِينَ السُّيُوفَ 5فَارِسَ وَكُوشَ وَفُوطَ مَعَهُمْ, كُلَّهُمْ بِمِجَنٍّ وَخُوذَةٍ, 6وَجُومَرَ وَكُلَّ جُيُوشِهِ, وَبَيْتَ تُوجَرْمَةَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ كُلِّ جَيْشِهِ, شُعُوباً كَثِيرِينَ مَعَكَ.

تكونت جماعة الغزاة من:

جوج أرض ماجوج: لعل جوج كان ملكاً على بلاد ماجوج بن يافث (تك10: 2،1 اي1: 5) ويرى الكثيرون أنها كانت غربي آسيا(جاء ذكر جوج وماجوج في (رؤ 20: 8) يمثلان قوى العالم الملحدة).

روش: ظن البعض أنه الاسم القديم لروسيا.

ماشك: ابن يافث (تك 10:2) ويظن أن نسله سكن بقرب منابع دجلة والفرات، وظن البعض أن ماشك هنا هو اسم لموسكو.

توبال: الابن الخامس ليافث (تك 10: 2) ويرجح أن نسله أقام شرق آسيا الصغرى.

فارس وفوط وكوش: فارس هي إيران حالياً وكوش هي أثيوبيا وفوط هي الآن ليبيا.

جومر وتوجرمة: جومر هو بكر يافث (تك 10: 2) وقد سكن نسله في جانب عظيم من آسيا الصغرى وفريجية. أما توجرمة فهو إبن جومر وقد سكن نسله اقليماً في أقصى الشمال لعلها أرمينيا.

وبالإضافة إلى الأعداد الغفيرة التي ضمها هذا التحالف، فإن قوتهم تمثلت في الخيول والفرسات والأتراس والمجان والسيوف والخوذات.

2.   الغزو الذي يقوم به جوج (عد7-9)

7اسْتَعِدَّ وَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَاتِكَ الْمُجْتَمِعَةِ إِلَيْكَ فَصِرْتَ لَهُمْ مُوَقَّراً. 8بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ تُفْتَقَدُ. فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ تَأْتِي إِلَى الأَرْضِ الْمُسْتَرَدَّةِ مِنَ السَّيْفِ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي كَانَتْ دَائِمَةً خَرِبَةً, لِلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ الشُّعُوبِ وَسَكَنُوا آمِنِينَ كُلُّهُمْ. 9وَتَصْعَدُ وَتَأْتِي كَزَوْبَعَةٍ, وَتَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَكُلُّ جُيُوشِكَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ.

(عد7):"فصرت لهم موقراً ": أي صرت لحلفائك قائداً

(عد8):"بعد أيام كثيرة تفتقد": أي بعد وقت طويل تستدعى للقتال، أو تفتقد بالعقاب من الله.

في السنين الأخيرة" : هذا تعبير نبوي (انظر تك 49: 1، عد24: 14، اش2: 2، دا 10: 14، مى 4: 1)

"تأتي إلى الأرض": توصف الأرض بعد ذلك بأنها مستردة من السيف، وبأن سكانها قد جمعهم من بين الشعوب، وقد مضى عليها زمن طويل وهي خربة..

ويوصف هجوم جوج كأن زوبعة وسحابة تغطي الأرض بكثرة جيوشه وجيوش حلفائه معه.

3. مطامع جوج في أرض شعب الله (عد 10-13)

10وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أُمُوراً تَخْطُرُ بِبَالِكَ فَتُفَكِّرُ فِكْراً رَدِيئاً, 11وَتَقُولُ: إِنِّي أَصْعَدُ عَلَى أَرْضٍ أَعْرَاءٍ. آتِي الْهَادِئِينَ السَّاكِنِينَ فِي أَمْنٍ, كُلُّهُمْ سَاكِنُونَ بِغَيْرِ سُورٍ وَلَيْسَ لَهُمْ عَارِضَةٌ وَلاَ مَصَارِيعُ 12لِسَلْبِ السَّلْبِ وَلِغُنْمِ الْغَنِيمَةِ, لِرَدِّ يَدِكَ عَلَى خِرَبٍ مَعْمُورَةٍ وَعَلَى شَعْبٍ مَجْمُوعٍ مِنَ الأُمَمِ, الْمُقْتَنِي مَاشِيَةً وَقُنْيَةً, السَّاكِنُ فِي أَعَالِي الأَرْضِ. 13شَبَا وَدَدَانُ وَتُجَّارُ تَرْشِيشَ وَكُلُّ أَشْبَالِهَا يَسْأَلُونَكَ: هَلْ لِسَلْبِ سَلْبٍ أَنْتَ جَاءٍ؟ هَلْ لِغُنْمِ غَنِيمَةٍ جَمَعْتَ جَمَاعَتَكَ, لِحَمْلِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ, لأَخْذِ الْمَاشِيَةِ وَالْقُنْيَةِ, لِنَهْبِ نَهْبٍ عَظِيمٍ؟

تركزت مطامع جوج على غنائم وأسلاب إسرائيل، وانخدع ظاناً أنهم في بلاد بلا أسوار ولا عوارض ولا مصاريع. ولكنه يواجه أصدقاء لشعب الله شبا وددان (جنوب العربية) وترشيش (في أسبانيا).

4.موقف الله من جوج وحلفائه (عد 14-23)

14لِذَلِكَ تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ وَقُلْ لِجُوجٍ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ سُكْنَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ آمِنِينَ, أَفَلاَ تَعْلَمُ؟ 15وَتَأْتِي مِنْ مَوْضِعِكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ أَنْتَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ, كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ خَيْلاً جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَيْشٌ كَثِيرٌ. 16وَتَصْعَدُ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ. فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ يَكُونُ. وَآتِي بِكَ عَلَى أَرْضِي لِتَعْرِفَنِي الأُمَمُ, حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ يَا جُوجُ. 17هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ أَنْتَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ فِي الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ عَنْ يَدِ عَبِيدِي أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ, الَّذِينَ تَنَبَّأُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ سِنِيناً أَنْ آتِيَ بِكَ عَلَيْهِمْ؟ 18وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ, يَوْمَ مَجِيءِ جُوجٍ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, أَنَّ غَضَبِي يَصْعَدُ فِي أَنْفِي. 19وَفِي غَيْرَتِي فِي نَارِ سَخَطِي تَكَلَّمْتُ, أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ رَعْشٌ عَظِيمٌ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 20فَتَرْعَشُ أَمَامِي سَمَكُ الْبَحْرِ وَطُيُورُ السَّمَاءِ وَوُحُوشُ الْحَقْلِ وَالدَّابَّاتُ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ, وَكُلُّ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ, وَتَنْدَكُّ الْجِبَالُ وَتَسْقُطُ الْمَعَاقِلُ وَتَسْقُطُ كُلُّ الأَسْوَارِ إِلَى الأَرْضِ. 21وَأَسْتَدْعِي السَّيْفَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جِبَالِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. فَيَكُونُ سَيْفُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى أَخِيهِ. 22وَأُعَاقِبُهُ بِالْوَبَإِ وَبِالدَّمِ, وَأُمْطِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى جَيْشِهِ وَعَلَى الشُّعُوبِ الْكَثِيرَةِ الَّذِينَ مَعَهُ مَطَراً جَارِفاً وَحِجَارَةَ بَرَدٍ عَظِيمَةً وَنَاراً وَكِبْرِيتاً. 23فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ

يقوم الرب بالدفاع عن شعبه، ويستخدم سلطانه على الطبيعة ضد جوج ورجاله، ويتفشى المرض بينهم وتسود الفوضى فيقتل كل واحد صاحبه.

الإصحاح التاسع والثلاثون

 يرتبط هذا الإصحاح بالإصحاح السابق، مستكملاً الكلام عن نهاية جوج وحلفائه، ويمكن تقسيمه إلى:

1.   قضاء الله على جوج (عد 1-10)

2.   دفن جثث  رجال جوج (عد11-16)

3.   وليمة الطيور والوحوش (عد17-20)

4.   سيادة مقاصد الله (عد21-29)

1. قضاء الله على جوج (عد 1-10)

1وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ عَلَى جُوجٍ وَقُلْ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. 2وَأَرُدُّكَ وَأَقُودُكَ وَأُصْعِدُكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ وَآتِي بِكَ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ. 3وَأَضْرِبُ قَوْسَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُسْرَى, وَأُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى. 4فَتَسْقُطُ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ أَنْتَ وَكُلُّ جَيْشِكَ وَالشُّعُوبُ الَّذِينَ مَعَكَ. أَبْذِلُكَ مَأْكَلاً لِلطُّيُورِ الْكَاسِرَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَلِوُحُوشِ الْحَقْلِ. 5عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ تَسْقُطُ لأَنِّي تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 6وَأُرْسِلُ نَاراً عَلَى مَاجُوجَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي الْجَزَائِرِ آمِنِينَ, فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. 7وَأُعَرِّفُ بِاسْمِي الْمُقَدَّسِ فِي وَسَطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ, وَلاَ أَدَعُ اسْمِي الْمُقَدَّسَ يُنَجَّسُ بَعْدُ, فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ8 هَا هُوَ قَدْ أَتَى وَصَارَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ. 9وَيَخْرُجُ سُكَّانُ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ وَيُشْعِلُونَ وَيُحْرِقُونَ السِّلاَحَ وَالْمَجَانَّ وَالأَتْرَاسَ وَالْقِسِيَّ وَالسِّهَامَ وَالْحِرَابَ وَالرِّمَاحَ, وَيُوقِدُونَ بِهَا النَّارَ سَبْعَ سِنِينَ. 10فَلاَ يَأْخُذُونَ مِنَ الْحَقْلِ عُوداً, وَلاَ يَحْتَطِبُونَ مِنَ الْوُعُورِ لأَنَّهُمْ يُحْرِقُونَ السِّلاَحَ بِالنَّارِ, وَيَنْهَبُونَ الَّذِينَ نَهَبُوهُمْ وَيَسْلُبُونَ الَّذِينَ سَلَبُوهُمْ, يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ

يتكرر هنا ما جاء بالإصحاح السابق، وذلك على سبيل التأكيد.

(عد2):

".. وأقودك" مشتقه من كلمة عبرية تحمل معنى "عدد ستة" وقد ترجمت في الترجمة الإنجليزية المعتمدة " واترك لك السدس" وترجمها البعض "وأضربك ست ضربات" وغيرهم "أجرك بخطاف له ست أسنان".

" وأصعدك من أقاسي الشمال"

كان المقاتلون من الشمال معروفين قديماً بقوتهم في الحروب. وقد ربط بعض المفسرين بين جوج وملك الشمال المذكور في (دا 11: 40-41).

(عد 3-5):

تصف هذه الأعداد الهزيمة المنكرة لجوج وأتباعه، وتحول جثث رجالهم إلى مأكل للجوارح والوحوش.

(عد6):

"وأرسل ناراً على ماجوج وعلى الساكنين في الجزائر آمنين":

أي تحل الكوارث على بلاد جوج وأتباعه من سكان البلاد التي تتحالف وتتعاطف معه.

(عد 9،10):

يستخدم بنو إسرائيل أخشاب أسلحة الأعداء كوقود سبع سنين، وقد سبق القول في مقدمة تفسير الإصحاح السابق أن تلك الضخامة المهولة تجعل قبول التفسير الرمزي أكثر قبولاً.

2. دفن جثث  رجال جوج (عد11-16)

" 11وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ, أَنِّي أُعْطِي جُوجاً مَوْضِعاً هُنَاكَ لِلْقَبْرِ فِي إِسْرَائِيلَ, وَوَادِي عَبَارِيمَ بِشَرْقِيِّ الْبَحْرِ, فَيَسُدُّ نَفَسَ الْعَابِرِينَ. وَهُنَاكَ يَدْفِنُونَ جُوجاً وَجُمْهُورَهُ كُلَّهُ, وَيُسَمُّونَهُ وَادِيَ جُمْهُورِ جُوجٍ». 12وَيَقْبِرُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ لِيُطَهِّرُوا الأَرْضَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ. 13كُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ يَقْبِرُونَ, وَيَكُونُ لَهُمْ يَوْمُ تَمْجِيدِي مَشْهُوراً يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 14وَيُفْرِزُونَ أُنَاساً مُسْتَدِيمِينَ عَابِرِينَ فِي الأَرْضِ, قَابِرِينَ مَعَ الْعَابِرِينَ أُولَئِكَ الَّذِينَ بَقُوا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. تَطْهِيراً لَهَا. بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ يَفْحَصُونَ 15فَيَعْبُرُ الْعَابِرُونَ فِي الأَرْضِ وَإِذَا رَأَى أَحَدٌ عَظْمَ إِنْسَانٍ يَبْنِي بِجَانِبِهِ صُوَّةً حَتَّى يَقْبِرَهُ الْقَابِرُونَ فِي وَادِي جُمْهُورِ جُوجٍ 16وَأَيْضاً اسْمُ الْمَدِينَةِ هَمُونَةُ» فَيُطَهِّرُونَ الأَرْضَ. 17وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ, فَهَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قُلْ لِطَائِرِ كُلِّ جَنَاحٍ, وَلِكُلِّ وُحُوشِ الْبَرِّ: اجْتَمِعُوا, وَتَعَالُوا احْتَشِدُوا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ, إِلَى ذَبِيحَتِي الَّتِي أَنَا ذَابِحُهَا لَكُمْ, ذَبِيحَةً عَظِيمَةً عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ لِتَأْكُلُوا لَحْماً وَتَشْرَبُوا دَماً

بعد أن وصف حزقيال ضخامة جيش جوج عن طريق كثرة أخشاب أسلحته، ذكر هنا الزمن الذي يتطلبه دفن جثث رجاله ومدته سبعة أشهر (وهنا نلاحظ ثانية ما يرجح التفسير الرمزي لهذين الإصحاحين). ويكون مكان مقبرة جوج ورجاله في وادي "عباريم" و هى كلمة عبرية تعنى معابر،وقد ذكرت كمكان حل به بنو إسرائيل شرق الأردن قبل دخولهم كنعان ( عد 21 : 11 ) وبالنسبة لما جاء هنا اختلفت أراء الشراح فى تجديد الموقع على أساس أن كلمة عباريم ربما لا تأتي هنا كاسم علم بل بمعنى "وادي العابرين" (كما في الترجمة الإنجليزية). وقد قال البعض أنه وادي "مجدو" حيث كانت تكثر فيه المعارك والمعابر.

وتسبب كثرة الجثث تلوث الهواء وانتشار الأوبئة، فيسارع بنو إسرائيل بتطهير الأرض، ويقوم كل شعب الأرض بدفن تلك الجثث كما يطلب من كل عابر في تلك المنطقة أن يبني بجانب أي عظم يجده في طريقه صوة (كومة أو علامة) حتى يراها القابرون ويدفنوها عاجلاً. وقد أطلق على المكان وادي جمهور جوج واسم  المدينة "همونة" (جمهور).

3. وليمة الطيور والوحوش (عد17-20)

17وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ, فَهَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قُلْ لِطَائِرِ كُلِّ جَنَاحٍ, وَلِكُلِّ وُحُوشِ الْبَرِّ: اجْتَمِعُوا, وَتَعَالُوا احْتَشِدُوا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ, إِلَى ذَبِيحَتِي الَّتِي أَنَا ذَابِحُهَا لَكُمْ, ذَبِيحَةً عَظِيمَةً عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ لِتَأْكُلُوا لَحْماً وَتَشْرَبُوا دَماً. 18تَأْكُلُونَ لَحْمَ الْجَبَابِرَةِ وَتَشْرَبُونَ دَمَ رُؤَسَاءِ الأَرْضِ, كِبَاشٌ وَحُمْلاَنٌ وَأَعْتِدَةٌ وَثِيرَانٌ كُلُّهَا مِنْ مُسَمَّنَاتِ بَاشَانَ. 19وَتَأْكُلُونَ الشَّحْمَ إِلَى الشَّبَعِ, وَتَشْرَبُونَ الدَّمَ إِلَى السُّكْرِ مِنْ ذَبِيحَتِي الَّتِي ذَبَحْتُهَا لَكُمْ. 20فَتَشْبَعُونَ عَلَى مَائِدَتِي مِنَ الْخَيْلِ وَالْمَرْكَبَاتِ وَالْجَبَابِرَةِ وَكُلِّ رِجَالِ الْحَرْبِ, يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.

تستدعى طيور السماء ووحوش الأرض إلى وليمة عشاء على ذبيحة جثث رجال جوج وحلفائه فتنهش لحوم جبابرة، وكأنها لحوم كباش وحملان وأعتده (تيوس- ومفردها عتود وهو ذكر المعزى) وثيران وكلها من مسمنات باشان، وتأكل تلك الطيور والوحوش من اللحم حتى تشبع وتشرب من الدماء حتى تسكر.

4. سيادة مقاصد الله (عد21-29)

21وَأَجْعَلُ مَجْدِي فِي الأُمَمِ, وَجَمِيعُ الأُمَمِ يَرُونَ حُكْمِي الَّذِي أَجْرَيْتُهُ وَيَدِي الَّتِي جَعَلْتُهَا عَلَيْهِمْ, 22فَيَعْلَمُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِداً. 23وَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنَّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ قَدْ أُجْلُوا بِإِثْمِهِمْ لأَنَّهُمْ خَانُونِي, فَحَجَبْتُ وَجْهِي عَنْهُمْ وَسَلَّمْتُهُمْ لِيَدِ مُضَايِقِيهِمْ, فَسَقَطُوا كُلُّهُمْ بِالسَّيْفِ. 24كَنَجَاسَتِهِمْ وَكَمَعَاصِيهِمْ فَعَلْتُ مَعَهُمْ وَحَجَبْتُ وَجْهِي عَنْهُمْ. 25لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: الآنَ أَرُدُّ سَبْيَ يَعْقُوبَ وَأَرْحَمُ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَأَغَارُ عَلَى اسْمِي الْقُدُّوسِ. 26فَيَحْمِلُونَ خِزْيَهُمْ وَكُلَّ خِيَانَتِهِمِ الَّتِي خَانُونِي إِيَّاهَا عِنْدَ سَكَنِهِمْ فِي أَرْضِهِمْ مُطْمَئِنِّينَ وَلاَ مُخِيفٌ. 27عِنْدَ إِرْجَاعِي إِيَّاهُمْ مِنَ الشُّعُوبِ وَجَمْعِي إِيَّاهُمْ مِنْ أَرَاضِي أَعْدَائِهِمْ, وَتَقْدِيسِي فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرِينَ, 28يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُهُمْ بِإِجْلاَئِي إِيَّاهُمْ إِلَى الأُمَمِ, ثُمَّ جَمْعِهِمْ إِلَى أَرْضِهِمْوَلاَ أَتْرُكُ بَعْدُ هُنَاكَ أَحَداً مِنْهُمْ, 29وَلاَ أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ بَعْدُ, لأَنِّي سَكَبْتُ رُوحِي عَلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ

.تتجلى مقاصد الله التي لابد من تحقيقها بحكم سيادته العليا على كل الأمم والشعوب. فهو قد سمح لشعبه أن يُسَبُوا ويُشَتَّتُوا بين الأمم بسبب خطاياهم وعصيانهم وليس لتخليه عن مواعيده الأمينة.

وفي سحق جوج وحلفائه تتجلى عظمة وقدرة الله بين الأمم الوثنية كما أنه يعلن عنايته بشعبه، فيعلمون أنه هو الرب إلههم.

وفي الأعداد (25-29) يؤكد الرب وعده لشعبه بعودتهم من سبيهم بعد إجلائهم إلى الأمم. وهنا نرى صورة رمزية لعودة الشعوب الوثنية من سبي جهالاتها إلى معرفة الله في شخص يسوع المسيح ابن محبته.

ثانياً: وصف النظام الجديد (ص40-ص48)

تمهيد عام:

يختتم سفر حزقيال بهذه الإصحاحات (40-48) التي تتضمن ما يسمى "رؤيا الهيكل" العظيمة، والتي كانت سنة 572 ق.م. بعد سقوط أورشليم وخرابها بأربع عشرة سنة.

وترتبط هذه الرؤيا بالوعد الذي سبق ذكره في (37: 27، 28) وهو قول الرب: "ويكون مسكني فوقهم وأكون لهم إلهاً ويكونون لي شعباً فتعلم الأمم إني أنا الرب... إذ يكون مقدسي وسطهم إلى الأبد"

كما تشكل هذه الرؤيا خاتمة مناسبة لسلسلة النبوات المعزية التي بدأ النبي التكلم بها عندما بلغته أنباء ضرب المدينة (ص32: 21، 23) فبعد أن ذكر الشروط الأدبية والدينية التي عليها تكون العودة لشعبه ممكنة (ص33: 14- ص34)، أعلن القضاء على أعداء شعبه الذين تمثلوا في أدوم (ص35) ثم أنبأ بانبثاق فجر يوم أفضل لشعبه (ص26) تعود إليهم فيه وحدتهم وإقامتهم في أرضهم يتوسطهم مقدس الرب (ص 37). وفي (ص38، 39) تنبأ أيضاً بالقضاء النهائي والأخير على تحالف جميع القوى المعادية لأمته. وهنا يقدم النبي فكرة متطورة لما سبق أن أشار إليه من جهة عودة شعبه إلى أرض كنعان راسماَ صورة توضيحية لنظام مجتمع أو ملكوت الله كما رآه في هذه الرؤيا.

أقسام هذه الرؤيا:

تنقسم هذه الرؤيا إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

أولاً: رؤيا الهيكل، وتصميمه (ص40: 1- ص43: 12):

1.   مقدمة (ص40: 1-4).

2.   الساحة الخارجية (ص40: 5-27)

3.   الساحة الداخلية ( ص40: 28-47)

4.   رواق الهيكل (ص40 : 49-49)

5.   داخل الهيكل ودعائمه وجدرانه وغرفه (ص41: 1-26)

6.   مخادع الكهنة (ص41: 1-14)

7.   المساحة الإجمالية لمنطقة الهيكل ومحيطه (ص42: 15-20)

8.   تدشين الهيكل بحلول مجد الرب فيه (ص43: 1-12)

ثانياً: الشعب والهيكل أو نظام العبادة (ص43: 13- 46: 24):

1.   المذبح (ص43: 13-27)

2.   الباب المغلق (ص44: 1-3)

3.   تعليمات للشعب وللاويين والكهنة (ص44: 3-31)

4.   ما يفرز من الأرض للمقدس والكهنة واللاويين والشعب (أو المدينة ) والملك (ص45: 1-8)

5.   شرائح خاصة بالأوزان والتقدمات (ص45: 9-25)

6.   تعليمات خاصة بالملك والشعب أيام السبوت ورؤوس الشهور والأعياد عامة (ص 46: 1-15).

7.   الملك وقوانين الوراثة (ص46: 16-18)

8.   مطابخ الهيكل (ص46: 19-24)

ثالثاً: الأرض والهيكل (ص47: 1- ص48: 35):

1.   النهر الخارج من عتبة البيت (ص47: 1-12).

2.   تخوم الأرض (ص47: 13-23)

3.   تقسيم الأرض في الشمال (ص48: 1-7)

4.   نصيب الكهنة واللاويين (ص48: 8-14)

5.   نصيب أورشليم والملك (ص48: 15 – 22)

6.   نصيب باقي الأسباط (ص48: 23-29)

7.   يهوة شمة أي الرب هناك (ص48: 30-35)

الآراء الرئيسية في تفسير هذه الرؤيا:

أثارت هذه الرؤيا اختلافاً في وجهات النظر حول تحقيق هذه الرؤيا:

-      فهل تحققت هذه الرؤيا بعد عودة بني إسرائيل من السبي ببناء هيكل زربابل؟

-      أم، كما يقول الألفيون، أنها ستتحقق حرفياً في ما يسمونه الحكم الألفي للمسيح على الأرض؟

-      أم، هي قد تحققت رمزياً وروحياً في قيام كنيسة المسيح؟

نترك الآن الإجابة عن هذه الأسئلة ومناقشتها بالتفصيل إلى ما بعد الانتهاء من شرح تفاصيل هذه الرؤيا بمشيئة الله.

إلا أنه لابد من الإشارة إلى حقيقة كون هذه الرؤيا تحتوي على الكثير من الأمور التي يصعب قبول تفسير تحقيقها حرفياً لعدم اتفاق ذلك مع الواقع الجغرافي لأرض كنعان، فضلاً عن ذكر أشياء صعبة وغامضة، لا يمكننا معرفتها إلا باعتبار هذه الرؤيا نبوية رمزية.

أولاً: رؤيا الهيكل وتصميمة

(ص40: 1- ص 43: 12)

1. مقدمة (ص40: 1-4)

1فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ سَبْيِنَا فِي رَأْسِ السَّنَةِ, فِي الْعَاشِرِ مِنَ الشَّهْرِ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ عَشَرَةَ, بَعْدَ مَا ضُرِبَتِ الْمَدِينَةُ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِكَانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ وَأَتَى بِي إِلَى هُنَاكَ. 2فِي رُؤَى اللَّهِ أَتَى بِي إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ وَوَضَعَنِي عَلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً, عَلَيْهِ كَبِنَاءِ مَدِينَةٍ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ. 3وَلَمَّا أَتَى بِي إِلَى هُنَاكَ إِذَا بِرَجُلٍ مَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ النُّحَاسِ, وَبِيَدِهِ خَيْطُ كَتَّانٍ وَقَصَبَةُ الْقِيَاسِ, وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْبَابِ. 4فَقَالَ لِي الرَّجُلُ: يَا ابْنَ آدَمَ, انْظُرْ بِعَيْنَيْكَ وَاسْمَعْ بِأُذُنَيْكَ وَاجْعَلْ قَلْبَكَ إِلَى كُلِّ مَا أُرِيكَهُ, لأَنَّهُ لأَجْلِ إِرَاءَتِكَ أُتِيَ بِكَ إِلَى هُنَا. أَخْبِرْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ بِكُلِّ مَا تَرَى

(عد1):

يحدد النبي حزقيال تاريخ هذه الرؤيا باليوم العاشر من الشهر الأول من السنة الخامسة والعشرين- أي انه كان اليوم العاشر من شهر أبيب من السنة الخامسة والعشرين لسبي يهوياكين، وكان قد مضى على ضرب أورشليم  (سنة 586 ق.م) أربع عشرة سنة.

(عد2):

كانت يد الرب على حزقيال فأتى به في رؤيا إلى جبل عال بأرض إسرائيل كان من جهة جنوبه كبناء مدينة. وفي ذلك يقول ايرساند " وهذا كما يبدو لي من شأنه أن يبين أن علينا ألا نحمل رؤيا حزقيال على حرفيتها الكلية، ولكن كما أن رؤيا أورشليم السماوية هي رمزية إلى أبعد حد، فكذلك أيضاً رؤيا أورشليم الأرضية المعروضة في هذه الإصحاحات".

(عد3، 4):

رأى حزقيال رجلاً شبيه في منظرة بالنحاس (لعله كان ظهوراً إلهياً) ممسكاً بخيط كتان وقصبة القياس وهو واقف بالباب، وقد أمر حزقيال بتبليغ شعبه بما كان عتيداً أن يراه.

2. الساحة الخارجية (عد 5-27)

يضم الكلام عنها ثلاثة أقسام:

1.   السور والباب الشرقي (عد 5-7).

2.   رواق الباب (عد 8-16).

3.   الدار الخارجية وبابها الشمالي والجنوبي (عد 17-27)

أولاً: السور والباب الشرقي (عد5-7)

" 5وَإِذَا بِسُورٍ خَارِجَ الْبَيْتِ مُحِيطٍ بِهِ, وَبِيَدِ الرَّجُلِ قَصَبَةُ الْقِيَاسِ سِتُّ أَذْرُعٍ طُولاً بِالذِّرَاعِ وَشِبْرٌ. فَقَاسَ عَرْضَ الْبِنَاءِ قَصَبَةً وَاحِدَةً وَسُمْكَهُ قَصَبَةً وَاحِدَةً. 6ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْبَابِ الَّذِي وَجْهُهُ نَحْوَ الشَّرْقِ وَصَعِدَ فِي دَرَجِهِ, وَقَاسَ عَتَبَةَ الْبَابِ قَصَبَةً وَاحِدَةً عَرْضاً وَالْعَتَبَةَ الأُخْرَى قَصَبَةً وَاحِدَةً عَرْضاً. 7وَالْغُرْفَةَ قَصَبَةً وَاحِدَةً طُولاً وَقَصَبَةً وَاحِدَةً عَرْضاً, وَبَيْنَ الْغُرُفَاتِ خَمْسُ أَذْرُعٍ. وَعَتَبَةُ الْبَابِ بِجَانِبِ رِوَاقِ الْبَابِ مِنْ دَاخِلٍ قَصَبَةٌ وَاحِدَةٌ.

كان السور الخارجي هو أول ما شاهده حزقيال النبي. ولم يذكر النبي هنا أبعاده، ولكن من الأبعاد والمقاييس الواردة تفصيلاً بعد ذلك، يمكننا أن نستنتج أن هذا السور كان على هيئة مربع طول ضلعه 500 ذراع.

أما الذراع فهي تبلغ 18 بوصة تقريباً، أو حوالي 51 سم.

وأما القصبة فيبلغ طولها ست أذرع طولاً بالذراع وشبر (عد5).

بناء السور:

قاس عرض البناء قصبة واحدة وسمكه قصبة واحدة" (عد5):

أي أن عرض بناء السور مساو لسمكه (ارتفاعه)- وهو قصبة واحدة، فلم يكن بناء السور عالياً، إذ كان ارتفاعه حوالي ثلاثة أمتار. وهذا يوضح أن الغرض منه ليست حمايته من أية أخطار، بل ما يشير إليه معنوياً وهو عزل المكان عن باقي الأرض أو بتعبير آخر عدم اختلاط عمل الرب وعبادته بالعالم.

الباب الشرقي:

"ثم جاء إلى الباب الذي وجهة نحو الشرق" (عد6):

كان هذا الباب هو المدخل الخارجي الرئيسي للدخول للساحة الخارجية وكان على خط مستقيم مع الباب الشرقي للساحة الداخلية المؤدية إلى الهيكل ذاته (القدس وقدس الأقداس).

"وصعد على درجة" (عد6):

كان الصعود إلى الباب الخارجي الشرقي عن طريق درج من سبع درجات، لم تذكر هنا، ولكنها ذكرت في (عد22، 26) بالنسبة للبابين الآخرين الشمالي والجنوبي وكانت هذه الدرجات خارج البناء

وقاس عتبة الباب قصبة واحدة عرضا و العتبة الأخرى قصبة واحدة عرضا(عد6):

رأى حزقيال عتبتين إحداهما أمامية في نهاية الدرج، والثانية خلفية تؤدي إلى رواق الباب (عد7) وعرض كل منهما (من الشرق إلى الغرب) قصبة واحدة.

 "والغرفة قصبة واحدة طولا و قصبة واحدة عرضا" (عد7)

بعد المرور على العتبة الأمامية ، رأى حزقيال 6 غرف حراسة ثلاث على كل من الجانبين (عد 10) وكل غرفة منها مربعة ضلعها قصبة واحدة، وتفصلها عن الأخرى مسافة قدرها خمس أذرع.

وهذه الغرف خصصت للمكلفين بالحراسة من اللاويين (ص44: 11، 14)

" وعتبة الباب بجانب رواق الباب من داخل قصبة واحدة":

هذه هي العتبة الثانية التي سبق ذكرها في شرح (عد6).

ثانياً: رواق الباب وغرفاته وعضائده (ص40: 8-16)

1. الرواق (عد 8-9):

. 8وَقَاسَ رِوَاقَ الْبَابِ مِنْ دَاخِلٍ قَصَبَةً وَاحِدَةً. 9وَقَاسَ رِوَاقَ الْبَابِ ثَمَانِيَ أَذْرُعٍ, وَعَضَائِدَهُ ذِرَاعَيْنِ, وَرُِوَاقُ الْبَابِ مِنْ دَاخِلٍ.

 رواق الباب هو بمثابة بهو أو صالة، ويشكل العددان (7، 8)صعوبة في تفسيرهما، ولكن هذه الصعوبة يمكن تجاوزها باعتبار أحدهما  يذكر بُعد الرواق من الشرق للغرب والآخر من الشمال للجنوب، العضائد (الأعمدة) التي كانت قاعدة كل منهما مربعة ضلعها ذراعان، وارتفاع العامود 60 ذراعاً (عد14).

2. غرفات الباب والعضائد والحافات (عد10-12):

10وَغُرُفَاتُ الْبَابِ نَحْوَ الشَّرْقِ ثَلاَثٌ مِنْ هُنَا وَثَلاَثٌ مِنْ هُنَاكَ. لِلثَّلاَثِ قِيَاسٌ وَاحِدٌ, وَلِلْعَضَائِدِ قِيَاسٌ وَاحِدٌ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ. 11وَقَاسَ عَرْضَ مَدْخَلِ الْبَابِ عَشَرَ أَذْرُعٍ, وَطُولَ الْبَابِ ثَلاَثَ عَشَرَةَ ذِرَاعاً. 12وَالْحَافَّةُ أَمَامَ الْغُرُفَاتِ ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ مِنْ هُنَا وَالْحَافَّةُ ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ مِنْ هُنَاكَ. وَالْغُرْفَةُ سِتُّ أَذْرُعٍ مِنْ هُنَا وَسِتُّ أَذْرُعٍ مِنْ هُنَاكَ.

ذُكر في (عد7) أن الغرفة بُعدها قصبة واحدة طولا ومثلها عرضاً، وهنا يُذكر عدد هذه الغرفات: ثلاث على كل من الجانبين، وكانت لها عضائد (أعمدة) لعلها بنفس الأبعاد المذكورة في عدد (9).

ويبلغ عرض مدخل الباب ( من الشمال للجنوب) عشر أذرع. أما طول الباب فهو 13 ذراعاً، ولعل هذه المسافة هي طول الجزء المسقوف عند بداية مدخل الباب، وربما كان مثلها عند نهايته، بينهما مسافة حوالي 14 ذراعاً مكشوفة بلا غطاء.

أما الحافة أمام الغرفات، فهي بمعنى " التخم" (ص27: 4) و"حاشية" (ص43: 13، 17) و "حد" (خر 19: 12) وربما كان الغرض من هذه الحافات هو تمكين الحراس من المراقبة عند خروجهم من غرفاتهم بوجود هذه الحواجز بينهم وبين المارة للداخل والخارج. وبما أن كل حافة على كلا الجانبين هي ذراع، فيكون المتبقى من عرض ممر الباب للمارة هو ثمان أذرع.

3. أبعاد الباب والعضائد ...(عد13-16)

13ثُمَّ قَاسَ الْبَابَ مِنْ سَقْفِ الْغُرْفَةِ الْوَاحِدَةِ إِلَى سَقْفِ الأُخْرَى عَرْضَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ذِرَاعاً. الْبَابُ مُقَابِلُ الْبَابِ. 14وَعَمِلَ عَضَائِدَ سِتِّينَ ذِرَاعاً إِلَى عَضَادَةِ الدَّارِ حَوْلَ الْبَابِ. 15وَقُدَّامَ بَابِ الْمَدْخَلِ إِلَى قُدَّامِ رِوَاقِ الْبَابِ الدَّاخِلِيِّ خَمْسُونَ ذِرَاعاً. 16وَلِلْغُرُفَاتِ كُوًى مُشَبَّكَةٌ, وَلِلْعَضَائِدِ مِنْ دَاخِلِ الْبَابِ حَوَالَيْهِ, وَهَكَذَا فِي الْقُبَبِ أَيْضاً, كُوًى حَوَالَيْهَا مِنْ دَاخِلٍ, وَعَلَى الْعَضَادَةِ نَخِيلٌ.

 قاس (عرض) الباب من سقف الغرفة الواحدة إلى مقابله للغرفة المواجهة لها 25 ذراعاً وتفصيلها:

10 أذرع    عرض الممر

12 ذراعاً   عرض الغرفتين (6x 2)

3 أذرع      سمك جداري جانبي الغرفتين

25 ذراعاً   جملة المسافة من سقف الغرفة الواحدة عرضاً إلى سقف الحجرة المقابلة لها (الباب مقابل الباب).

وعمل عضائد ستين ذراعاً (ارتفاع كل منهما) " إلى عضادة الدار حول الباب" ومعنى "الدار حول الباب" أن الدار حول المخرج الداخلي من الباب.

" وقدام باب المدخل إلى قدام رواق الباب الداخلي خمسون ذراعاً" أي أن طول مبنى الباب من مدخله الخارجي إلى نهايته من داخله هو 50 ذراعاً شملت العتبتين (12 ذراعاً) والغرفات الثلاث (18 ذراعا) والفسحتين بين الغرفات (10 أذرع) والرواق والعامود (10 أذرع) ولإضاءة الغرفات وممر الباب، توجد كوى مشبكة (ذات عوارض ثابتة) للغرفات وللعضائد داخل الباب حواليه وهكذا في القبب التي كانت غالباً بين كل حجرة وأخرى. كما زينت العضائد بنقش أو رسم نخيل.

ثالثاً: الدار الخارجية وباباها الشمالي والجنوبي (عد 17-27)

. 17ثُمَّ أَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ وَإِذَا بِمَخَادِعَ وَمُجَزَّعٍ مَصْنُوعٍ لِلدَّارِ حَوَالَيْهَا. عَلَى الْمُجَزَّعِ ثَلاَثُونَ مِخْدَعاً. 18وَالْمُجَزَّعُ بِجَانِبِ الأَبْوَابِ مُقَابِلَ طُولِ الأَبْوَابِ الْمُجَزَّعُ الأَسْفَلُ. 19وَقَاسَ الْعَرْضَ مِنْ قُدَّامِ الْبَابِ الأَسْفَلِ إِلَى قُدَّامِ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ مِنْ خَارِجٍ مِئَةَ ذِرَاعٍ إِلَى الشَّرْقِ وَإِلَى الشِّمَالِ. 20وَالْبَابُ الْمُتَّجِهُ نَحْوَ الشِّمَالِ الَّذِي لِلدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ قَاسَ طُولَهُ وَعَرْضَهُ. 21وَغُرُفَاتُهُ ثَلاَثٌ مِنْ هُنَا وَثَلاَثٌ مِنْ هُنَاكَ, وَعَضَائِدُهُ وَمُقَبَّبُهُ كَانَتْ عَلَى قِيَاسِ الْبَابِ الأَوَّلِ, طُولُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعاً وَعَرْضُهَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً. 22وَكُواهَا وَمُقَبَّبُهَا وَنَخِيلُهَا عَلَى قِيَاسِ الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ, وَكَانُوا يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ فِي سَبْعِ دَرَجَاتٍ, وَمُقَبَّبُهُ أَمَامَهُ. 23وَلِلدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ بَابٌ مُقَابِلُ بَابٍ لِلشِّمَالِ وَلِلشَّرْقِ. وَقَاسَ مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ مِئَةَ ذِرَاعٍ. 24ثُمَّ ذَهَبَ بِي نَحْوَ الْجَنُوبِ, وَإِذَا بِبَابٍ نَحْوَ الْجَنُوبِ, فَقَاسَ عَضَائِدَهُ وَمُقَبَّبَهُ كَهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. 25وَفِيهِ كُوًى وَفِي مُقَبَّبِهِ مِنْ حَوَالَيْهِ كَتِلْكَ الْكُوَى. الطُّولُ خَمْسُونَ ذِرَاعاً وَالْعَرْضُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً. 26وَسَبْعُ دَرَجَاتٍ مَصْعَدُهُ وَمُقَبَّبُهُ قُدَّامَهُ, وَلَهُ نَخِيلٌ وَاحِدَةٌ مِنْ هُنَا وَوَاحِدَةٌ مِنْ هُنَاكَ عَلَى عَضَائِدِهِ. 27وَلِلدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ بَابٌ نَحْوَ الْجَنُوبِ. وَقَاسَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الْبَابِ نَحْوَ الْجَنُوبِ مِئَةَ ذِرَاعٍ.

اقتيد حزقيال من الباب الخارجي الشرقي إلى الساحة الخارجية فرأى 30 حجرة، على مجزع (رصيف) محيط بالساحة. ويرجح أنها كانت موزعة على مجموعات، كل مجموعة من خمس حجرات على جانبي كل من الأبواب الثلاثة الخارجية (الشرقي والشمالي والجنوبي) وكل حجرة تتسع لثلاثين شخصاً من الشعب، يستخدمونها في المواسم والأعياد.

و وردت في هذه الأعداد مقاييس الباب الشمالي الخارجي (عد20-22) والباب الجنوبي الخارجي (عد 24-26) ولا تختلف عما جاء عن الباب الشرقي الذي سبق الكلام عنه بالتفصيل.

وقيست المسافة بين كل من الأبواب الخارجية الثلاثة وبين ما يقابلها من أبواب الدار الداخلية فكانت مئة ذراع (عد 19، 23، 27 ).

ومن الملاحظ ذكر المجزع الأسفل والباب الأسفل (عد 19) بالنظر إلى ارتفاع الدار الداخلية في مستوى سطحها عن الساحة الخارجية.

3- الساحة الداخلية (ص40: 28-47)

بحسب ما جاء في (عد 47) فإن الساحة الداخلية مربعة الأبعاد كل ضلع لها مئة ذراع. ولها ثلاثة أبواب يواجه كل منهما بابا من أبواب الساحة الخارجية، وبنفس الأبعاد والتقسيمات، فيما عدا عدد الدرجات فهي ثماني درجات لكل باب، كما أن مقببها يتجه للدار الخارجية وليس للداخل.

وتشتمل الأعداد (28 - 47) على:

1.   الأبواب الثلاثة (عد 28 -37).

2.   ترتيبات الذبائح (عد 38 -43).

3.   غرف المغنيين والكهنة الحراس (عد  44-47).

1. الأبواب الثلاثة (عد 28-37)

كان دخول حزقيال للدار الداخلية من الباب الجنوبي ووصفه كالآتي:

28وَأَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ مِنْ بَابِ الْجَنُوبِ, وَقَاسَ بَابَ الْجَنُوبِ كَهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. 29وَغُرُفَاتُهُ وَعَضَائِدُهُ وَمُقَبَّبُهُ كَهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. وَفِيهِ وَفِي مُقَبَّبِهِ كُوًى حَوَالَيْهِ. الطُّولُ خَمْسُونَ ذِرَاعاً وَالْعَرْضُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً. 30وَحَوَالَيْهِ مُقَبَّبٌ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً طُولاً وَخَمْسُ أَذْرُعٍ عَرْضاً. 31وَمُقَبَّبُهُ نَحْوَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ, وَعَلَى عَضَائِدِهِ نَخِيلٌ, وَمَصْعَدُهُ ثَمَانِي دَرَجَاتٍ.

و هكذا نرى مطابقة ما جاء هنا مع ما سبق ذكره عن كل من الأبواب الثلاثه للدار الخارجية

وجاء حزقيال إلى الباب الشرقى للدار الداخلية ووصفه كالآتى مطابقا لما جاء عن الباب الجنوبى

  32وَأَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَقَاسَ الْبَابَ كَهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. 33وَغُرُفَاتُهُ وَعَضَائِدُهُ وَمُقَبَّبُهُ كَهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. وَفِيهِ وَفِي مُقَبَّبِهِ كُوًى حَوَالَيْهِ. الطُّولُ خَمْسُونَ ذِرَاعاً وَالْعَرْضُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً. 34وَمُقَبَّبُهُ نَحْوَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ وَعَلَى عَضَائِدِهِ نَخِيلٌ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ, وَمَصْعَدُهُ ثَمَانِي دَرَجَاتٍ.

وجاء أيضا إلى الباب الشمالى للدار الداخلية فوجد نفس ما سبق ذكره من الأبعاد

35وَأَتَى بِي إِلَى بَابِ الشِّمَالِ وَقَاسَ كَهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. 36غُرُفَاتُهُ وَعَضَائِدُهُ وَمُقَبَّبُهُ وَالْكُوى الَّتِي لَهُ حَوَالَيْهِ. الطُّولُ خَمْسُونَ ذِرَاعاً وَالْعَرْضُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً. 37وَعَضَائِدُهُ نَحْوَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ, وَعَلَى عَضَائِدِهِ نَخِيلٌ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ, وَمَصْعَدُهُ ثَمَانِي دَرَجَاتٍ.

 ومن الملاحظ أن عدد درجات كل من الأبواب الثلاثة المؤدية إلى الدار الخارجية يزيد درجة عن مثيلاتها في الأبواب الخارجية. وذلك يشير إلى:

1.   الارتفاع روحياً كلما اقتربنا من حضرة الله.

2. مجموع عدد الدرجات هو 7+8=15 وهو نفس عدد مزامير المصاعد، ولعل اللاويون كانوا ينشدون على كل درجة واحداً من هذه المزامير.

2- ترتيبات الذبائح (38-43).

38وَعِنْدَ عَضَائِدِ الأَبْوَابِ مِخْدَعٌ وَمَدْخَلُهُ. هُنَاكَ يَغْسِلُونَ الْمُحْرَقَةَ. 39وَفِي رِوَاقِ الْبَابِ مَائِدَتَانِ مِنْ هُنَا وَمَائِدَتَانِ مِنْ هُنَاكَ لِتُذْبَحَ عَلَيْهَا الْمُحْرَقَةُ وَذَبِيحَةُ الْخَطِيئَةِ وَذَبِيحَةُ الإِثْمِ. 40وَعَلَى الْجَانِبِ مِنْ خَارِجٍ حَيْثُ يُصْعَدُ إِلَى مَدْخَلِ بَابِ الشِّمَالِ مَائِدَتَانِ, وَعَلَى الْجَانِبِ الآخَرِ الَّذِي لِرِوَاقِ الْبَابِ مَائِدَتَانِ. 41أَرْبَعُ مَوَائِدَ مِنْ هُنَا وَأَرْبَعُ مَوَائِدَ مِنْ هُنَاكَ عَلَى جَانِبِ الْبَابِ. ثَمَانِي مَوَائِدَ كَانُوا يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا. 42وَالْمَوَائِدُ الأَرْبَعُ لِلْمُحْرَقَةِ مِنْ حَجَرٍ نَحِيتٍ, الطُّولُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ وَالسَّمْكُ ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ. كَانُوا يَضَعُونَ عَلَيْهَا الأَدَوَاتِ الَّتِي يَذْبَحُونَ بِهَا الْمُحْرَقَةَ وَالذَّبِيحَةَ. 43وَالْمَآزِيبُ شِبْرٌ وَاحِدٌ مُمَكَّنَةً فِي الْبَيْتِ مِنْ حَوْلِهِ. وَعَلَى الْمَوَائِدِ لَحْمُ الْقُرْبَانِ. ويذكر في (عد 38) أنه توجد بجانب عضائد الباب الشمالي مخداع لغسل المحرقة.

وتذكر الأعداد التالية أنه توجد موائد تقدم عليها المحرقة وذبائح الخطية والإثم، وعددها ثماني موائد أربع منها داخل رواق الباب وأربع خارجه. كما أن هناك أربع موائد أخرى مخصصة للمحرقة وهي من حجارة منحوته طولها وعرضها ذراع ونصف وسمكها ذراع واحدة.

ولها مآزيب (خطاطيف أو كلابات) مزدوجة طولها شبر مثبته حول محيطها.

3.غرف المغنيين والكهنة الحراس (عد 44-47).

. 44وَمِنْ خَارِجِ الْبَابِ الدَّاخِلِيِّ مَخَادِعُ الْمُغَنِّينَ فِي الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ الَّتِي بِجَانِبِ بَابِ الشِّمَالِ, وَوُجُوهُهَا نَحْوَ الْجَنُوبِ. وَاحِدٌ بِجَانِبِ بَابِ الشَّرْقِ مُتَّجِهٌ نَحْوَ الشِّمَالِ. 45وَقَالَ لِي: هَذَا الْمِخْدَعُ الَّذِي وَجْهُهُ نَحْوَ الْجَنُوبِ هُوَ لِلْكَهَنَةِ حَارِسِي حِرَاسَةِ الْبَيْتِ. 46وَالْمِخْدَعُ الَّذِي وَجْهُهُ نَحْوَ الشِّمَالِ لِلْكَهَنَةِ حَارِسِي حِرَاسَةِ الْمَذْبَحِ. هُمْ بَنُو صَادُوقَ الْمُقَرَّبُونَ مِنْ بَنِي لاَوِي إِلَى الرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ. 47فَقَاسَ الدَّارَ مِئَةَ ذِرَاعٍ طُولاً وَمِئَةَ ذِرَاعٍ عَرْضاً, مُرَبَّعَةً, وَالْمَذْبَحَ أَمَامَ الْبَيْتِ.

وخارج الباب الداخلي مخدعان في الساحة الداخلية أحدهما مجاور لباب الشمال متجهاً نحو الجنوب، والآخر بجوار الباب الجنوبي ومتجه نحو الشمال. والباب الأول للكهنة حراس البيت، والباب الثاني للكهنة حراس المذبح. وهم من بني صادوق المكرسون من بني لاوي لخدمة الرب.

وقد ذكر في (عد 44) أن هذه المخادع هي للمغنيين في الدار الداخلية. وكان الغناء من عمل الفرق المكونة من اللاويين. وقد نسب هنا للكهنة ارتفاعاً بمستوى خدمة التسبيح.

4. رواق الهيكل (ص 40: 48-49)

. 48وَأَتَى بِي إِلَى رِوَاقِ الْبَيْتِ وَقَاسَ عَضَادَةَ الرِّوَاقِ, خَمْسَ أَذْرُعٍ مِنْ هُنَا وَخَمْسَ أَذْرُعٍ مِنْ هُنَاكَ, وَعَرْضَ الْبَابِ ثَلاَثَ أَذْرُعٍ مِنْ هُنَا وَثَلاَثَ أَذْرُعٍ مِنْ هُنَاكَ. 49طُولُ الرِّوَاقِ عِشْرُونَ ذِرَاعاً, وَالْعَرْضُ إِحْدَى عَشَرَةَ ذِرَاعاً عِنْدَ الدَّرَجِ الَّذِي بِهِ كَانُوا يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ. وَعِنْدَ الْعَضَائِدِ أَعْمِدَةٌ, وَاحِدٌ مِنْ هُنَا وَوَاحِدٌ مِنْ هُنَاكَ.

يرتبط هذان العددان بالإصحاح التالي، لأنهما يمهدان لوصف "البيت" أي الهيكل، بما يطابق ما جاء عن هيكل سليمان (امل 6: 2) بأقسامه الثلاثة:

1.   الرواق (ص40: 48/ 49)

2.   القدس (ص 41: 1)

3.   قدس الأقداس (ص41: 4)

ويصف هذان العددان رواقاً أو مدخلاً أو دهليزاً كان لابد من المرور به في الطريق إلى القدس، وكان الغرض منه هو الإستعداد ذهنياً وروحياً للدخول في مقدس الرب الذي تليق به القداسة.

أما عن أبعاد هذا الرواق فهي 20 ذراعاً طولاً (من الشرق للغرب)، 11 ذراعاً عرضاً (من الشمال للجنوب).

وبحسب تفسير Kell كان الدخول لهذا الرواق عن طريق باب من دلفتين كل منهما ثلاث أذرع (عد48) مثبتتين إلى عنادتين على الجانبين عرض كل منهما 5 أذرع وتلتقي الدلفتان في الوسط.

وبذلك يكون عرض واجهة الرواق 6أذرع هو عرض الباب بدلفتيه ، يضاف إليهما عرض العضادتين (10 أذرع).

أما من الداخل فإن عرض كل من العضادتين هو 2.5 ذراع لأن كلا من الحائطين الجانبيتين تقسم العضادة إلى نصفين، وهكذا يكون عرض الرواق من الداخل هو 11 ذراعاً تفصيلها كالآتي:

الباب من دلفتين 2x3 =                       6 أذرع

نصف العضادتين خارج الحائطين  2x2.5 = 5 أذرع

عرض الـــــــــرواق              11 ذراعاً

وهناك درج كان الصعود به إلى الرواق، ولم يذكر عدد درجاته، وإن كان بحسب الترجمة السبعينية فإنه عشر درجات.

وعند العضادتين، والأرجح على جانبي الدرج، يوجد عمودان لم يذكر إرتفاعهما. وقد ذكر ارتفاع الرواق في هيكل سليمان وهو 120 ذراعاً (2أيام 3: 4) ويقابل هذان العمودان "ياكين" و"بوعز" في هيكل سليمان (امل 7: 21) وكان ارتفاع كل منهما 18 ذراعاً (امل 7: 15) ويعني اسم ياكين "الرب يقيم" واسم بوعز "فيه القوة" وهكذا كانا يشيران إلى قوة عمل الله وثبات أولاده فيه وفي شدة قوته.

 

ملاحظات وتأملات عامة على ص 40

1. كان المرشد الذي رافق حزقيال في هذه الرؤيا هو الذي ظهر في هيئة "رجل منظره كمنظر النحاس" وفيه نرى شخص المسيح الذي يرشدنا إلى معرفة الأمور المختصة بملكوته، وكما شاهد حزقيال تفاصيل دقيقة لكل ما يتصل بالهيكل داخلياً وخارجياً هكذا يرشدنا المسيح إلى كل دقائق وتدبيرات الخلاص الذي وهبه لنا.

2. كانت المقاييس والأبعاد موضع اهتمام وتركيز في وصف كل شيء من جدران وأبواب وأروقة وعضائد وساحات ...الخ، وتعطينا هذه المقاييس والأبعاد صورة واضحة لتناسب المساحات والأطوال والارتفاعات ..الخ بما يكشف عن ترتيب دقيق وتناسق بديع بين جميع أجزاء ومحتويات ذلك الصرح العظيم ، وهكذا نرى في كنيسة المسيح توزيعاً متناسباً ورائعاً لمقاييس المواهب والمسئوليات والخدمات التي في مجموعها تتكامل لقيام بناء الكنيسة قوياً متماسكاً.

3. يذكرنا وجود كثير من المخادع والغرفات بقول السيد المسيح "في بيت أبي منازل كثيرة" (يو14: 2).

4. رأى حزقيال بالدار الداخلية مذبحاً وموائد لترتيب الذبائح رمزاً ومثالاً لذبيحة الصليب التي قدمها السيد المسيح في جسده الإلهي ودمه الكريم ، وهي الذبيحة الممتدة والمستمرة في سر الإفخارستيا المقدس.

5. سبق ذكر الصعود على 15 درجة للدخول إلى الساحة الخارجية ثم إلى الدار الداخلية، وهنا تضاف 10 درجات للصعود إلى رواق البيت، فيكون مجموع هذه الدرجات 25 درجة، تشير إلى ارتفاع قاماتنا الروحية في شخص ربنا يسوع الذي ارتفع بنا إلى دائرة ومجال السماويات.

5- داخل الهيكل ودعائمه وجدرانه وغرفه

(ص 41: 1-26)

يمكننا متابعة وصف داخل الهيكل وملحقاته على أربع  مراحل:

1.   القدس وقدس الأقداس (عد1-4)

2.   حائط البيت ومبانيه الجانبية (عد5-11)

3.   بناء المكان المنفصل "الجِزارة" (عد 12-14)

4.   وصف إجمالي  لأبعاد البيت وداخله (عد15-26)

 1. القدس وقدس الأقداس (عد1-4)

1وَأَتَى بِي إِلَى الْهَيْكَلِ وَقَاسَ الْعَضَائِدَ, عَرْضُهَا مِنْ هُنَا سِتُّ أَذْرُعٍ وَمِنْ هُنَاكَ سِتُّ أَذْرُعٍ عَرْضُ الْخَيْمَةِ. 2وَعَرْضُ الْمَدْخَلِ عَشَرُ أَذْرُعٍ, وَجَوَانِبُ الْمَدْخَلِ مِنْ هُنَا خَمْسُ أَذْرُعٍ وَمِنْ هُنَاكَ خَمْسُ أَذْرُعٍ. وَقَاسَ طُولَهُ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً وَالْعَرْضَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً. 3ثُمَّ جَاءَ إِلَى دَاخِلٍ وَقَاسَ عَضَادَةَ الْمَدْخَلِ ذِرَاعَيْنِ, وَالْمَدْخَلَ سِتَّ أَذْرُعٍ, وَعَرْضَ الْمَدْخَلِ سَبْعَ أَذْرُعٍ. 4وَقَاسَ طُولَهُ عِشْرِينَ ذِرَاعاً, وَالْعَرْضَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً إِلَى قُدَّامِ الْهَيْكَلِ. وَقَالَ لِي: هَذَا قُدْسُ الأَقْدَاسِ

 أتى حزقيال النبي إلى "الهيكل" والمقصود به هنا "القدس" كما في (1مل 6: 5) ورأى عضائد على الجانبين، عرض كل منهما 6 أذرع، "عرض الخيمة" – وهذه الفقرة أوجدت صعوبة لدى الشراح في توضيح المقصود بها ، ولعل “Keil” قد أصاب في تفسيره باعتباره هذه الفقرة تحمل ضمنياً معنى تقديريا وهو أن العاضدتين على كل من الجانبين يحددان عرض الخيمة، وهو الاسم الذي أطلق على البيت قبل بناء هيكل سليمان.

وعرض المدخل المؤدي إلى القدس من الرواق 10 أذرع وعرض كل من جانبيه 5 أذرع، وطول القدس مع 40 ذراعاً وعرضه 20 ذراعا.

ثم جاء حزقيال إلى مدخل "قدس الأقداس" ولم يدخل حزقيال بل دخل مرشده وقاس عضادة المدخل ذراعين" والمدخل ست أذرع وعرض المدخل سبع أذرع – أي أن المدخل ست أذرع طولاً وسبع اذرع عرضاً، وقاس طول قدس الأقداس 20 ذراعاً طولاً و20 ذراعاً عرضاً.

2. حائط البيت ومبانيه الجانبية (عد5-11)

5وَقَاسَ حَائِطَ الْبَيْتِ سِتَّ أَذْرُعٍ, وَعَرْضَ الْغُرْفَةِ أَرْبَعَ أَذْرُعٍ حَوْلَ الْبَيْتِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. 6وَالْغُرُفَاتُ غُرْفَةٌ إِلَى غُرْفَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ مَرَّةً, وَدَخَلَتْ فِي الْحَائِطِ الَّذِي لِلْبَيْتِ لِلْغُرُفَاتِ حَوْلَهُ لِتَتَمَكَّنَ وَلاَ تَتَمَكَّنَ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ. 7وَاتَّسَعَتِ الْغُرُفَاتُ وَأَحَاطَتْ صَاعِداً فَصَاعِداً, لأَنَّ مُحِيطَ الْبَيْتِ كَانَ صَاعِداً فَصَاعِداً حَوْلَ الْبَيْتِ. لِذَلِكَ عَرْضُ الْبَيْتِ إِلَى فَوْقُ وَهَكَذَا مِنَ الأَسْفَلِ يُصْعَدُ إِلَى الأَعْلَى فِي الْوَسَطِ. 8وَرَأَيْتُ سَمْكَ الْبَيْتِ حَوَالَيْهِ. أُسُسُ الْغُرُفَاتِ قَصَبَةٌ تَامَّةٌ سِتُّ أَذْرُعٍ إِلَى الْمَفْصَلِ. 9عَرْضُ الْحَائِطِ الَّذِي لِلْغُرْفَةِ مِنْ خَارِجٍ خَمْسُ أَذْرُعٍ, وَمَا بَقِيَ فَفَسْحَةٌ لِغُرُفَاتِ الْبَيْتِ. 10وَبَيْنَ الْمَخَادِعِ عَرْضُ عِشْرِينَ ذِرَاعاً حَوْلَ الْبَيْتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. 11وَمَدْخَلُ الْغُرْفَةِ فِي الْفَسْحَةِ مَدْخَلٌ وَاحِدٌ نَحْوَ الشِّمَالِ, وَمَدْخَلٌ آخَرُ نَحْوَ الْجَنُوبِ. وَعَرْضُ مَكَانِ الْفَسْحَةِ خَمْسُ أَذْرُعٍ حَوَالَيْهِ. يمكننا متابعة ما جاء بهذه الأعداد كالآتي:

1.   حائط البيت المحيط المحيط بالبيت وسمكة 6 أذرع.

2. الغرفات: وكانت في ثلاث طوابق، يحتوي كل طابق على 30 غرفة عرض كل منها 4 أذرع. وكانت تتسع من طابق إلى آخر والصعود إلى أعلى يكون في الوسط وربما وجد سلم حلزوني لذلك.

3. حائط الغرفات الجانبية: وكانت تلك الغرفات مُمَكَّنة وداخلة فيه، أي تعتمد عليه ، وسمكه 5 أذرع.

4. سمك البيت حواليه: أي ارتفاع أو رصيف ارتفع به البيت عن سطح الأرض قصبة (ست أذرع) إلى المفصل (وفي رأي البعض أن المفصل اصطلاح هندسي يقصد به نقطة التقاء جزء من المبنى بجزء آخر).

5.   فسحة أو ممر للغرفات: عبارة عن مسافة متروكة على امتداد محيط البيت بعرض 5 أذرع.

6.   مدخلان للغرفات أحدهما باتجاه الشمال والآخر باتجاه الجنوب.

7.   المكان المنفصل: ساحة بعرض 20 ذراعاً من الشمال والجنوب والغرب.

3. بناء المكان المنفصل "الجزارة" (عد 12-14)

12وَالْبِنَاءُ الَّذِي أَمَامَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ الطَّرَفِ نَحْوَ الْغَرْبِ سَبْعُونَ ذِرَاعاً عَرْضاً, وَحَائِطِ الْبِنَاءِ خَمْسُ أَذْرُعٍ عَرْضاً مِنْ حَوْلِهِ, وَطُولُهُ تِسْعُونَ ذِرَاعاً. 13وَقَاسَ الْبَيْتَ مِئَةَ ذِرَاعٍ طُولاً, وَالْمَكَانَ الْمُنْفَصِلَ وَالْبِنَاءَ مَعَ حِيطَانِهِ مِئَةَ ذِرَاعٍ طُولاً. 14وَعَرْضَ وَجْهَ الْبَيْتِ وَالْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ نَحْوَ الشَّرْقِ مِئَةَ ذِرَاعٍ.

من جهة الغرب وأمام المكان المنفصل  (الساحة المحيطة بالبيت وغرفه) قام بناء منفصل (جزارة) – أي مكان لما يستبعد من مستلزمات الخدمة المقدسة.

ومساحة هذا المكان 90 ذراعاً x 70 ذراعاً (ويمتد طوله من الشرق إلى الغرب).

وحائط البناء خمس أذرع سمكاً. وفي (عددي 13، 14) يذكر الغرض الإجمالي لهذا البناء (100 ذراع) والطول الإجمالي (100 ذراع)  

4. وصف إجمالي  لأبعاد البيت وداخله (عد15-26)

15وَقَاسَ طُولَ الْبِنَاءِ إِلَى قُدَّامِ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ الَّذِي وَرَاءَهُ وَأَسَاطِينَهُ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ مِئَةَ ذِرَاعٍ مَعَ الْهَيْكَلِ الدَّاخِلِيِّ وَأَرْوِقَةِ الدَّارِ. 16الْعَتَبَاتُ وَالْكُوَى الْمُشَبَّكَةُ وَالأَسَاطِينُ حَوَالَيِ الطَّبَقَاتِ الثَّلاَثِ مُقَابِلُ الْعَتَبَةِ مِنْ أَلْوَاحِ خَشَبٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَمِنَ الأَرْضِ إِلَى الْكُوَى - وَالْكُوَى مُغَطَّاةٌ - 17إِلَى مَا فَوْقَ الْمَدْخَلِ وَإِلَى الْبَيْتِ الدَّاخِلِيِّ وَإِلَى الْخَارِجِ وَإِلَى الْحَائِطِ كُلِّهِ حَوَالَيْهِ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ بِهَذِهِ الأَقْيِسَةِ. 18وَعُمِلَ فِيهِ كَرُوبِيمُ وَنَخِيلٌ. نَخْلَةٌ بَيْنَ كَرُوبٍ وَكَرُوبٍ, وَلِكُلِّ كَرُوبٍ وَجْهَانِ. 19فَوَجْهُ الإِنْسَانِ نَحْوَ نَخْلَةٍ مِنْ هُنَا, وَوَجْهُ الشِّبْلِ نَحْوَ نَخْلَةٍ مِنْ هُنَالِكَ. عُمِلَ فِي كُلِّ الْبَيْتِ حَوَالَيْهِ. 20مِنَ الأَرْضِ إِلَى مَا فَوْقَ الْمَدْخَلِ عُمِلَ كَرُوبِيمُ وَنَخِيلٌ وَعَلَى حَائِطِ الْهَيْكَلِ. 21وَقَوَائِمُ الْهَيْكَلِ مُرَبَّعَةٌ, وَوَجْهُ الْقُدْسِ مَنْظَرُهُ كَمَنْظَرِ وَجْهِ الْهَيْكَلِ. 22اَلْمَذْبَحُ مِنْ خَشَبٍ ثَلاَثُ أَذْرُعٍ ارْتِفَاعاً, وَطُولُهُ ذِرَاعَانِ, وَزَوَايَاهُ وَطُولُهُ وَحِيطَانُهُ مِنْ خَشَبٍ. وَقَالَ لِي: هَذِهِ الْمَائِدَةُ أَمَامَ الرَّبِّ». 23وَلِلْهَيْكَلِ وَلِلْقُدْسِ بَابَانِ. 24وَلِلْبَابَيْنِ مِصْرَاعَانِ مِصْرَاعَانِ يَنْطَوِيَانِ, مِصْرَاعَانِ لِلْبَابِ الْوَاحِدِ وَمِصْرَاعَانِ لِلْبَابِ الآخَرِ. 25وَعُمِلَ عَلَيْهَا عَلَى مَصَارِيعِ الْهَيْكَلِ كَرُوبِيمُ وَنَخِيلٌ كَمَا عُمِلَ عَلَى الْحِيطَانِ, وَغِشَاءٌ مِنْ خَشَبٍ عَلَى وَجْهِ الرِّوَاقِ مِنْ خَارِجٍ, 26وَكُوىً مُشَبَّكَةٌ وَنَخِيلٌ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ عَلَى جَوَانِبِ الرِّوَاقِ وَعَلَى غُرُفَاتِ الْبَيْتِ وَعَلَى الأَفَارِيزِ

(عد15):

يذكر هذا العدد أن المرشد الذي رافقه حزقيال النبي قاس:

1.   الطول الإجمالي للبناء.

2. طول الأساطين التي كانت على الجانبين الشمالي والجنوبي وقد بلغ طولها مئة ذراع (على كل من الجانبين) ويرى البعض أن هذه الأساطين كانت شبه ممرات.

3.   الهيكل الداخلي وأروقة الدار.

(عد 16، 17):

يتضمن هذان العددان تفاصيل جديدة:

  1. فقد كانت العتبات والكوى المشبكة والأساطين المحيطة بالطوابق الثلاثة مبطنة بخشب من الأرض إلى الكوى.
  2. كانت الكوى مغطاة (ربما بما يشبه شعرية النوافذ).
  3. كان كل شيء بحسب الأقيسة المعينة.

(عد 18-20):

كانت أغطية الخشب منقوشة بصور كروبيم ونخيل وكان بين كل كروب وكروب نخلة، ولكل كروب وجهان:

-      وجه إنسان (يمثل الخليقة العاقلة) يتجه نحو جانب النخلة السابقة له.

-      وجه شبل أسد (يمثل الخليقة الغير العاقلة) يتجه نحو جانب النخلة التالية له.

وكانت هذه الزينة من الأرض إلى ما فوق المداخل على كل جوانب الهيكل وعلى جدارة.

(عد 21):

كانت قوائم الهيكل مربعة ، وكان وجه القدس مماثلاً في منظره لوجه الهيكل، أي كان باب القدس مشابهاً لباب الهيكل.

(عد 22):

يصف هذا العدد مذبح البخور الذي كان مصنوعاً من خشب وارتفاعه ثلاث أذرع وطوله ذراعان ورأى حزقيال النبي أيضاً المائدة- أي مائدة خبز الوجوه.

(عد23-26):

تتناول هذه الأعداد أوصاف أبواب القدس وقدس الأقداس. وكان لكل منهما بابان مزدوجان. ولكل باب مصراعان ينطويان على نفسيهما.

وقد نقش على مصاريع الهيكل كروبيم وأشجار نخيل مثل ما حفر على الجدران. وقد ثبت افريز من خشب على وجه الرواق من خارج. وانتشرت الكوى المشبكة ونقوش النخيل على جانبي الرواق وعلى حجرات البيت، وعلى الأفاريز.

ملاحظات وتأملات

نقتبس مايلي عن تفسير سفر حزقيال للقمص تادرس يعقوب:

كان المبنى كله من الداخل –القدس وقدس الأقداس- مغطى بالأخشاب أعلى الكوى وأسفلها وعلى الحوائط الخ...

(ع 16 ، 17) ليظهر المبنى كله من الداخل كأنه قطعة واحدة خشبية ، تختفي وراءه الحجارة المتباينة، ذلك إعلاناً عن وحدة جسد المسيح الواحد، أو قيامنا كلنا كجسد واحد مختفي وراء الصليب، لا يميز أحدنا نفسه عن الآخر. ففي الصليب- كما سبق فقلت (2)- تم وحده طولية وأخرى عرضية، وحدة السماء مع الأرض، ووحدة الأرضيين معاً. في هذا يقول القديس إيريناؤس: "علق على خشبة ذاك الذي يجمع الكل فيه

(1)"ويقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: " الصليب هو طريق رباط المسكونة

 (2)" ويقول القديس كيرلس الأورشليمي :"بسط الرب يديه على الصليب ليحتضن أقاصي العالم

 (3)" كما يقول القديس هيبوليتس الروماني: "الصليب هو سلم يعقوب، هذه الشجرة ذات الأبعاد السماوية ارتفعت من الأرض حتى السماء. أقامت ذاتها غرساً أبدياً بين السماء والأرض ، لكي ترفع المسكونة ... وتضم معاً أنواعاً مختلفة من الطبيعة البشرية"

5- الزينة:

أما وحدتا الزينة فهي الكروب والنخلة: نخلة بين كروب كروب، ولكل كروب وجهان: وجه إنسان من هنا ووجه شبل من هناك (ع18، 19). إنها صورة رائعة للكنيسة التي تضم البشرية المقدسة في الرب (النخيل) وقد اتحدت مع السمائيين الذين لا يقفون في سلبية بل يتطلعون إلينا، ينظرون بوجه كمثل وجه إنسان أي لهم أحاسيسنا، ومثل وجه شبل إشارة إلى قوتهم الروحية ومعونتهم لنا في المسيح يسوع.

6- مذبح البخور والمائدة:

يظهر هنا مذبح البخور من الخشب، لأنه يشير إلى صلواتنا التي ترفع في حضرة الله خلال الصليب والمائدة تشير إلى مذبح العهد الجديد حيث تقدم عليه ذبيحة الأفخارستيا، خبز الحياة.

7- الأبواب:

هنا الأبواب أكثر إتساعاً مما كان للهيكل القديم، لأنه قد إنفتح طريق السماء أمام جميع الأمم خلال الكرازة بالإنجيل.

6- مخادع الكهنة(ص42: 1-14)

1وَأَخْرَجَنِي إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ جِهَةِ الشِّمَالِ وَأَدْخَلَنِي إِلَى الْمِخْدَعِ الَّذِي هُوَ تُجَاهَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ, وَالَّذِي هُوَ قُدَّامَ الْبِنَاءِ إِلَى الشِّمَالِ2إِلَى قُدَّامِ طُولِ مِئَةِ ذِرَاعٍ مَدْخَلُ الشِّمَالِ, وَالْعَرْضُ خَمْسُونَ ذِرَاعاً. 3تُجَاهَ الْعِشْرِينَ الَّتِي لِلدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ وَتُجَاهَ الْمُجَزَّعِ الَّذِي لِلدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ أُسْطُوانَةٌ تُجَاهَ أُسْطُوانَةٍ فِي الطَّبَقَاتِ الثَّلاَثِ. 4وَأَمَامَ الْمَخَادِعِ مَمْشًى عَشَرُ أَذْرُعٍ عَرْضاً. وَإِلَى الدَّاخِلِيَّةِ طَرِيقٌ, ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ عَرْضاً وَأَبْوَابُهَا نَحْوَ الشِّمَالِ. 5وَالْمَخَادِعُ الْعُلْيَا أَقْصَرُ. لأَنَّ الأَسَاطِينَ أَكَلَتْ مِنْ هَذِهِ. مِنْ أَسَافِلِ الْبِنَاءِ وَمِنْ أَوَاسِطِهِ. 6لأَنَّهَا ثَلاَثُ طَبَقَاتٍ, وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَعْمِدَةٌ كَأَعْمِدَةِ الدُّورِ, لِذَلِكَ تَضِيقُ مِنَ الأَسَافِلِ وَمِنَ الأَوَاسِطِ مِنَ الأَرْضِ. 7وَالْحَائِطُ الَّذِي مِنْ خَارِجٍ مَعَ الْمَخَادِعِ نَحْوَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ إِلَى قُدَّامِ الْمَخَادِعِ طُولُهُ خَمْسُونَ ذِرَاعاً. 8لأَنَّ طُولَ الْمَخَادِعِ الَّتِي لِلدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعاً. وَهُوَذَا أَمَامَ الْهَيْكَلِ مِئَةُ ذِرَاعٍ. 9وَمِنْ تَحْتِ هَذِهِ الْمَخَادِعِ مَدْخَلٌ مِنَ الشَّرْقِ مِنْ حَيْثُ يُدْخَلُ إِلَيْهَا مِنَ الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ. 10اَلْمَخَادِعُ كَانَتْ فِي عَرْضِ جِدَارِ الدَّارِ نَحْوَ الشَّرْقِ قُدَّامَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ وَقُبَالَةَ الْبِنَاءِ. 11وَأَمَامَهَا طَرِيقٌ كَمِثْلِ الْمَخَادِعِ الَّتِي نَحْوَ الشِّمَالِ, كَطُولِهَا هَكَذَا عَرْضُهَا وَجَمِيعُ مَخَارِجِهَا وَكَأَشْكَالِهَا وَكَأَبْوَابِهَا, 12وَكَأَبْوَابِ الْمَخَادِعِ الَّتِي نَحْوَ الْجَنُوبِ بَابٌ عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقِ. الطَّرِيقِ أَمَامَ الْجِدَارِ الْمُوافِقِ نَحْوَ الشَّرْقِ مِنْ حَيْثُ يُدْخَلُ إِلَيْهَا. 13وَقَالَ لِي: مَخَادِعُ الشِّمَالِ وَمَخَادِعُ الْجَنُوبِ الَّتِي أَمَامَ الْمَكَانِ الْمُنْفَصِلِ هِيَ مَخَادِعُ مُقَدَّسَةٌ حَيْثُ يَأْكُلُ الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى الرَّبِّ قُدْسَ الأَقْدَاسِ. هُنَاكَ يَضَعُونَ قُدْسَ الأَقْدَاسِ وَالتَّقْدِمَةَ وَذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ وَذَبِيحَةَ الإِثْمِ لأَنَّ الْمَكَانَ مُقَدَّسٌ. 14عِنْدَ دُخُولِ الْكَهَنَةِ لاَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُدْسِ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ, بَلْ يَضَعُونَ هُنَاكَ ثِيَابَهُمُ الَّتِي يَخْدِمُونَ بِهَا لأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ, وَيَلْبِسُونَ ثِيَاباً غَيْرَهَا وَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى مَا هُوَ لِلشَّعْبِ

 تصف هذه الأعداد مخادع للكهنة كانت بين ساحة الهيكل المنفصلة والساحة الخارجية، وقد امتدت مبانيها على جانبي الهيكل من الشمال والجنوب. وقد رآها حزقيال النبي عندما انطلق به مرشده إلى الدار الخارجية من جهة الشمال.

وكونت هذه المخادع مجموعتين من المباني امتدتا من جهتي الشمال والجنوب للمبنى المنفصل والهيكل، فكانت كل مجموعة في مواجهة الساحة المنفصلة من جهة، وفي مواجهة المجزع (أي رصيف الساحة الخارجية من الجهة الأخرى).

وقد اختلفت آراء الشراح في وصف نظام مخادع كل من المجموعتين ولعل أفضل الآراء (بحسب رأي Ewald) هو أن كل مجموعة كانت من صفين من المخادع امتدا من الغرب إلى الشرق طول أحدهما 100 ذراع بعرض 20 ذراعاً، وطول الثاني 50 ذراعاً بعرض 20 ذراعاً بفصل بينهما ممر بعرض 10 أذرع (عد4). وتتكون كل من مجموعتي المخادع من ثلاثة طوابق، تضيق مخادعها العليا بسبب وجود دهاليز لها. وتفتح أبواب المخادع على الممر (الممشى) ويوجد مدخل من جهة الدار الخارجية يوصل إلى المباني.

ويذكر في (عددي 13، 14) الغرض الذي تستخدم فيه هذه المخادع فقد خصصت هذه المخادع لكي يأكل فيها الكهنة نصيبهم من الذبائح وبعضها الآخر لكي يستبدلوا فيها ملابسهم عند قيامهم بالخدمة وعند انتهائهم منها.

7- المساحة الإجمالية لمنطقة الهيكل ومحيطة (ص 42: 15-20)

15فَلَمَّا أَتَمَّ قِيَاسَ الْبَيْتِ الدَّاخِلِيِّ أَخْرَجَنِي نَحْوَ الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَقَاسَهُ حَوَالَيْهِ. 16قَاسَ جَانِبَ الْمَشْرِقِ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ حَوَالَيْهِ. 17وَقَاسَ جَانِبَ الشِّمَالِ خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ حَوَالَيْهِ. 18وَقَاسَ جَانِبَ الْجَنُوبِ خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ. 19ثُمَّ دَارَ إِلَى جَانِبِ الْغَرْبِ وَقَاسَ خَمْسَ مِئَةِ قَصَبَةٍ بِقَصَبَةِ الْقِيَاسِ. 20قَاسَهُ مِنَ الْجَوَانِبِ الأَرْبَعَةِ. لَهُ سُورٌ حَوَالَيْهِ خَمْسُ مِئَةٍ طُولاً وَخَمْسُ مِئَةٍ عَرْضاً, لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ.

بدأ المرشد لحزقيال بقياس ارتفاع وسمك السور المحيط بالساحة الخارجية (ص40: 5) ثم قاس الساحة الخارجية (ص40: 6-27) ثم قاس الساحة الداخلية بما فيها الهيكل والمخادع (ص40: 28- ص42: 14) وأخيراً قاس منطقة الهيكل ومحيطها من جهة الشرق ، ثم الشمال، ثم الجنوب، ثم الغرب وكان قياس كل منها هو 500 قصبة، أي 3000 ذراع. وبذلك تكون المساحة الكلية هي تسعة ملايين ذراع مربع. وهي مساحة ضخمة، تؤكد لنا أن هذه الرؤيا رمزية. وقد رأى حزقيال النبي سوراً يحيط بهذه المساحة الشاسعة للفصل بين المقدس والمحلل، كلمة محلل معناها "عام" فلابد من التمييز بين ما هو مكرس ومقدس للرب ، وبين ما هو عادي ولأغراض عامة.

8- تدشين الهيكل بحلول مجد الرب (ص43: 1-12)

في الإصحاحات الأولى من هذا السفر، تكلم الروح القدس بأسباب عن مفارقة مجد الرب (الشكينة) للهيكل. وقد رأى حزقيال النبي ذلك المنظر، في تحرك بطيء تنطلق المركبة الكاروبيمية ويرتفع مجد الرب من مكانه بين الكروبين عابراً إلى باب الهيكل ومنه إلى الباب الشرقي، ثم إلى جبل الزيتون حيث رآه النبي صاعداً إلى السماء (ص10- ص11).

وهنا ، وبعد أن أحس حزقيال بمرارة وحزن، لما انطوت عليه هذه الرؤيا من مغزى يفيد تخلي الرب عن شعبه لأنهم تركوه، تعود البهجة إلى قلب ذلك النبي برؤيا أخرى هي رؤيا عودة مجد الرب، لبيتها لجديد- أي كنيسته- وشعبه المؤمن المولودين ليس من دم ولحم بل من الله.

ويشتمل هذا القسم على:

  1. رؤيا عودة مجد الرب (عد1-6)
  2. رسالة الرب لشعبة (عد 7-12)

1-  رؤيا عودة مجد الرب (عد1-6)

1ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ. 2وَإِذَا بِمَجْدِ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْقِ وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ, وَالأَرْضُ أَضَاءَتْ مِنْ مَجْدِهِ. 3وَالْمَنْظَرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُهُ لَمَّا جِئْتُ لأُخْرِبَ الْمَدِينَةَ, وَالْمَنَاظِرُ كَالْمَنْظَرِ الَّذِي رَأَيْتُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ, فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. 4فَجَاءَ مَجْدُ الرَّبِّ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الْمُتَّجِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ. 5فَحَمَلَنِي رُوحٌ وَأَتَى بِي إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ, وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ قَدْ مَلأَ الْبَيْتَ. 6وَسَمِعْتُهُ يُكَلِّمُنِي مِنَ الْبَيْتِ. وَكَانَ رَجُلٌ وَاقِفاً عِنْدِي (عد 1):

"ثم ذهب إلى الباب، الباب المتجه نحو الشرق":

بعد أن أتم المرشد قياس الأبعاد السابق ذكرها للهيكل وملحقاته أخذ هذا المرشد حزقيال النبي إلى الباب الذي يؤدي إلى الساحة الخارجية من جهة الشرق، ولعله كان المدخل الرئيسي إلى المقدس.

" وإذ بمجد اله إسرائيل جاء من طريق الشرق":

جاء مجد وبهاء الرب من طريق الشرق، للدخول من الباب الذي عنده كانت مفارقة المجد لهذا البيت.

ويذكرنا هذا القدوم من الشرق بشمس البر ربنا يسوع الذي أشرق ببهائه على الجالسين في الظلمة وظلال الموت.

" وصوته كصوت مياه كثيرة والأرض أضاءت من مجده":

كان الصوت في قوته وشدته كصوت مياه كثيرة. وهذه هي نفس الظاهرة التي صاحبت ظهور الرب ليوحنا (رؤ 1: 15) واستضاءت الأرض بمجده.

" والمنظر كالمنظر الذي رأيته.. لما جئت لأخرب المدينة.."

كان هذا المنظر هو نفس منظر الرؤيا السابقة التي رآها عند نهر خابور، والتي سجل وصفها في الإصحاحات الأولى من السفر.

وعبارة "لما جئت لأخرب المدينة" تعني عندما أَعلَنتُ عن خراب أورشليم حسب كلام الرب. وفي لغة الكتاب المقدس، يمكن أن يُنسَب إلى النبي فعل ما يتنبأ به، ففي (ص 32: 18) "يا ابن آدم ولول على جمهور مصر وأحدره هو وبنات الأمم العظيمة إلى الأرض". وفي (أر 1:10"انظر. قد وكلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك لتقلع وتهدم وتنقض وتبني وتغرس".

(عد 4-6):

جاء مجد الرب من طريق الباب الشرقي، وحمل روح الرب حزقيال إلى دار الهيكل الداخلية حيث رأى مجد الرب وقد ملأ البيت. وسمع من يكلمه من البيت، ولابد أن يكون الرب يهوه، بينما كان "رجل القياس" واقفاً إلى جواره.

2. رسالة الرب لشعبه (عد 7-12)

7وَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَذَا مَكَانُ كُرْسِيِّي وَمَكَانُ بَاطِنِ قَدَمَيَّ حَيْثُ أَسْكُنُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ, وَلاَ يُنَجِّسُ بَعْدُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ اسْمِي الْقُدُّوسَ, لاَ هُمْ وَلاَ مُلُوكُهُمْ, لاَ بِزِنَاهُمْ وَلاَ بِجُثَثِ مُلُوكِهِمْ فِي مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 8بِجَعْلِهِمْ عَتَبَتَهُمْ لَدَى عَتَبَتِي وَقَوَائِمَهُمْ لَدَى قَوَائِمِي وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَائِطٌ, فَنَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي فَعَلُوهَا, فَأَفْنَيْتُهُمْ بِغَضَبِي. 9فَلْيُبْعِدُوا عَنِّي الآنَ زِنَاهُمْ وَجُثَثَ مُلُوكِهِمْ فَأَسْكُنَ فِي وَسَطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ. 10وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَأَخْبِرْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ عَنِ الْبَيْتِ لِيَخْزُوا مِنْ آثَامِهِمْ. وَلْيَقِيسُوا الرَّسْمَ. 11فَإِنْ خَزُوا مِنْ كُلِّ مَا فَعَلُوهُ فَعَرِّفْهُمْ صُورَةَ الْبَيْتِ وَرَسْمَهُ وَمَخَارِجَهُ وَمَدَاخِلَهُ وَكُلَّ أَشْكَالِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَكُلَّ أَشْكَالِهِ وَكُلَّ شَرَائِعِهِ. وَاكْتُبْ ذَلِكَ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ لِيَحْفَظُوا كُلَّ رُسُومِهِ وَكُلَّ فَرَائِضِهِ وَيَعْمَلُوا بِهَا. 12هَذِهِ سُنَّةُ الْبَيْتِ. عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ كُلُّ تُخُمِهِ حَوَالَيْهِ قُدْسُ أَقْدَاسٍ. هَذِهِ هِيَ سُنَّةُ الْبَيْتِ.

اختلف الشراح فيمن كلم حزقيال هنا: هل كان يهوه الذي تجلى مجده أم "رجل القياس" الذي كان واقفاً إلى جواره.

(عد7):

"مكان كرسي" وهذا يوافق تعبير "الجالس فوق الكروبيم" (اصم 4:4، 2 مل 19: 15، مز 80: 1، اش 37: 16).

"ومكان باطن قدمي"- كان الهيكل يعتبر موطئاً لقدمي الله (أي 28: 2، مز 99: 5، مز 137: 7، أش60: 13).

"حيث أسكن في وسط بني إسرائيل إلى الأبد"- هذا تم بحلول رب المجد يسوع المسيح بيننا.

" ولا ينجس بعد بيت إسرائيل اسمي القدوس ..." أي بالابتعاد عن كل أرجاس الوثنية.

(عد 8،9):

"يجعلهم عتبتهم لدى عتبتي وقوائمهم لدى قوائمي.."

إشارة إلى خطايا بني إسرائيل بإقامة عباداتهم الوثنية في أفنية بيت الرب وبالقرب منه.

(عد 10-11):

إن التعرف على مقاييس الهيكل وأسرار بيت الرب، يتطلب من الشعب توبة حقيقية بشعور الخزي من آثامهم، وعندئذ يمكنهم أن يعرفوا صورة البيت ورسمه ومخارجه ومداخله وكل أشكاله وكل فرائضه وكل شرائعه للعمل بها.

(عد 12):

"هذه سنة البيت. على رأس الجبل كل تخمة حواليه قدس أقداس":

بهذا صارت شريعة البيت أن كل ما كان حول الهيكل (الساحة الخارجية) على قمة الجبل يعتبر قدس أقداس. وهكذا اتسع النطاق جداً ليشمل قدس الأقداس مساحة طولها 1500 ذراع، وعرضها كذلك، أليس هذا إشارة نبوية إلى اتساع نطاق كنيسة المسيح لضم الأمم؟.

ثانياً: الشعب والهيكل أو نظام العبادة

(ص43: 13- ص 46: 24)

1. مذبح المحرقة (ص43: 13- 27)

بعد رؤية مجد الرب يعود إلى هيكله، يرى حزقيال مذبح المحرقات والذبائح التي كانت تقدم إرضاء للرب بحسب شريعة العهد القديم، وقد تضمنت هذه الرؤيا:

1.   أقيسة المذبح (عد 13-17)

2.   فرائض تدشينة (عد 18-27)

أما عن أقيسته فقد جاء:

13وَهَذِهِ أَقْيِسَةُ الْمَذْبَحِ بِالأَذْرُعِ (وَالذِّرَاعُ هِيَ ذِرَاعٌ وَفِتْرٌ): الْحِضْنُ ذِرَاعٌ, وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ, وَحَاشِيَتُهُ إِلَى شَفَتِهِ حَوَالَيْهِ شِبْرٌ وَاحِدٌ. هَذَا ظَهْرُ الْمَذْبَحِ. 14وَمِنَ الْحِضْنِ عِنْدَ الأَرْضِ إِلَى الْخُصْمِ الأَسْفَلِ ذِرَاعَانِ, وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ. وَمِنَ الْخُصْمِ الأَصْغَرِ إِلَى الْخُصْمِ الأَكْبَرِ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ, وَالْعَرْضُ ذِرَاعٌ. 15وَالْمَوْقِدُ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ. وَمِنَ الْمَوْقِدِ إِلَى فَوْقُ أَرْبَعَةُ قُرُونٍ. 16وَالْمَوْقِدُ اثْنَتَا عَشَرَةَ طُولاً, بِاثْنَتَيْ عَشَرَةَ عَرْضاً, مُرَبَّعاً عَلَى جَوَانِبِهِ الأَرْبَعَةِ. 17وَالْخُصْمُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ طُولاً بِأَرْبَعَ عَشَْرَةَ عَرْضاً عَلَى جَوَانِبِهِ الأَرْبَعَةِ. وَالْحَاشِيَةُ حَوَالَيْهِ نِصْفُ ذِرَاعٍ, وَحِضْنُهُ ذِرَاعٌ حَوَالَيْهِ, وَدَرَجَاتُهُ تُجَاهَ الْمَشْرِقِ

هذا المذبح الذي ذكرت أقيسته هنا، هو الذي سبق ذكره في (ص40: 47) قائماً في الساحة الداخلية، وهو مذبح المحرقات والذبائح، وليس مذبح البخور المذكور في (ص 41: 22).

وتذكر أقيسة هذا المذبح على مرحلتين: من أسفل إلى أعلى (عد 12-15) تذكر الارتفاع، ثم (عد16، 17) من أعلى إلى أسفل وتذكر العرض، ووحدة القياس هي الذراع وفتر (عرض الكف)

-      ويذكر أولاً قياس الحضن أو القاعدة وارتفاعها ذراع وعرضها كذلك وارتفاع حافتها نحو شبر. ولعل هذه القاعدة كانت مثل "برواز" كبير يحيط بأسفل المذبح وهي مربعة لم يذكر طول الضلع الواحد، لكن من باقي الاقيسة نستنتج أن طول الضلع كان 16 ذراعاً.

-      و للمذبح "خُصمان(وكلمة خُصم تعني زاوية أو جانب) وفي بعض الترجمات "رف" أو "سطح" والخُصمان يعلو أحدهما الآخر. ومن قاعدة المذبح عند الأرض إلى الخُصم الأسفل (الأصغر) ذراعان ارتفاعاً والعرض ذراع. وهذا الخُصم مربع طول ضلعة 14 ذراعاً. ومنه إلى الخُصم الأوسط (الأكبر) أربع أذرع (ارتفاعاً) والعرض ذراع.

-      وللمذبح أيضاً فوق الخصم الأكبر" موقد " ارتفاعه ذراعان، وهو مربع طول ضلعه 12 ذراعاً، وتمتد من زوايا الموقد إلى فوق أربعة قرون.

-      للمذبح أيضاً درج تجاه الشرق.

وأما عن فرائض تدشينه فقد جاء:

-      18وَقَالَ لِي: يَا ابْنَ آدَمَ, هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَذِهِ فَرَائِضُ الْمَذْبَحِ يَوْمَ صُنْعِهِ لإِصْعَادِ الْمُحْرَقَةِ عَلَيْهِ وَلِرَشِّ الدَّمِ عَلَيْهِ. 19فَتُعْطِي الْكَهَنَةَ اللاَّوِيِّينَ الَّذِينَ مِنْ نَسْلِ صَادُوقَ الْمُقْتَرِبِينَ إِلَيَّ لِيَخْدِمُونِي, ثَوْراً مِنَ الْبَقَرِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ. 20وَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ وَتَضَعُهُ عَلَى قُرُونِهِ الأَرْبَعَةِ, وَعَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْخُصْمِ وَعَلَى الْحَاشِيَةِ حَوَالَيْهَا, فَتُطَهِّرُهُ وَتُكَفِّرُ عَنْهُ. 21وَتَأْخُذُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ فَيُحْرَقُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ مِنَ الْبَيْتِ خَارِجَ الْمَقْدِسِ. 22وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي تُقَرِّبُ تَيْساً مِنَ الْمَعْزِ صَحِيحاً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ, فَيُطَهِّرُونَ الْمَذْبَحَ كَمَا طَهَّرُوهُ بِالثَّوْرِ. 23وَإِذَا أَكْمَلْتَ التَّطْهِيرَ تُقَرِّبُ ثَوْراً مِنَ الْبَقَرِ صَحِيحاً, وَكَبْشاً مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحاً. 24وَتُقَرِّبُهُمَا قُدَّامَ الرَّبِّ, وَيُلْقِي عَلَيْهِمَا الْكَهَنَةُ مِلْحاً وَيُصْعِدُونَهُمَا مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ. 25سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَيْسَ الْخَطِيَّةِ. وَيَعْمَلُونَ ثَوْراً مِنَ الْبَقَرِ وَكَبْشاً مِنَ الضَّأْنِ صَحِيحَيْنِ. 26سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُكَفِّرُونَ عَنِ الْمَذْبَحِ وَيُطَهِّرُونَهُ وَيَمْلأُونَ يَدَهُ. 27فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الأَيَّامُ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَصَاعِداً أَنَّ الْكَهَنَةَ يَعْمَلُونَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُحْرَقَاتِكُمْ وَذَبَائِحَكُمْ السَّلاَمِيَّةَ, فَأَرْضَى عَنْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.

-      لا يكون المذبح صالحاً لتقديم المحرقات والذبائح إلا بعد تدشينه (أنظر خر 29: 37، لا 8 : 11 و15 و19 و33، امل 8: 62-66).

-      يستمر تطهير المذبح بتقديم ذبيحة خطية ومحرقة سبعة أيام.

-      يقوم الكهنة من نسل صادوق بتقديم هذه المحرقات والذبائح.

-      تقديم المحرقات والذبائح من الثيران والتيوس والكباش.

-      بهذه المحرقات والذبائح"يملاؤن يده(عد26) وكان المذبح له يدان يمتلآن بالتقدمات التي لها أقيم المذبح ولن يخلو منها.

-      يؤكد هذا الفصل أن هذه الرؤيا رمزية، ولن تتحقق حرفياً في المستقبل، حيث أن عهد الذبائح الحيوانية التي كان رموزاً وإشارات إلى ذبيحة الصليب، قد انتهى بتقديم المسيح نفسه ذبيحة حقيقية أبدية، كما أن الكهنوت اللاوي كان ظلاً مؤقتاً لكهنوت المسيح الذي يبقى إلى الأبد.

(إقرأ عب ص6 – ص9 )

وعن تفسير سفر حزقيال للقمص تادرس يعقوب ملطي، نقتبس ما يلي:

يقتضي التقديس ذبيحة يومية لمدة سبعة أيام (ع25) إشارة إلى عمل السيد المسيح الذبيح غير المنقطع كل أيام غربتنا أو طوال أسبوع حياتنا، وبالتالي إزالة تامة لخطايانا فلا يكون لها موضع فينا كل أيام غربتنا.

يبدأ الرضى عنهم في اليوم الثامن (ع27) وكأن سر رضا الرب عنا أن ندخل بالسيد المسيح إلى الحياة الجديدة السماوية (اليوم الثامن أي بعد الأسبوع أو اليوم الأول من الأسبوع الجديد) وهو يوم قيامة السيد المسيح من الأموات فيه نقوم فنتبرر أمام الآب ونحسب معه جالسين في السماويات.

أما تمليح الذبيحة (ع24) فإشارة إلى النعمة الإلهية،كقول الرسول: "ليكن كلامكم كل حين مصلحاً بملح لتعلموا كيف يجب أن تجابوا كل أحد " (كو 4 : 6) نعمة الله هي الملح الذي يصلح اللسان وكل أعضاء الجسد، وحواسه ومشاعره كما يصلح النفس بكل طاقتها والفكر.

أخيراً فأن اللذين يخدمون عليه هم نسل صادوق (ع19)، وقد دعاهم بالمقتربين إليه، فإن صادوق تعني "صديق أو بار" ، فلا إقتراب إلى مذبح الله إلا خلال التمتع ببر المسيح لنكون في عينية من نسل صادوق روحياً.

2. الباب المغلق (ص44: 1-3)

1ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى طَرِيقِ بَابِ الْمَقْدِسِ الْخَارِجِيِّ الْمُتَّجِهِ لِلْمَشْرِقِ وَهُوَ مُغْلَقٌ. 2فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: هَذَا الْبَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً, لاَ يُفْتَحُ وَلاَ يَدْخُلُ مِنْهُ إِنْسَانٌلأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فَيَكُونُ مُغْلَقاً. 3اَلرَّئِيسُ الرَّئِيسُ هُوَ يَجْلِسُ فِيهِ لِيَأْكُلَ خُبْزاً أَمَامَ الرَّبِّ. مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ يَدْخُلُ, وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ.

 بعد أن حُمِلَ النبي بالروح إلى الدار الداخلية، حيث سمع الصوت الذي شرح الأقيسة والفرائض الخاصة بمذبح المحرقات، رجع إلى طريق باب المقدس الخارجي المتجه للشرق فوجده مغلقاً لا يُسْمَح لإنسان أن يدخل منه لأن الرب إله إسرائيل دخل منه فيكون مغلقاً.

لقد صار هذا الباب خاصاً بالرب فقط، لان من طريق هذا الباب عاد مجد الرب إلى بيته ليملأه، فصار مدخل الرب مقدسه ، وحتى "الرئيس الرئيس" الذي سيأكل خبزاً أمام الرب في مدخل الباب في قلب الدار، فإنه لا يدخل إلى الدار أو يخرج منها من الباب نفسه، بل من طريق رواق الباب.

إن هذا الباب المغلق (باب الدار الخارجية) يلفت نظرنا إلى:

1.    تفرد الرب وحده بكل مجد وعظمة  وجلال.

2.    وجود الخطية –في العهد القديم- كحاجز يمنع الإنسان من دخوله إلى حيث يتجلى مجد الرب، كما حدث عند إعطاء شريعة جبل سيناء.( خر 19 : 12-13 )

3.    دوام بتولية القديسة مريم العذراء.

وعن تفسير سفر حزقيال للقمص تادرس يعقوب  نقتبس ما يلي:

ما هو الباب المغلق الذي دخل منه الرب ومنه يخرج ويبقى مغلقاً إلى الأحشاء البتولية التي للقديسة مريم، حيث حل  السيد في أحشائها متجسداً منها بالروح القدس وولد منها وبقيت بتولا. في هذا يقول القديس جيروم: " إنها مريم هي الباب الشرقي الذي تكلم عنه حزقيال ، هو مغلق دائماً متلألئ دائماً ، وهو مختوم ، وفي نفس الوقت يعلن عن قدس الأقداس" خلاله يدخل ويخرج "شمس البر" (ملا 4: 2)، الذي هو رئيس كهنة على طقس ملكي صادق (عب 5: 10)من ينتقدني فليشرح لي كيف دخل يسوع خلال الأبواب المغلقة عندما سمح أن تلمس يداه وجنبه مظهراً أن له عظم ولحم (يو 10: 19، 27)، مبرهناً أنه كان يحمل جسداً حقيقياً لا خيالياً، وعندئذ أوضح أنا كيف يمكن أن تكون القديسة مريم أماً وعذراء في نفس الوقت! وقد سبق لنا الحديث عن دوام بتولية العذراء مريم في كتابنا "القديسة مريم في المفهوم الأرثوذوكسي".

أما عن "الرئيس الرئيس" الذي يجلس في مدخل الباب ليأكل خبزاً فإنه يُسْمَح له بالأكل من خبز التقدمة الذي كان يُقَدَّم مع الذبائح الحيوانية، او من خبز الوجوه.

وقد جاء عنه بعد ذلك:

1.   له نصيب خاص في الأرض وليس من ميراث الشعب (ص45: 7، 46: 18، 47: 21-22).

2.   يدخل إلى رواق الباب الشرقي للدار الداخلية، الذي يفتح أيام السبت ورأس الشهر، ويقف الرئيس عند رواق الباب ويسجد بينما تُقَدَّم محرقته وذبائح سلامته (ص 46: 2-3).

3.   يُشاهَد بين الشعب في مواسم عبادتهم وليس بين الكهنة (46: 10) وله أولاد ( ص 46 : 16 ) .

يتضح لنا من ذلك أن هذا الرئيس لم يكن من الكهنة ، ولكنه كان يتمتع بامتيازات خاصة، كأعظم شخصية بين أفراد الأمة ، ويرمز إلى السيد المسيح.

3. تعليمات للشعب وللاويين والكهنة (ص 44: 4-31)

يشتمل هذا الجزء على:

1.   قداسة بيت الرب (عد 4- 8)

2.   إدانة اللاويين المخالفين (عد 9-14)

3.   خدمة الكهنة أولاد صادوق (عد 15-27)

4.   نصيب الكهنة (عد28-31)

 (أ‌)     قداسة بيت الرب (عد4- 8)

4ثُمَّ أَتَى بِي فِي طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ إِلَى قُدَّامِ الْبَيْتِ. فَنَظَرْتُ وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ قَدْ مَلأَ بَيْتَ الرَّبِّ. فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي. 5فَقَالَ لِي الرَّبُّ: يَا ابْنَ آدَمَ, اجْعَلْ قَلْبَكَ وَانْظُرْ بِعَيْنَيْكَ وَاسْمَعْ بِأُذُنَيْكَ كُلَّ مَا أَقُولُهُ لَكَ عَنْ كُلِّ فَرَائِضِ بَيْتِ الرَّبِّ وَعَنْ كُلِّ سُنَنِهِ, وَاجْعَلْ قَلْبَكَ عَلَى مَدْخَلِ الْبَيْتِ مَعَ كُلِّ مَخَارِجِ الْمَقْدِسِ. 6وَقُلْ لِلْمُتَمَرِّدِينَ, لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: يَكْفِيكُمْ كُلُّ رَجَاسَاتِكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ 7بِإِدْخَالِكُمْ أَبْنَاءَ الْغَرِيبِ الْغُلْفَ الْقُلُوبِ الْغُلْفَ اللَّحْمِ لِيَكُونُوا فِي مَقْدِسِي, فَيُنَجِّسُوا بَيْتِي بِتَقْرِيبِكُمْ خُبْزِي الشَّحْمَ وَالدَّمَ. فَنَقَضُوا عَهْدِي فَوْقَ كُلِّ رَجَاسَاتِكُمْ. 8وَلَمْ تَحْرُسُوا حِرَاسَةَ أَقْدَاسِي, بَلْ أَقَمْتُمْ حُرَّاساً يَحْرُسُونَ عَنْكُمْ فِي مَقْدِسِي.

جيء بحزقيال في طريق باب الشمال إلى قدام البيت، فنظر وإذا بمجد الرب قد ملأ بيت الرب، فخر على وجهة من بهاء ذلك المجد. وطلب الرب من حزقيال أن يركز تركيزاً كاملاً: قلباً ونظراً وسمعاً، على كل ما يقوله خاصاً بفرائض البيت وسننه وأن يراقب بحرص مداخل البيت وكل مخارج المقدس.

وطلب الرب من حزقيال أن يذكر بيت إسرائيل " المتمردين" ، برجاساتهم السابقة التي تمثلت في سماحهم للغرباء الغلف بالدخول لمقدس الرب، فنجسوا بيته بتقريب ذبائحهم وتقدماتهم.

وقد وصف هؤلاء الغرباء بكونهم غلف القلوب وغلف اللحم أي أنهم غير مختونين روحياً وجسدياً.

وهكذا كانت خطية بني إسرائيل، أنهم نقضوا عهد الرب فوق كل رجاساتهم، ولم يحرسوا حراسة أقداس الرب، بل أقاموا آخرين لكي يحرسوا نيابة عنهم في مقدس الرب.

وربما كان هؤلاء الغرباء من أسرى الحروب. وقد تنبأ زكريا النبي: " وفي ذلك اليوم لا يكون بعد كنعاني في بيت رب الجنود" (14: 21)

 (ب‌)          إدانة اللاويين المخالفين (عد 9-14)

9هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: ابْنُ الْغَرِيبِ أَغْلَفُ الْقَلْبِ وَأَغْلَفُ اللَّحْمِ لاَ يَدْخُلُ مَقْدِسِي مِنْ كُلِّ ابْنٍ غَرِيبٍ الَّذِي مِنْ وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 10بَلِ اللاَّوِيُّونَ الَّذِينَ ابْتَعَدُوا عَنِّي حِينَ ضَلَّ إِسْرَائِيلُ, فَضَلُّوا عَنِّي وَرَاءَ أَصْنَامِهِمْ, يَحْمِلُونَ إِثْمَهُمْ. 11وَيَكُونُونَ خُدَّاماً فِي مَقْدِسِي حُرَّاسَ أَبْوَابِ الْبَيْتِ وَخُدَّامَ الْبَيْتِ. هُمْ يَذْبَحُونَ الْمُحْرَقَةَ وَالذَّبِيحَةَ لِلشَّعْبِ, وَهُمْ يَقِفُونَ أَمَامَهُمْ لِيَخْدِمُوهُمْ. 12لأَنَّهُمْ خَدَمُوهُمْ أَمَامَ أَصْنَامِهِمْ وَكَانُوا مَعْثَرَةَ إِثْمٍ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. لِذَلِكَ رَفَعْتُ يَدِي عَلَيْهِمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ فَيَحْمِلُونَ إِثْمَهُمْ. 13وَلاَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيَّ لِيَكْهَنُوا لِي, وَلاَ لِلاِقْتِرَابِ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَقْدَاسِي إِلَى قُدْسِ الأَقْدَاسِ, بَلْ يَحْمِلُونَ خِزْيَهُمْ وَرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي فَعَلُوهَا. 14وَأَجْعَلُهُمْ حَارِسِي حِرَاسَةَ الْبَيْتِ لِكُلِّ خِدْمَةٍ لِكُلِّ مَا يُعْمَلُ فِيهِ

(عد9):

في الأعداد (6-8) كان توبيخ الرب للاويين المهملين في حراسة بيت الرب، مما أتاح للغريب وغير المختون قلباً ولحماً فرصة الدخول للمقدس. وهنا يحذر الرب من ذلك مؤكداً على عدم السماح لأغلف القلب وللحم بالدخول إلى ذلك المكان.

(عد10- 14):

تختص هذه الأعداد بالكهنة الذين ابتعدوا عن الرب حين ضل بنو إسرائيل بعبادة الأوثان. وقد أطلق عليهم لقب "اللاويين" لأنهم كانوا من سبط لاوي. وكان عقاب الرب لهم أنه أبعدهم عن ممارسة الخدمات الكهنوتية، وجعلهم حراساً على البيت، ما فرض عليهم تقديم محرقات وذبائح تكفيرية عن الشعب لأنهم حملوا اثمهم وخزيهم ورجاستهم )يتضح لنا التمييز بين خدمة الكهنة وبين خدمة اللاويين بما كان متبعاً  بحسب شريعة موسى، وليس من بعد السبي كما أدعى ولها وزن وغيره من أصحاب نظرية المصادر. وهذا التمييز كان معمولاً به منذ أيام موسى، وذلك ببرهان النصوص التي ذكرت ذلك ومنها (تث 18: 1، 2صم 15: 24، امل 8: 4، ا أيام 6: 48، 49)

(ج) خدمة الكهنة أولاد صادوق (ص 44: عد 15-27)

15أَمَّا الْكَهَنَةُ اللاَّوِيُّونَ أَبْنَاءُ صَادُوقَ الَّذِينَ حَرَسُوا حِرَاسَةَ مَقْدِسِي حِينَ ضَلَّ عَنِّي بَنُو إِسْرَائِيلَ فَهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَيَّ لِيَخْدِمُونِي, وَيَقِفُونَ أَمَامِي لِيُقَرِّبُوا لِي الشَّحْمَ وَالدَّمَ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 16هُمْ يَدْخُلُونَ مَقْدِسِي وَيَتَقَدَّمُونَ إِلَى مَائِدَتِي لِيَخْدِمُونِي وَيَحْرُسُوا حِرَاسَتِي. 17وَيَكُونُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ أَبْوَابَ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ أَنَّهُمْ يَلْبِسُونَ ثِيَاباً مِنْ كَتَّانٍ, وَلاَ يَأْتِي عَلَيْهِمْ صُوفٌ عِنْدَ خِدْمَتِهِمْ فِي أَبْوَابِ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ وَمِنْ دَاخِلٍ. 18وَلْتَكُنْ عَصَائِبُ مِنْ كَتَّانٍ عَلَى رُؤُوسِهِمْ, وَلْتَكُنْ سَرَاوِيلُ مِنْ كَتَّانٍ عَلَى أَحْقَائِهِمْ. لاَ يَتَنَطَّقُونَ بِمَا يُعَرِّقُ. 19وَعِنْدَ خُرُوجِهِمْ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ إِلَى الشَّعْبِ إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ يَخْلَعُونَ ثِيَابَهُمُ الَّتِي خَدَمُوا بِهَا, وَيَضَعُونَهَا فِي مَخَادِعِ الْقُدْسِ, ثُمَّ يَلْبِسُونَ ثِيَاباً أُخْرَى وَلاَ يُقَدِّسُونَ الشَّعْبَ بِثِيَابِهِمْ. 20وَلاَ يَحْلِقُونَ رُؤُوسَهُمْ, وَلاَ يُرَبُّونَ خُصَلاً, بَلْ يَجُزُّونَ شَعْرَ رُؤُوسِهِمْ جَزّاً. 21وَلاَ يَشْرَبُ كَاهِنٌ خَمْراً عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ. 22وَلاَ يَأْخُذُونَ أَرْمَلَةً وَلاَ مُطَلَّقَةً زَوْجَةً, بَلْ يَتَّخِذُونَ عَذَارَى مِنْ نَسْلِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ, أَوْ أَرْمَلَةً الَّتِي كَانَتْ أَرْمَلَةَ كَاهِنٍ. 23وَيُرُونَ شَعْبِي التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ, وَيُعَلِّمُونَهُمُ التَّمْيِيزَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ. 24وَفِي الْخِصَامِ هُمْ يَقِفُونَ لِلْحُكْمِ وَيَحْكُمُونَ حَسَبَ أَحْكَامِي, وَيَحْفَظُونَ شَرَائِعِي وَفَرَائِضِي فِي كُلِّ مَوَاسِمِي, وَيُقَدِّسُونَ سُبُوتِي. 25وَلاَ يَدْنُوا مِنْ إِنْسَانٍ مَيِّتٍ فَيَتَنَجَّسُوا. أَمَّا لأَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوِ ابْنٍ أَوِ ابْنَةٍ أَوْ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ لَمْ تَكُنْ لِرَجُلٍ يَتَنَجَّسُونَ. 26وَبَعْدَ تَطْهِيرِهِ يَحْسِبُونَ لَهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 27وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ إِلَى الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ لِيَخْدِمَ فِي الْقُدْسِ يُقَرِّبُ ذَبِيحَتَهُ عَنِ الْخَطِيَّةِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ

 اختار الرب بني صادوق ليكهنوا قدامه. وكان صادوق ابناً لأخيطوب من نسل العازر بن هرون. وقد عرف بإخلاصه لداود، وصار رئيساً للكهنة في أيام سليمان، ولأن بني صادوق كانوا أمناء في خدمتهم فقد اختارهم الرب للإستمرار في ممارية الكهنوت.

وفي هذه الأعداد يذكر الرب تعليماته الخاصة بهم من جهة :

1. ملبسهم:  كان عليهم أن يلبسوا ملابس من الكتان، رمزاً لنقاوة وطهارة خدمتهم.

وقد منع عنهم لبس الصوف لأنه "يُعَرِق" والعرق لا يتفق مع نشاط الخدمة. كما أن الصوف يشك في كونه من حيوان نجس.

وكان عليهم ارتداء ملابس الخدمة عند قيامهم بها وخلعها بعد الانتهاء من الخدمة.

2. حلق شعرهم: فرض عليهم الرب  جز شعر رؤوسهم جزاً، فلا يحلقونه تماماً كما يفعل الوثنيون، ولا يربون خصلاً كما يفعل النذريون.

3. طعامهم وشرابهم: كان ممنوعاً عليهم شرب الخمر، عند دخولهم على الدار الداخليه.

 كما كان ممنوعا عنهم أكل حيوان أو طير ميت أو من فريسة.

4. زواجهم: لم يسمح لهم بزواج مطلقة ولا أرملة إلا إذا كانت أرملة كاهن.

5. لمس الميت: منع الكاهن من لمس جسد ميت إلا بالنسبة للأب أو الأم أو الابن أو الابنة أو الأخ أو الأخت، على أن يبقى أسبوعاً يتطهر في نهايته. ويقدم ذبيحة خطية ليعود لخدمته.

6. واجباتهم: كان عليهم أن يقوموا بتعليم الشعب التمييز بين المقدس والمحلل، وبين  النجس والطاهر. كما كان عليهم فض المنازعات  والحكم فيها بحسب أحكام الرب، وممارسة شرائعه وفرائضة في كل المناسبات من مواسم وأعياد، وتقديس السبوت.

(د‌)       نصيب الكهنة (عد28-31)

28وَيَكُونُ لَهُمْ مِيرَاثاً. أَنَا مِيرَاثُهُمْ, وَلاَ تُعْطُونَهُمْ مِلْكاً فِي إِسْرَائِيلَ. أَنَا مِلْكُهُمْ. 29يَأْكُلُونَ التَّقْدِمَةَ وَذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ وَذَبِيحَةَ الإِثْمِ, وَكُلُّ مُحَرَّمٍ فِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ لَهُمْ. 30وَأَوَائِلُ كُلِّ الْبَاكُورَاتِ جَمِيعِهَا وَكُلُّ رَفِيعَةٍ مِنْ كُلِّ رَفَائِعِكُمْ تَكُونُ لِلْكَهَنَةِ. وَتُعْطُونَ الْكَاهِنَ أَوَائِلَ عَجِينِكُمْ لِتَحِلَّ الْبَرَكَةُ عَلَى بَيْتِكَ. 31لاَ يَأْكُلُ الْكَاهِنُ مِنْ مَيِّتَةٍ وَلاَ مِنْ فَرِيسَةٍ, طَيْراً كَانَتْ أَوْ بَهِيمَةً.

لم يعط للكهنة نصيب في الأرض، إذ كان الرب نفسه هو لهم ملكاً وميراثاً.

أما عن معيشتهم المادية، فكان لهم أنصبتهم في التقدمات وذبائح الخطية وذبائح الإثم، وكل محرم (مخصص للرب)، وأوائل كل الباكورات، وكل الرفائع، وأوائل العجين (كان يقدم قرص من أول العجين رفيعة – عد 15: 21).

ومع تقديم هذه العطايا وعد الرب شعبه بالبركة في بيوتهم.

4. ما يفرز من الأرض للمقدس والكهنة والاويين

والشعب (أو المدينة) والملك (ص 45: 1-8)

1وَإِذَا قَسَمْتُمُ الأَرْضَ مِلْكاً تُقَدِّمُونَ تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ قُدْساً مِنَ الأَرْضِ طُولُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً طُولاً, وَالْعَرْضُ عَشَرَةُ آلاَفٍ. هَذَا قُدْسٌ بِكُلِّ تُخُومِهِ حَوَالَيْهِ. 2يَكُونُ لِلْقُدْسِ مِنْ هَذَا خَمْسُ مِئَةٍ فِي خَمْسِ مِئَةٍ, مُرَبَّعَةٍ حَوَالَيْهِ, وَخَمْسُونَ ذِرَاعاً مَسْرَحاً لَهُ حَوَالَيْهِ. 3مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ تَقِيسُ طُولَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفاً وَعَرْضَ عَشَرَةِ آلاَفٍ, وَفِيهِ يَكُونُ الْمَقْدِسُ قُدْسُ الأَقْدَاسِ. 4قُدْسٌ مِنَ الأَرْضِ هُوَ. يَكُونُ لِلْكَهَنَةِ خُدَّامِ الْمَقْدِسِ الْمُقْتَرِبِينَ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ, وَيَكُونُ لَهُمْ مَوْضِعاً لِلْبُيُوتِ وَمُقَدَّساً لِلْمَقْدِسِ. 5وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً فِي الطُّولِ وَعَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ تَكُونُ لِلاَّوِيِّينَ خُدَّامِ الْبَيْتِ لَهُمْ مِلْكاً. عِشْرُونَ مِخْدَعاً. 6وَتَجْعَلُونَ مِلْكَ الْمَدِينَةِ خَمْسَةَ آلاَفٍ عَرْضاً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً طُولاً, مُوازِياً تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ, فَيَكُونُ لِكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. 7وَلِلرَّئِيسِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ مِنْ تَقْدِمَةِ الْقُدْسِ وَمِنْ مِلْكِ الْمَدِينَةِ قُدَّامَ تَقْدِمَةِ الْقُدْسِ وَقُدَّامَ مِلْكِ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ غَرْباً, وَمِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ شَرْقاً وَالطُّولُ مُوازٍ أَحَدَ الْقِسْمَيْنِ مِنْ تُخُمِ الْغَرْبِ إِلَى تُخُمِ الشَّرْقِ. 8تَكُونُ لَهُ أَرْضاً مِلْكاً فِي إِسْرَائِيلَ, وَلاَ تَعُودُ رُؤَسَائِي يَظْلِمُونَ شَعْبِي, وَالأَرْضُ يُعْطُونَهَا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَسْبَاطِهِمْ.

تتناول هذه الأعداد تقسيم الأرض التي يقع في وسطها المقدس وتوزيعها بما يعطي الكهنة وللاويين نصيبهم (عد1-5) وما يكون نصيباً للشعب (أو المدينة(عد6) وما يخصص للرئيس (عد7-9).

وتبلغ المساحة الكلية لأنصبة الكهنة واللاويين والمدينة 25000 x 25000  قصبة أو ذراعاً (ولم تذكر هنا وحدة القياس، ويرجح البعض أنها القصبة) وهي بذلك (عدا نصيب الرئيس) مساحة كبيرة مربعة.

أما عن وضع هذه الأنصبة، فإنها متوازية طولاً من الشرق للغرب، بنسبة الخمسين (25000x10000) للكهنة في الوسط ، وفي وسطها يقع المقدس. وخمسين شمال نصيب الكهنة (25000x 10000) للاويين والخمس (25000x5000) جنوب نصيب الكهنة للمدينة.

أما نصيب الملك (أو الرئيس) فهو إلى الشرق والغرب من هذه المساحة الكبيرة المربعة.

ملاحظات وتأملات:

1.   اعتبر الرب هذه الأرض "تقدمة" أو "قدساً" لكي يدرك بنو إسرائيل أن الرب هو صاحب الأرض، وقد وهبها لهم بفيض عطيته وجوده.

2.   كانت هذه المساحة واسعة، قدرها البعض بحوالي ثمانية أميال مربعة، وهذا يذكرنا باتساع مجال عمل الرب المقدس.

3.   اهتم الرب بتخصيص أماكن لإقامة خدامه لكي تستقر أمورهم وأحوالهم.

كما اهتم أن يكون للملك نصيب وملك في الأرض ، لكي لا يلجأ إلى استخدام وسائل الظلم والاغتصاب.

5. شرائع خاصة بالأوزان والتقدمات (ص 45 : 9-25)

يشتمل هذا القسم على:

أ- تعليمات للرؤساء (عد9-12)

ب- ما يختص بالملك ( أو الرئيس) (عد 13-27)

ج- عيدا الفصح والمظال (عد 18-25)

أ- تعليمات للرؤساء (ص 45 عد 9-12)

. 9هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: يَكْفِيكُمْ يَا رُؤَسَاءَ إِسْرَائِيلَ. أَزِيلُوا الْجَوْرَ وَالاِغْتِصَابَ, وَأَجْرُوا الْحَقَّ وَالْعَدْلَ. ارْفَعُوا الظُّلْمَ عَنْ شَعْبِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 10مَوَازِينُ حَقٍّ وَإِيفَةُ حَقٍّ وَبَثُّ حَقٍّ تَكُونُ لَكُمْ. 11تَكُونُ الإِيفَةُ وَالْبَثُّ مِقْدَاراً وَاحِداً, لِكَيْ يَسَعَ الْبَثُّ عُشْرَ الْحُومَرِ, وَالإِيفَةُ عُشْرُ الْحُومَرِ. عَلَى الْحُومَرِ يَكُونُ مِقْدَارُهُمَا. 12وَالشَّاقِلُ عِشْرُونَ جِيرَةً. عِشْرُونَ شَاقِلاً وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ شَاقِلاً وَخَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلاً تَكُونُ مَنَّكُمْ.

 قصد الرب ألا يعود رؤساء إسرائيل إلى أساليب الظلم، وأن يجروا الحق والعدل، فلا يستخدموا الغش في الموازين والمكاييل وما ذكر هنا من مكاييل وموازين هي نفسها التي كانت تستخدم في القديم:

الأيفة: مكيال للحبوب سعته 45 لترا ( أو ما يوازي الكيلة تقريباً)

البث: مكيال يعادل الأيفه.

الحومر: مكيال سعته عشرة أضعاف الايفه.

الكر: مكيال يعادل الحومر.

الشاقل: عيار يزن 11 جراماً.

المنا: يعادل 60 شاقلاً.

ب- ما يختص بالملك ( أو الرئيس) (عد 13-17)

13هَذِهِ هِيَ التَّقْدِمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا. سُدْسَ الإِيفَةِ مِنْ حُومَرِ الْحِنْطَةِ. وَتُعْطُونَ سُدْسَ الإِيفَةِ مِنْ حُومَرِ الشَّعِيرِ. 14وَفَرِيضَةُ الزَّيْتِ بَثٌّ مِنْ زَيْتٍ. الْبَثُّ عُشْرٌ مِنَ الْكُرِّ مِنْ عَشَرَةِ أَبْثَاثٍ لِلْحُومَرِ, لأَنَّ عَشَرَةَ أَبْثَاثٍ حُومَرٌ. 15وَشَاةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الضَّأْنِ. مِنَ الْمِئَتَيْنِ مِنْ سَقْيِ إِسْرَائِيلَ تَقْدِمَةً وَمُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ, لِلْكَفَّارَةِ عَنْهُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 16وَهَذِهِ التَّقْدِمَةُ لِلرَّئِيسِ فِي إِسْرَائِيلَ تَكُونُ عَلَى كُلِّ شَعْبِ الأَرْضِ. 17وَعَلَى الرَّئِيسِ تَكُونُ الْمُحْرَقَاتُ وَالتَّقْدِمَةُ وَالسَّكِيبُ فِي الأَعْيَادِ وَفِي الشُّهُورِ وَفِي السُّبُوتِ وَفِي كُلِّ مَوَاسِمِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. وَهُوَ يَعْمَلُ ذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ وَالتَّقْدِمَةَ وَالْمُحْرَقَةَ وَذَبَائِحَ السَّلاَمَةِ لِلْكَفَّارَةِ عَنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.

 كانت المقادير المطلوب تقديمها كالآتي:

-      من القمح والشعير: سدس الإيفة من كل حومر (والحومر عشرة أضعاف الإيفة، أي بنسبة 1/60).

-      من الزيت: بث من الكر والكر يعادل الحومر، ولم يكن الكر معروفاً في عصر موسى وقد جاء ذكره لأول مرة في (1مل 4: 22، 2 أيام 2: 10، 27: 5). (وبحسب ما جاء بهذه الترجمة تكون النسبة 1/10 ولكن بحسب الترجمة الإنجليزية كان ينبغي تقديم عُشر البث من الكر أي بنسبة 1/100).

-      من البهائم: شاة واحدة من كل 200 شاة "من سقى إسرائيل" أي مما كانت ترعى في مراع جيدة غنية بالماء.

وبخصوص التقدمات نلاحظ مايلي:

1. كانت هذه التقدمات تُقدم للرئيس لكونه المسئول عن توفير ما يلزم مادياً لتقديم  المحرقات والتقدمة والسكيب في الأعياد وفي الشهور وفي السبوت وفي كل مواسم بيت إسرائيل، وأيضاً لعمل ذبيحة الخطية والتقدمة والمحرقة وذبائح السلامة للكفارة عن بيت إسرائيل.

2. إن هذه التقدمات لم تفرض على الشعب كضرائب، بدليل أنه لم تُذكر عقوبات على المتخلفين عن تقديمها، لقد كان تقديمها متروكاً لحرية الناس.

3. تختلف هذه التقدمات عن مثيلاتها بحسب شريعة موسى كمًّا ونوعاً، ويتضح ذلك مما يلي:

التقدمة

حسب شريعة موسى

حسب رؤيا حزقيال

القمح أو الشعير

1/10 الايفة من دقيق ملتوت مع الخروف

2/10 الايفة من دقيق ملتوت مع الكبش

3/10 الايفة من دقيق ملتوت مع ابن البقر

سدس الايفة من كل حومر (في جميع الحالات)

الزيت

¼ الهين (الهين 1/6 البث)

1/3 الخروف

½ الهين مع الكبش

الهين مع ابن البقر

بث من الكر (بحسب هذه الترجمة، وعشر البث حسب الإنجليزية)

البهائم

تركت اختيار نوع البهيمة حسب إختيار مقدمها

شاة واحدة من كل 200 شاة

ج- عيدا الفصح والمظال (ص 45 : عد 18-25)

18هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ تَأْخُذُ ثَوْراً مِنَ الْبَقَرِ صَحِيحاً وَتُطَهِّرُ الْمَقْدِسَ. 19وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ وَيَضَعُهُ عَلَى قَوَائِمِ الْبَيْتِ, وَعَلَى زَوَايَا خُصْمِ الْمَذْبَحِ الأَرْبَعِ, وَعَلَى قَوَائِمِ بَابِ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ. 20وَهَكَذَا تَفْعَلُ فِي سَابِعِ الشَّهْرِ عَنِ الرَّجُلِ السَّاهِي أَوِ الْغَوِيِّ, فَتُكَفِّرُونَ عَنِ الْبَيْتِ. 21فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ يَكُونُ لَكُمُ الْفِصْحُ عِيداً. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُؤْكَلُ الْفَطِيرُ. 22وَيَعْمَلُ الرَّئِيسُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ كُلِّ شَعْبِ الأَرْضِ ثَوْراً ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 23وَفِي سَبْعَةِ أَيَّامِ الْعِيدِ يَعْمَلُ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: سَبْعَةَ ثِيرَانٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ صَحِيحَةٍ, كُلَّ يَوْمٍ مِنَ السَّبْعَةِ الأَيَّامِ. وَكُلَّ يَوْمٍ تَيْساً مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 24وَيَعْمَلُ التَّقْدِمَةَ إِيفَةً لِلثَّوْرِ, وَإِيفَةً لِلْكَبْشِ, وَهِيناً مِن زَيْتٍ لِلإِيفَةِ. 25في الشَّهْرِ السَّابِعِ في الْيَوْمِ الْخَامِسِ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ فِي الْعِيدِ يَعْمَلُ مِثْلَ ذَلِكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ كَذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ وَكَالْمُحْرَقَةِ وَكَالتَّقْدِمَةِ وَكَالزَّيْتِ.

تضم هذه الأعداد ثلاث أقسام:

1- (عد18- 20):

اختلفت الآراء حول ما جاء خاصاً بهذه المناسبة، ويدور محور الإختلاف حول ما إذا كان هذا الاحتفال يمارس سنوياً أم أنه يمارس مرة واحدة كتدشين للهيكل الجديد.

ويرى البعض أنه كان بمثابة تمهيد للاحتفال بالفصح، ويرفضون فكرة تدشين الهيكل لأن الهيكل الجديد قد دشنة دخول مجد الرب فيه وبحسب ما جاء هنا كان تطهير الأقداس يتم في اليوم الأول من الشهر الأول بتقديم ثور من البقر صحيحاً، وبأن يأخذ الكاهن من دم ذبيحة الخطية ويضعه على قوائم البيت وعلى زوايا خصم (رصيف) المذبح الأربع وعلى قوائم باب الدار الداخلية.

وكانت تتكرر هذه الذبيحة في اليوم السابع عن الرجل الساهي (أي الذي أخطأ سهوا ) ، وعن الغوى (الضال/ المنقاد للهوى).

وهنا نلاحظ عدم الإشارة إلى عيد الكفارة الذي كان للتكفير عن خطايا الشعب (بسهو) والذي كان يقع في اليوم العاشر من الشهر السابع (لا ص16).

2- (عد 21-24)

تحدد موعده كما كان بحسب شريعة موسى في الرابع عشر من الشهر الأول، ويستمر سبعة أيام يؤكل فيها الفطير. وكانت ذبائحة وتقدماته كالآتي:

1.   يعمل الرئيس عن نفسه وعن الشعب ثوراً ذبيحة خطية.

2.   تقدم أيضاً كل يوم سبعة ثيران وسبعة كباش (محرقة) وتيس من المعز (ذبيحة خطية).

3.   أما التقدمات فهي أيفة للثور وأيفة للكبش وهين من الزيت للأيفة.

ملحوظة:

تختلف الذبائح في أنواعها وعددها كما تختلف التقدمات عن مثيلاتها كما جاءت في (عد ص28).

3- (عد 25):

يتناول هذا العدد الإحتفال بعيد المظال لمدة سبعة أيام بدايتها اليوم الخامس عشر من الشهر السابع.

وكانت ذبائحه وتقدماته مثل تلك التي لعيد الفصح.

ونلاحظ هنا أيضاً الإختلاف عما جاء في (عد ص 29).

لاحظ أيضاً:

لم ترد هنا تعليمات خاصة بأعياد الباكورة – الخمسين – الأبواق.

6- تعليمات خاصة بالملك والشعب أيام السبوت

ورؤوس الشهور والأعياد عامة (ص46: 1-15)

1هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: بَابُ الدَّارِ الدَّاخِلِيَّةِ الْمُتَّجِهُ لِلْمَشْرِقِ يَكُونُ مُغْلَقاً سِتَّةَ أَيَّامِ الْعَمَلِ, وَفِي السَّبْتِ يُفْتَحُ. وَأَيْضاً فِي يَوْمِ رَأْسِ الشَّهْرِ يُفْتَحُ. 2وَيَدْخُلُ الرَّئِيسُ مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ مِنْ خَارِجٍ وَيَقِفُ عِنْدَ قَائِمَةِ الْبَابِ, وَتَعْمَلُ الْكَهَنَةُ مُحْرَقَتَهُ وَذَبَائِحَهُ السَّلاَمِيَّةَ, فَيَسْجُدُ عَلَى عَتَبَةِ الْبَابِ ثُمَّ يَخْرُجُ. أَمَّا الْبَابُ فَلاَ يُغْلَقُ إِلَى الْمَسَاءِ. 3وَيَسْجُدُ شَعْبُ الأَرْضِ عِنْدَ مَدْخَلِ هَذَا الْبَابِ قُدَّامَ الرَّبِّ فِي السُّبُوتِ وَفِي رُؤُوسِ الشُّهُورِ. 4وَالْمُحْرَقَةُ الَّتِي يُقَرِّبُهَا الرَّئِيسُ لِلرَّبِّ فِي يَوْمِ السَّبْتِ: سِتَّةُ حُمْلاَنٍ صَحِيحَةٍ وَكَبْشٌ صَحِيحٌ. 5وَالتَّقْدِمَةُ إِيفَةٌ لِلْكَبْشِ, وَلِلْحُمْلاَنِ تَقْدِمَةُ عَطِيَّةِ يَدِهِ, وَهِينُ زَيْتٍ لِلإِيفَةِ. 6وَفِي يَوْمِ رَأْسِ الشَّهْرِ: ثَوْرٌ ابْنُ بَقَرٍ صَحِيحٌ, وَسِتَّةُ حُمْلاَنٍ, وَكَبْشٌ تَكُونُ صَحِيحَةً. 7وَيَعْمَلُ تَقْدِمَةً إِيفَةً لِلثَّوْرِ وَإِيفَةً لِلْكَبْشِ. أَمَّا لِلْحُمْلاَنِ فَحَسْبَمَا تَنَالُ يَدُهُ. وَلِلإِيفَةِ هِينُ زَيْتٍ. 8وَعَُِنْدَ دُخُولِ الرَّئِيسِ يَدْخُلُ مِنْ طَرِيقِ رِوَاقِ الْبَابِ, وَمِنْ طَرِيقِهِ يَخْرُجُ. 9وَعِنْدَ دُخُولِ شَعْبِ الأَرْضِ قُدَّامَ الرَّبِّ فِي الْمَوَاسِمِ فَالدَّاخِلُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ لِيَسْجُدَ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الْجَنُوبِ. وَالدَّاخِلُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الْجَنُوبِ يَخْرُجُ مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ. لاَ يَرْجِعُ مِنْ طَرِيقِ الْبَابِ الَّذِي دَخَلَ مِنْهُ, بَلْ يَخْرُجُ مُقَابِلَهُ. 10وَالرَّئِيسُ فِي وَسَطِهِمْ يَدْخُلُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ, وَعِنْدَ خُرُوجِهِمْ يَخْرُجُونَ مَعاً. 11وَفِي الأَعْيَادِ وَفِي الْمَوَاسِمِ تَكُونُ التَّقْدِمَةُ إِيفَةً لِلثَّوْرِ وَإِيفَةً لِلْكَبْشِ. وَلِلْحُمْلاَنِ عَطِيَّةُ يَدِهِ, وَلِلإِيفَةِ هِينُ زَيْتٍ. 12وَإِذَا عَمِلَ الرَّئِيسُ نَافِلَةً, مُحْرَقَةً أَوْ ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ, نَافِلَةً لِلرَّبِّ, يُفْتَحُ لَهُ الْبَابُ الْمُتَّجِهُ لِلْمَشْرِقِ, فَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَذَبَائِحَهُ السَّلاَمِيَّةَ كَمَا يَعْمَلُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ ثُمَّ يَخْرُجُ. وَبَعْدَ خُرُوجِهِ يُغْلَقُ الْبَابُ. 13وَتَعْمَلُ كُلَّ يَوْمٍ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ حَمَلاً حَوْلِيّاً صَحِيحاً. صَبَاحاً صَبَاحاً تَعْمَلُهُ. 14وَتَعْمَلُ عَلَيْهِ تَقْدِمَةً صَبَاحاً صَبَاحاً سُدْسَ الإِيفَةِ وَزَيْتاً ثُلْثَ الْهِينِ لِرَشِّ الدَّقِيقِ. تَقْدِمَةً لِلرَّبِّ, فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً دَائِمَةً. 15وَيَعْمَلُونَ الْحَمَلَ وَالتَّقْدِمَةَ وَالزَّيْتَ صَبَاحاً صَبَاحاً مُحْرَقَةً دَائِمَةً

تشتمل هذه الأعداد على تعليمات إضافية للرئيس والشعب فيما يختص بالعبادة في أيام الثبوت ورؤوس الشهور (عد 1-7) وفي المواسم والأعياد بصفة عامة (عد8-15).

(عد1):

سبق أمر الرب بالنسبة لباب الدار الخارجية المتجهة للشرق أن يكون مغلقاً دائماً (ص44: 1-3) أما هنا بالنسبة لباب الدار الداخلية المتجه للشرق، فإنه يبقى مغلقاً ستة أيام العمل ويفتح في السبت وفي رأس الشهر، ولا يغلق في المساء (عد2).

(عد2، 3):

 للرئيس الحق أن يدخل من طريق رواق الباب من خارج، ويظل واقفاً عند قائمة الباب حتى يتمم الكهنة تقريب محرقته وذبائحه السلامية ثم يسجد على عتبة الباب وينصرف.

أما الشعب فيسجد في حضرة الرب عند مدخل هذا الباب في السبت ورأس الشهر.

(عد4-7):

على الرئيس أن يقدم المحرقات والتقدمات التالية:

1. في السبت:

المحرقة

تقدمة الدقيق

الزيت

6 حملان صحيحة

كبش صحيح

عطية يده (ما تجود به نفسه)

ايفة

هين عن الأيفه

هين

 

2. في رأس الشهر

المحرقة

تقدمة الدقيق

الزيت

ثوراً بن بقر

6 حملان صحيحة

كبش صحيح

أيفة

حسبما تنال يده

ايفة

هين

هين عن الأيفه

هين

وهنا نلاحظ اختلاف عدد وكمية التقدمات عن مقابلها في شريعة سيناء (عد 28: 1-15)

(عد 8-10):

يشدد للمرة الثانية على عدم دخول الرئيس إلى الدار الداخلية، بل كما سبق فإنه يسمح له أن يتقدم إلى عتبة الباب الشرقي عن طريق الرواق ويقف مقابل الدار الداخلية حيث يمكنه مشاهدة الذبائح عن قرب من المذبح. وفي المواسم والأعياد حتى يحتشد الهيكل، يجب على الشعب أن يعبروا ساحة الهيكل من باب إلى الباب المقابل له (من باب الشمال إلى باب الجنوب أو بالعكس)، وعلى الرئيس أيضاً ينطبق ذلك النظام.

(عد11-15):

تُقَدَم في الأعياد والمواسم نفس الذبائح والتقدمات التي تُقَدَم في رأس الشهر. ويفتح باب الدار الخارجية الشرقي للرئيس (كما في يوم السبت ورأس الشهر) عندما يقدم نافلة (تقدمة اختيارية) أو محرقة أو ذبائح سلامة. ويغلق الباب بعد إنصرافة.

ويقرب كل صباح حمل حولي صحيح محرقة صباحية مع سدس أيفة دقيق، ثلث الهين من الزيت.

7. الملك وقوانين الوراثة (ص46: 16-18)

16هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنْ أَعْطَى الرَّئِيسُ رَجُلاً مِنْ بَنِيهِ عَطِيَّةً, فَإِرْثُهَا يَكُونُ لِبَنِيهِ. مُلْكُهُمْ هِيَ بِالْوَرَاثَةِ. 17فَإِنْ أَعْطَى أَحَداً مِنْ عَبِيدِهِ عَطِيَّةً مِنْ مِيرَاثِهِ فَتَكُونُ لَهُ إِلَى سَنَةِ الْعِتْقِ, ثُمَّ تَرْجِعُ لِلرَّئِيسِ. وَلَكِنَّ مِيرَاثَهُ يَكُونُ لأَوْلاَدِهِ. 18وَلاَ يَأْخُذُ الرَّئِيسُ مِنْ مِيرَاثِ الشَّعْبِ طَرْداً لَهُمْ مِنْ مُلْكِهِمْ. مِنْ مُلْكِهِ يُورِثُ بَنِيهِ, لِكَيْلاَ يُفَرَّقَ شَعْبِي الرَّجُلُ عَنْ مُلْكِهِ.

من الواضح أن هذه التعليمات الخاصة بهبات الرئيس (أو الملك) من نصيبه في الأرض، إنما تهدف إلى:

1.   بقاء نصيب الملك (أو الرئيس) داخل عائلته، إذ كان ما يهبه لأحد أبنائه تنتقل بالوراثة للأحفاد. أما إذا كانت الهبة لأحد العبيد، فإنها تكون فقط لسنة العتق (سنة اليوبيل غالباً)، ثم تعود للرئيس (أو الملك).

2.   ضمان نزاهة وعدالة الملك (أو الرئيس) فلم يُسمَح له اغتصاب أو اقتناء أي شيء من ميراث الشعب.

8. مطابخ الهيكل (19- 24)

190ثُمَّ أَدْخَلَنِي بِالْمَدْخَلِ الَّذِي بِجَانِبِ الْبَابِ إِلَى مَخَادِعِ الْقُدْسِ الَّتِي لِلْكَهَنَةِ الْمُتَّجِهَةِ لِلشِّمَالِ, وَإِذَا هُنَاكَ مَوْضِعٌ عَلَى الْجَانِبَيْنِ إِلَى الْغَرْبِ. 20وَقَالَ لِي: هَذَا هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَطْبُخُ فِيهِ الْكَهَنَةُ ذَبِيحَةَ الإِثْمِ وَذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ, وَحَيْثُ يَخْبِزُونَ التَّقْدِمَةَ, لِئَلاَّ يَخْرُجُوا بِهَا إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ لِيُقَدِّسُوا الشَّعْبَ». 21ثُمَّ أَخْرَجَنِي إِلَى الدَّارِ الْخَارِجِيَّةِ وَعَبَّرَنِي عَلَى زَوَايَا الدَّارِ الأَرْبَعِ, فَإِذَا فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنَ الدَّارِ دَارٌ. 22فِي زَوَايَا الدَّارِ الأَرْبَعِ دُورٌ مُصَوَّنَةٌ طُولُهَا أَرْبَعُونَ وَعَرْضُهَا ثَلاَثُونَ. لِلزَّوَايَا الأَرْبَعِ قِيَاسٌ وَاحِدٌ. 23وَمُحِيطَةٌ بِهَا حَافَةٌ حَوْلَ الأَرْبَعَةِ, وَمَطَابِخُ مَعْمُولَةٌ تَحْتَ الْحَافَاتِ الْمُحِيطَةِ بِهَا. 24ثُمَّ قَالَ لِي: هَذَا بَيْتُ الطَّبَّاخِينَ حَيْثُ يَطْبُخُ خُدَّامُ الْبَيْتِ ذَبِيحَةَ الشَّعْبِ.

(عد19-20):

تقع مطابخ الكهنة إلى الشمال والجنوب من المبنى المنفصل عند الطرف الغربي. وفيها يطبخ الكهنة ذبيحتي الإثم والخطية ويخبزون التقدمة لئلا يخرجوا بها إلى الساحة فيقدسون بها الشعب.

(عد 21-24)

أما المطابخ الخاصة بالشعب أو "بيت الطباخين(عد24) فإنها تقع في الزوايا الأربع للدار الخارجية طول كل واحدة 40 ذراعاً وعرضها 30 ذراعاً وتوصف بأنها "دور مصونة" (كلمة مصونة في أصلها قد ترجمت إلى مسقوفة أو إلى قوية البناء أو إلى مسورة) وتحيط بها حافات (جدران منخفضة) بنيت المطابخ عند أسفلها على طول مدارها.

ثالثاً: الأرض والهيكل

(ص 47: 1- ص 48: 35)

تناول القسم الأول من رؤيا حزقيال (ص40: 1- ص 43: 12) تصميم الهيكل وملحقاته، ووصف القسم الثاني (ص 43: 13- ص 46: 24) نظم العبادة، وفي هذا القسم الأخير (ص 47: 1- ص 48: 35) نرى تقسيم الأرض بين الأسباط ونصيب الكهنة واللاويين.

1. النهر الخارج من عتبة البيت (ص 47: 1-12)

يشتمل هذا القسم على:

1.   المياه وتدرج عمقها (عد 1-5)

2.   خاصية الشفاء لهذه المياه (عد 6- 12)

أولاً: المياه المتدرجة في عمقها (عد 1-5)

1ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى مَدْخَلِ الْبَيْتِ وَإِذَا بِمِيَاهٍ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ عَتَبَةِ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ, لأَنَّ وَجْهَ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ. وَالْمِيَاهُ نَازِلَةٌ مِنْ تَحْتِ جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْمَنِ عَنْ جَنُوبِ الْمَذْبَحِ. 2ثُمَّ أَخْرَجَنِي مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ وَدَارَ بِي فِي الطَّرِيقِ مِنْ خَارِجٍ إِلَى الْبَابِ الْخَارِجِيِّ مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي يَتَّجِهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ, وَإِذَا بِمِيَاهٍ جَارِيَةٍ مِنَ الْجَانِبِ الأَيْمَنِ. 3وَعِنْدَ خُرُوجِ الرَّجُلِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْخَيْطُ بِيَدِهِ, قَاسَ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ, وَالْمِيَاهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. 4ثُمَّ قَاسَ أَلْفاً وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ, وَالْمِيَاهُ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ. ثُمَّ قَاسَ أَلْفاً وَعَبَّرَنِي, وَالْمِيَاهُ إِلَى الْحَقَوَيْنِ. 5ثُمَّ قَاسَ أَلْفاً, وَإِذَا بِنَهْرٍ لَمْ أَسْتَطِعْ عُبُورَهُ, لأَنَّ الْمِيَاهَ طَمَتْ, مِيَاهَ سِبَاحَةٍ, نَهْرٌٍ لاَ يُعْبَرُ

بعد أن رأى حزقيال المطبخ في الساحة الخارجية (ص46: 19-24) عاد إلى مدخل البيت (المقدس)، وهناك رأى مياهاً تخرج نحو الشرق من تحت من أسفل الطرف الأيمن لعتبة الهيكل جنوبي المذبح. وخرج النبي من الباب الشمالي (لأن بابي الدار الخارجية والداخلية لا يفتحان) ، ودار حول سور الدار الخارجية حتى وصل إلى الباب الشرقي ، حيث كانت المياه تجري من الجانب الشرقي.

ورأى حزقيال الرجل المرشد له وبيده خيط قياسه 1000 ذراع واجتاز به المياه فكانت في عمقها إلى الكعبين، وقاس 1000 ذراع أخرى فكانت المياه إلى الركبتين، وقاس 1000 ذراع ثالثة فكانت المياه إلى الحقوين ، أما بعد قياس 1000 ذراع للمرة الرابعة فكانت المياه عميقة كنهر لم يستطع خوضه أو عبوره.

ولا شك أن هذه الرؤيا الرمزية إنما تشير إلى بركات عطايا المسيح الذي نادى قائلاً: " إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي" (يو7: 37-38) وأضاف القديس يوحنا مفسراً "قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه".

وقد سبق أن تنبأ عن ذلك كل من يوئيل (3: 18) وزكريا (13: 1، 14: 8). وفي سفر الرؤيا (22: 1) قال الرائي "وأراني نهراً صافياً من ماء حياه لامعاً كبلور خارجا من عرش الله والخروف".

ولقد وهبنا المسيح "ماء الحياة" من خلال معمودية الماء والروح، ومن خلال نمونا الروحي نزداد امتلاء وارتواء من ينابيع تلك البركات المتدفقة، كما رآها حزقيال تتدرج في عمقها ..

ثانياً: خاصية الشفاء لهذه المياه (عد6-12)

6وَقَالَ لِي: أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟» ثُمَّ ذَهَبَ بِي وَأَرْجَعَنِي إِلَى شَاطِئِ النَّهْرِ. 7وَعِنْدَ رُجُوعِي إِذَا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ أَشْجَارٌ كَثِيرَةٌ جِدّاً مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ. 8وَقَالَ لِي: هَذِهِ الْمِيَاهُ خَارِجَةٌ إِلَى الدَّائِرَةِ الشَّرْقِيَّةِ وَتَنْزِلُ إِلَى الْعَرَبَةِ وَتَذْهَبُ إِلَى الْبَحْرِ. إِلَى الْبَحْرِ هِيَ خَارِجَةٌ فَتُشْفَى الْمِيَاهُ. 9وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ حَيْثُمَا يَأْتِي النَّهْرَانِ تَحْيَا. وَيَكُونُ السَّمَكُ كَثِيراً جِدّاً لأَنَّ هَذِهِ الْمِيَاهَ تَأْتِي إِلَى هُنَاكَ فَتُشْفَى, وَيَحْيَا كُلُّ مَا يَأْتِي النَّهْرُ إِلَيْهِ. 10وَيَكُونُ الصَّيَّادُونَ وَاقِفِينَ عَلَيْهِ. مِنْ عَيْنِ جَدْيٍ إِلَى عَيْنِ عِجْلاَيِمَ يَكُونُ لِبَسْطِ الشِّبَاكِ, وَيَكُونُ سَمَكُهُمْ عَلَى أَنْوَاعِهِ كَسَمَكِ الْبَحْرِ الْعَظِيمِ كَثِيراً جِدّاً. 11أَمَّا غَمِقَاتُهُ وَبِرَكُهُ فَلاَ تُشْفَى. تُجْعَلُ لِلْمِلْحِ. 12وَعَلَى النَّهْرِ يَنْبُتُ عَلَى شَاطِئِهِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ كُلُّ شَجَرٍ لِلأَكْلِ, لاَ يَذْبُلُ وَرَقُهُ وَلاَ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهُ. كُلَّ شَهْرٍ يُبَكِّرُ لأَنَّ مِيَاهَهُ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَقْدِسِ, وَيَكُونُ ثَمَرُهُ لِلأَكْلِ وَوَرَقُهُ لِلدَّوَاءِ

رأى حزقيال على شاطئ النهر أشجار كثيرة جداً قائمة على ضفتيه. (رمزاً وإشارة إلى المؤمنين الذين يشبهون الأشجار المغروسة على مجاري المياه).

وقيل لحزقيال أن هذه المياه خارجة إلى الدائرة الشرقية (منطقة الأردن) وتنحدر إلى العربة وتذهب إلى البحر (أي البحر الميت) فتشفى المياه.

ومن المعروف أن البحر الميت شديد الملوحة لدرجة لا تسمح لوجود حياة فيه. ولكن هذه المياه تجعل مياه البحر الميت  صالحة لتكاثر السمك.

" ويكون أن كل نفس حية تدب حيثما يأتي النهران تحيا ويكون السمك كثيراً جداً.."

وقد اختلفت تأويلات الشراح بالنسبة لصيغة المثنى " النهران" فقال البعض بأن النهر المذكور هنا يتصل بنهر آخر. وقال غيرهم بأن نهر الهيكل ينقسم بعد وصوله للبحر إلى فرعين. ولعل الأرجح أن هذه الصيغة في التعبير قد قصد بها ضخامة هذا النهر (نهر الهيكل) لما يشبه ويبلغ ضعفه.

ويضيف حزقيال بأن صيادي السمك يقفون مجتمعين على شاطئ البحر من عين جدي إلى عجلايم (أي من منتصف شاطئها لغربي حتى طرفه الشمالي) فتصبح هذه المسافة مبسطاً لشباكهم. ويفيض بكل أنواع الأسماك كسمك البحر العظيم (البحر الأبيض المتوسط).

أما مستنقعاته وبركه فإن مياهها لا تبرأ ملوحتها لأن مياه النهر لا تصلها.

ويضيف أيضاً أن النهر تنبت على شاطئيه كل شجر للأكل لا يذبل ورقه ولا ينقطع ثمره. يحمل أثماره في كل شهر، وتكن للأكل وأوراقها دواء.

2- تخوم (حدود) الأرض (ص47: 13-23)

13هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَذَا هُوَ التُّخُمُ الَّذِي بِهِ تَمْتَلِكُونَ الأَرْضَ بِحَسَبِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ: يُوسُفُ قِسْمَانِ. 14وَتَمْتَلِكُونَهَا أَحَدُكُمْ كَصَاحِبِهِ الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُعْطِيَ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. وَهَذِهِ الأَرْضُ تَقَعُ لَكُمْ نَصِيباً. 15وَهَذَا تُخُمُ الأَرْضِ: نَحْوَ الشِّمَالِ مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ طَرِيقُ حِثْلُونَ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَى صَدَدَ 16حَمَاةُ وَبَيْرُوثَةُ وَسِبْرَائِمُ (الَّتِي بَيْنَ تُخُمِ دِمَشْقَ وَتُخُمِ حَمَاةَ) وَحَصْرُ الْوُسْطَى (الَّتِي عَلَى تُخُمِ حَوْرَانَ). 17وَيَكُونُ التُّخُمُ مِنَ الْبَحْرِ حَصْرَ عِينَانَ تُخُمَ دِمَشْقَ وَالشِّمَالُ شِمَالاً وَتُخُمَ حَمَاةَ. وَهَذَا جَانِبُ الشِّمَالِ. 18وَجَانِبُ الشَّرْقِ بَيْنَ حَوْرَانَ وَدِمَشْقَ وَجِلْعَادَ وَأَرْضَ إِسْرَائِيلَ الأُرْدُنُّ. مِنَ التُّخُمِ إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ تَقِيسُونَ. وَهَذَا جَانِبُ الْمَشْرِقِ. 19وَجَانِبُ الْجَنُوبِ يَمِيناً مِنْ ثَامَارَ إِلَى مِيَاهِ مَرِيبُوثَ قَادِشَ النَّهْرُ إِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. وَهَذَا جَانِبُ الْيَمِينِ جَنُوباً. 20وَجَانِبُ الْغَرْبِ الْبَحْرُ الْكَبِيرُ مِنَ التُّخُمِ إِلَى مُقَابِلِ مَدْخَلِ حَمَاةَ. وَهَذَا جَانِبُ الْغَرْبِ. 21فَتَقْتَسِمُونَ هَذِهِ الأَرْضَ لَكُمْ لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. 22وَيَكُونُ أَنَّكُمْ تَقْسِمُونَهَا بِالْقُرْعَةِ لَكُمْ وَلِلْغُرَبَاءِ الْمُتَغَرِّبِينَ فِي وَسَطِكُمُ الَّذِينَ يَلِدُونَ بَنِينَ فِي وَسَطِكُمْ, فَيَكُونُونَ لَكُمْ كَالْوَطَنِيِّينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. يُقَاسِمُونَكُمُ الْمِيرَاثَ فِي وَسَطِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. 23وَيَكُونُ أَنَّهُ فِي السِّبْطِ الَّذِي فِيهِ يَتَغَرَّبُ غَرِيبٌ هُنَاكَ تُعْطُونَهُ مِيرَاثَهُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ

مقدمة عامة:

سبق تحديد حدود الأرض التي كان شعب الله سيمتلكها بعد الخروج من مصر. وقد وردت تفاصيل تلك الحدود في (عد34: 1-12). وقد ذكرت هنا الحدود الشمالية ممتدة من البحر الكبير (المتوسط) شمال صور مباشرة إلى قرب مدخل حماة (عد 15- 17) وهي الحدود التي بلغتها مملكة داود  (2صم 8: 5-12)ويربعام الثاني (2مل 14: 25) ويرجع بعض الدارسين بالحدود الشمالية كثيراً نحو الجنوب.

ويشكل نهر الأردن والبحر الميت الحدود الشرقية (عد 18) ولم يعد لأي سبط نصيب من الأرض شرق نهر الأردن، كما كان لسبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى في التقسيم القديم .

أما عن الحدود الجنوبية فهي هنا تمتد من جنوب البحر الميت، إلى البحر الكبير عند وادي العربة (عد 19)

وأما الحد الغربي فهو البحر المتوسط (عد 20)

(عد 13):

"تمتلكون الأرض بحسب أسباط إسرائيل الإثنى عشر "يوسف قسمان":

ليس لسبط لاوي نصيب في الأرض، أما يوسف الذي أخذ البكورية بدلاً من رأوبين (1أيام 5: 1) فله نصيب مضاعف عن طريق إبنيه منسى وافرايم .

(عد 14):

"وتمتلكونها أحدكم كصاحبه":

أي بالتساوي بينهم.

"التي رفعت يدي لأعطي آبائكم إياها":

رفع اليد هنا تعبير عن التأكيد.

(عد 15-17):

يتضمن هذان العددان الحد الشمالي . و"حثلون" يرجح أنها مدينة حثيلة شمال شرق طرابلس ، أما "صدد" فيظن أنها صدد الحالية التي تقع على مسافة 75 ميلا شمال شرقي دمشق، و"بيروثة" ربما هي قرية بريتان على بعد 6 أميال جنوب غربي بعلبك، و"سبراثم" ربما تكون الآن خربة منبرية على الضفة الغربية من نهر الحصباني و "حصر عينان" ربما هي القريتين بين دمشق وتدمر.

(عد 19):

يحدد هذا العدد الحد الجنوبي. و"ثامار" تقع جنوب غرب البحر الميت. "ومياه مريموت قادش" في الترجمة الكاثوليكية "ماء الخصومة في قادش".

(عد 22-23):

" و للغرباء المتغربين في وسطكم الذين يلدون بنين في وسطكم فيكونون لكم كالوطنيين من بني إسرائيل":

وهنا نرى تطوراً اجتماعياً وروحياً بالنسبة لوضع المتغربين بين بني إسرائيل.

ففي التقسيم الذي تم أيام يشوع لم يكن مسموحاً للغريب أن يكون له نصيب في الأرض (لا 25: 47-55).

أما هنا فقد أعطى للغرباء الساكنين في وسطهم حق المشاركة في الميراث.

ولاشك أن هذا يحمل معنى روحياً يتفق مع مبادئ إنجيل المسيح وكنيسة المسيح.

فقد انفتح باب الإيمان أمام الأمم "ليس يهودي ولا يوناني. ليس عبد ولا حر.." (غلا 3: 28).

وهكذا كما في رؤيا حزقيال رأى الأرض تعطي بلا تمييز بين يهودي وغريب، هكذا سيكون الميراث الأبدي من نصيب جميع المؤمنين بلا تمييز بحسب الجنس أواللون..

3. تقسيم الأرض في الشمال (ص : عد 1-7)

1وَهَذِهِ أَسْمَاءُ الأَسْبَاطِ: مِنْ طَرَفِ الشِّمَالِ إِلَى جَانِبِ طَرِيقِ حِثْلُونَ إِلَى مَدْخَلِ حَمَاةَ حَصْرُ عِينَانَ تُخُمُ دِمَشْقَ شِمَالاً إِلَى جَانِبِ حَمَاةَ لِدَانٍ. فَيَكُونُ لَهُ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْبَحْرِ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 2وَعَلَى تُخُمِ دَانٍ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لأَشِيرَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 3وَعَلَى تُخُمِ أَشِيرَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِنَفْتَالِي قِسْمٌ وَاحِدٌ. 4وَعَلَى تُخُمِ نَفْتَالِي مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِمَنَسَّى قِسْمٌ وَاحِدٌ. 5وَعَلَى تُخُمِ مَنَسَّى مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لأَفْرَايِمَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 6وَعَلَى تُخُمِ أَفْرَايِمَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِرَأُوبَيْنَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 7وَعَلَى تُخُمِ رَأُوبَيْنَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِيَهُوذَا قِسْمٌ وَاحِدٌ

مقدمة وملاحظات عامة:

يذكر توزيع أنصبة الأسباط هنا بطريقة تختلف عن توزيعها في سفر يشوع. وهنا توزع الأنصبة بحيث يعطي سبعة أسباط أنصبتهم شمال الأرض المخصصة لبيت الرب وللكهنة واللاويين وللملك، ويعطي خمسة أسباط أنصبتهم جنوبها.

ويختلف التوزيع هنا عن توزيع يشوع فيما يلي:

1.   أن كل الأنصبة هنا تمتد متوازية بعرض الأرض، وذلك من الحدود الشرقية إلى البحر المتوسط.

2.   تقع كل الأنصبة غرب نهر الأردن، ولا توجد أنصبة شرقه.

3.   تخصصت مساحة من الأرض تبلغ حوالي خمس المساحة الكلية لكي تكون تقدمة للرب يوجد بها المقدس.

أما التوزيع فهو كالآتي:

دان

أشير

نفتالي

منسى

افرايم

رأوبين

يهوذا

نصيب اللاويين

نصيب (القدس) الكهنة

نصيب المدينة

بنيامين

شمعون

يساكر

زبولون

جاد

وفي هذا التوزيع نلاحظ أن أبناء الجاريتين (بلهة جارية راحيل، وزلفة جارية ليئة) تبتعد أنصبتهم عن الوسط حيث المقدس. فإن دان ونفتالي (ابني بلهة) يقع نصيبهما في أقصى الشمال ويقع نصيب أشير وجاد (ابني زلفة) بعيدين أيضاً، أحدهما في الشمال والآخر في أقصى الجنوب.

ولعلنا نلاحظ بهذه المناسبة الفارق بين نظامي العهدين القديم والجديد. ففي القديم كان لنقاوة القرابة الدموية اعتبارها أما العهد الجديد فليس هكذا "ليس عبد ولا حر" 

4. نصيب الكهنة واللاويين (عد8-14)

8وَعَلَى تُخُمِ يَهُوذَا مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ تَكُونُ التَّقْدِمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً عَرْضاً, وَالطُّولُ كَأَحَدِ الأَقْسَامِ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ, وَيَكُونُ الْمَقْدِسُ فِي وَسَطِهَا. 9التَّقْدِمَةُ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا لِلرَّبِّ تَكُونُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفاً طُولاً وَعَشَرَةَ آلاَفٍ عَرْضاً. 10وَلِهَؤُلاَءِ تَكُونُ تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ لِلْكَهَنَةِ. مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً فِي الطُّولِ, وَمِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ عَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ, وَمِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ عَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ, وَمِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً فِي الطُّولِ. وَيَكُونُ مَقْدِسُ الرَّبِّ فِي وَسَطِهَا. 11أَمَّا الْمُقَدَّسُ فَلِلْكَهَنَةِ مِنْ بَنِي صَادُوقَ الَّذِينَ حَرَسُوا حِرَاسَتِي, الَّذِينَ لَمْ يَضِلُّوا حِينَ ضَلَّ بَنُو إِسْرَائِيلَ كَمَا ضَلَّ اللاَّوِيُّونَ. 12وَتَكُونُ لَهُمْ تَقْدِمَةً مِنْ تَقْدِمَةِ الأَرْضِ, قُدْسُ أَقْدَاسٍ عَلَى تُخُمِ اللاَّوِيِّينَ. 13وَلِلاَّوِيِّينَ عَلَى مُوازَاةِ تُخُمِ الْكَهَنَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً فِي الطُّولِ, وَعَشَرَةُ آلاَفٍ فِي الْعَرْضِ. الطُّولُ كُلُّهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً, وَالْعَرْضُ عَشَرَةُ آلاَفٍ. 14وَلاَ يَبِيعُونَ مِنْهُ وَلاَ يُبَدِّلُونَ, وَلاَ يَصْرِفُونَ بَاكُورَاتِ الأَرْضِ لأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ لِلرَّبِّ

(عن تفسير سفر حزقيال للقمص تادرس يعقوب نقتبس ما يلي):

في اختصار حادث الرؤيا تقسم الأرض المقدسة هكذا:

أ- حددت سبعة أسباط شمال الهيكل (ع1-7) ، وخمسة أنصبة جنوب الهيكل (ع23-29)، فصار الهيكل بهذا يمثل القلب النابض لجميع لأنصبة، سر حياة سكانها وتقديسهم.

ب‌-          تحديد ارض الهيكل والكهنة (8-11) حيث يوجد الهيكل يوجد الكهنة يخدمونه، لهم تقدم القرابين. مرة أخرى يؤكد مكافأة بني صادوق على أمانتهم على قدسية الهيكل حينما صل اللاويون (ع11) لهذا استحقوا وحدهم دون سواهم تقديم الذبائح على المذبح والاقتراب من هذه المقدسات.

ج- التقسيم هنا يختلف تماماً عن التقسيم الذي حدث في أيام يشوع بن نون، ويرى المفسرون أن هذا التقسيم لا يمكن فهمه بطريقة حرفية بل يفهم بمعنى رمزي.

د- كل سبط يأخذ نصيبه من الله بما يناسبه، ينال ما يكفيه فلا يكون في عوز ، ليردد مع المرتل قائلاً: "يختار لنا نصيبنا فخر يعقوب الذي أحبه " مز 47: 4. ويلاحظ أن حدود كل سبط تمثل حداً للسبط الآخر، علامة الشركة والوحدة خلال الحب المقدس المشترك.

  هـ الأرض المخصصة للخدمة لا يجوز التصرف فيها بالبيع أو التبادل كما لا يقدم عنها بكوراً لأنها هي بعينها تمثل بكراً للرب، مقدسة له (ع14).

و- المدينة المقدسة مربعة الشكل، أضلاعها متساوية من كل ناحية، كما كانت مدن اللاويين قبلا... وهي –كما يرى بعض المفسرين- لايمكن تطبيقها عملياً بطريقة حرفية لكنها تمثل مدينة الله الحي.

              كان سكانها قبلاً غالبيتهم من يهوذا وأيضاً بنيامين حيث تقع المدينة                 

              في حدود السبطين، أما في المدينة الجديدة فيعمل فيها جميع

             الأسباط (ع19) بكونها تمثل ملكوت الله على الأرض لكل البشرية.

ز- يعطى للملك نصيب خاص به يناسب مسئولياته (ع1) لكي لا يطمع في أنصبة الشعب.

5- نصيب أورشليم والملك (ص48: 15-22)

15وَالْخَمْسَةُ الآلاَفِ الْفَاضِلَةُ مِنَ الْعَرْضِ قُدَّامَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفاً هِيَ مُحَلَّلَةٌ لِلْمَدِينَةِ لِلسُّكْنَى وَلِلْمَسْرَحِ, وَالْمَدِينَةُ تَكُونُ فِي وَسَطِهَا. 16وَهَذِهِ أَقْيِسَتُهَا: جَانِبُ الشِّمَالِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ, وَجَانِبُ الْجَنُوبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ وَجَانِبُ الشَّرْقِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ وَجَانِبُ الْغَرْبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ. 17وَيَكُونُ مَسْرَحٌ لِلْمَدِينَةِ نَحْوَ الشِّمَالِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ, وَنَحْوَ الْجَنُوبِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ, وَنَحْوَ الشَّرْقِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ, وَنَحْوَ الْغَرْبِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ. 18وَالْبَاقِي مِنَ الطُّولِ مُوازِياً تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ عَشَرَةُ آلاَفٍ نَحْوَ الشَّرْقِ, وَعَشَرَةُ آلاَفٍ نَحْوَ الْغَرْبِ. وَيَكُونُ مُوازِياً تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ, وَغَلَّتُهُ تَكُونُ أَكْلاً لِخِدْمَةِ الْمَدِينَةِ. 19أَمَّا خَدَمَةُ الْمَدِينَةِ فَيَخْدِمُونَهَا مِنْ كُلِّ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. 20كُلُّ التَّقْدِمَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفاً. مُرَبَّعَةً تُقَدِّمُونَ تَقْدِمَةَ الْقُدْسِ مَعَ مُلْكِ الْمَدِينَةِ. 21وَالْبَقِيَّةُ لِلرَّئِيسِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ لِتَقْدِمَةِ الْقُدْسِ وَلِمُلْكِ الْمَدِينَةِ قُدَّامَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفاً لِلتَّقْدِمَةِ إِلَى تَُخُمِ الشَّرْقِ, وَمِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ قُدَّامَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ أَلْفاً عَلَى تُخُمِ الْغَرْبِ مُوازِياً أَمْلاَكَ الرَّئِيسِ, وَتَكُونُ تَقْدِمَةُ الْقُدْسِ وَمَقْدِسُ الْبَيْتِ فِي وَسَطِهَا. 22وَمِنْ مُلْكِ اللاَّوِيِّينَ مِنْ مُلْكِ الْمَدِينَةِ فِي وَسَطِ الَّذِي هُوَ لِلرَّئِيسِ, مَا بَيْنَ تُخُمِ يَهُوذَا وَتُخُمِ بِنْيَامِينَ

يتبقى من مساحة أرض التقدمة خمسها 500025000 بعد خصم نصيبي اللاويين والكهنة. وكما يقع الهيكل في وسط نصيب الكهنة، هكذا تقع المدينة في وسط الأرض المحللة لها، وأقيسة المدينة مربعة طول كل ضلع 4500. ويحيط بها مسرح (مرعى أو ضاحية) بعرض 250 من كل جانب. ويكون الجزء الباقي من طول الأرض 000/10 شرقاً، 000/10غرباً تكون غلته لقوت عمال المدينة، ويشرف عمال من كل أسباط بنى إسرائيل على خدمة المدينة.

أما نصيب الرئيس فهو ما يتبقى على جانبي أرض التقدمة المقدسة وأملاك المدينة مما يمتد حتى الحدود الشرقية والحدود الغربية لجميع الأسباط. ويمكننا فهم (عد22) على ضوء الترجمة الكاثوليكية: "وخلا ملك اللاويين وملك المدينة اللذين في وسط ما هو للرئيس فما بين تخم يهوذا وتخم بنيامين يكون للرئيس"

6- نصيب باقي الأسباط (ص48: 23-29)

23وَبَاقِي الأَسْبَاطِ: فَمِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِبِنْيَامِينَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 24وَعَلَى تُخُمِ بِنْيَامِينَ, مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِشَمْعُونَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 25وَعَلَى تُخُمِ شَمْعُونَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِيَسَّاكَرَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 26وَعَلَى تُخُمِ يَسَّاكَرَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِزَبُولُونَ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 27وَعَلَى تُخُمِ زَبُولُونَ مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ إِلَى جَانِبِ الْبَحْرِ لِجَادٍ قِسْمٌ وَاحِدٌ. 28وَعَلَى تُخُمِ جَادٍ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ يَمِيناً يَكُونُ التُّخُمُ مِنْ ثَامَارَ إِلَى مِيَاهِ مَرِيبَةَِ قَادِشِ النَّهْرِ إِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. 29هَذِهِ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي تَقْسِمُونَهَا مُلْكاً لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ, وَهَذِهِ حِصَصُهُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ

تمتد أنصبة باقي الأسباط متوازية طولا من الشرق إلى الغرب بحسب الترتيب التالي (من الشمال إلى الجنوب):

بنيامين

شمعون

يساكر

زبولون

جاد

وتقع جميع هذه الأنصبة الخمسة جنوب المدينة (أورشليم).

7- يهوة شمة (الرب هناك) (ص48: 30-35)

30وَهَذِهِ مَخَارِجُ الْمَدِينَةِ: مِنْ جَانِبِ الشِّمَالِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةِ مِقْيَاسٍ. 31وَأَبْوَابُ الْمَدِينَةِ عَلَى أَسْمَاءِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. ثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ نَحْوَ الشِّمَالِ: بَابُ رَأُوبَيْنَ وَبَابُ يَهُوذَا وَبَابُ لاَوِي. 32وَإِلَى جَانِبِ الشَّرْقِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ. وَثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ: بَابُ يُوسُفَ وَبَابُ بِنْيَامِينَ وَبَابُ دَانٍ. 33وَجَانِبُ الْجَنُوبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةِ مِقْيَاسٍ. وَثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ: بَابُ شَمْعُونَ وَبَابُ يَسَّاكَرَ وَبَابُ زَبُولُونَ. 34وَجَانِبُ الْغَرْبِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَخَمْسُ مِئَةٍ. وَثَلاَثَةُ أَبْوَابٍ: بَابُ جَادٍ وَبَابُ أَشِيرَ وَبَابُ نَفْتَالِي. 35الْمُحِيطُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً, وَاسْمُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ يَهْوَهْ شَمَّهْ».

على أبواب المدينة أسماء أسباط بني إسرائيل، وبينما يذكر اسم لاوي، ويذكر اسم يوسف بدلا من منسى وافرايم. وهكذا يختلف التوزيع هنا عنه في تقسيم الأرض.

وفي سفر الرؤيا ذكرت أسماء أسباط إسرائيل بني إسرائيل (ص7) ولم يذكر اسم دان، ولعل ذلك بسبب سقوط هذا السبط في الوثنية.

ويختتم سفر حزقيال باسم الرب "يهوة شمه" أي الرب هناك وذلك هو الاسم الذي تعرف به المدينة الجديدة رمز أورشليم السماوية حيث مسكن الله مع قديسية.

لقد جاء بسفر التكوين (22: 14) "فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرأه" أي الإله الذي يُرى.

وعندما انتصر شعب الله على عماليق، بنى موسى مذبحاً ودعا أسمه "يهوه نسى" أي الرب رايتي.

وها هو حزقيال يرى مكان سكنى الله الأبدي مع المؤمنين واسمه "يهوة شمه" الرب هناك.

ملحق تفسير رؤيا الهيكل

تباينت الآراء بشأن هذه الرؤيا التي اختتم بها حزقيال النبي سفره . وقد سارت هذه الآراء في اتجاهين متعارضين:

أولهما الإتجاه الحرفي:

 وقد أخذ به مفسرون من اليهود الذين اعتقدوا بإتمام هذه الرؤيا بعد العودة من السبي، إذ أعيد بناء الهيكل على يد زربابل، ثم أضاف إليه هيرودس تجديدات استمر العمل بها 46 سنة (يو 2: 20)، ويقولون إن استكماله بما يتفق مع التصميم المذكور في سفر حزقيال ، ستتم عندما يأتي المسيا.

ومن المفسرين المسيحيين، اعتقد هنجستنبرج "Hengstenberg" أن إتمام الرؤيا قد بدأ بالعودة من السبي وأنه كان على المسبيين أن يستوحوا من رموز هذه الرؤيا أملا في العودة من بابل إلى أرضهم وإعادة بناء هيكلهم المنهدم واستعادة مراسيم عبادتهم.

ولم يقتصر الأخذ بالتفسير الحرفي على مفسري اليهود، بل أخذت به بعض الطوائف المسيحية، التي يتمسك أصحابها بفكرة الملك الألفي الحرفي للمسيح، وهم يأخذون أيضاً بحرفية تنفيذ كل ما جاء بهذه الإصحاحات الأخيرة من سفر حزقيال.

وثانيهما الاتجاه الرمزي أو المجازي:

 وهو الاتجاه الذي أخذ به آباء الكنيسة منذ عصورها الأولى. وبمقتضاه تفسر هذه الرؤيا رمزيا باعتبارها تشير إلى عصر كنيسة المسيح بامتيازاتها وأمجادها الروحية.

وهكذا أيضاً قال لوثر وكالفن وغيرهما من مفسري البروتستانتية الذين أخذوا بفكرة اللا ألفية .

والخلاصة هي كما جاء بكتاب “Hobart E. Freeman” "إن الحل يعتمد على المبدأ الاسخاتولوجي الذي ينطبق على هذه الرؤيا. فإذا كان الرأي هو رفض التعليم الألفي... فعندئذ يكون التفسير المجازي هو الاختيار المنطقي الوحيد ، وإذا كانت الأسفار تؤكد انتظار حكم منظور للمسيح على بني إسرائيل بعد خلاصهم.. في نهاية هذا العصر الحاضر، فعندئذ يكون التفسير الحرفي هو الصحيح وبمقتضاه تقدم هذه الإصحاحات نبوة تنتظر إتمامها في الحكم الألفي"

اعتراضات على التفسير الحرفي:

هناك صعوبات كثيرة، تجعل الأخذ بالتفسير الحرفي أمراً غير مقبول وغير متناسق مع المفهوم الروحي والفكر النبوي الذي يسود سفر حزقيال بكل نبواته .

وقد أورد “Dr. Fairbairn”  بتوسع وتفصيل أهم الاعتراضات على التفسير الحرفي. نقتبس منها بإيجاز وتصرف ما يلي:

1.   إن هذه الرؤيا قد ذكر النبي عنها أنها كانت "في رؤى الله" (ص40: 2). وبهذا التعبير أيضاً قدم لغيرها من الرؤى كما في (ص1:1، ص8: 3). فلابد أن تكون طبيعة هذه الرؤيا مجازية كغيرها وليست حرفية.

2.   إن الأبعاد المذكورة للهيكل وملحقاته وللمدينة المحيطة به، لا يمكن أن تكون حرفية، لأنها تجاوزت الحدود المعقولة والطبيعية:

·       فقد ذكر أن سور الهيكل مربع يعادل ضلعه ميلاً و سبع أى أن محيطه يعادل ضعف سور المدينة القديمة

·       و ذكر أن المساحة الكلية للمدينة يعادل ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف ميل مربع، بينما كان سور المدينة القديمة لا يتجاور اثنين ونصف من الأميال.

·       وهل تتسع قمة جبل صهيون لهذه المساحة الهائلة.

3.   كيف يمكن تقسيم الأرض بين الأسباط أقساماً متساوية ومتوازية ومستقيمة من الشرق إلى الغرب دون نظر إلى الاختلافات النسبية في الأعداد بين هذه الأسباط؟

وكيف يمكن تقسيم الجزء الجنوبى من الأرض بين خمسة أسباط بينما يصبح المتبقي منها -بعد استقطاع نصيب الهيكل والمدينة – لا يتجاوز في عرض القطعة ثلاثة أو أربعة أميال؟ وهل يمكن إعادة تحديد أبناء كل من الأسباط بعد اختلاطهم وتشتتهم في كل أنحاء العالم لمدة 2000 سنة؟

وقد يرد على هذه الاعتراضات بأن الله سيجرى تغييرات جغرافية وطبيعية، لكي يمكن إتمام ما جاء بهذه الرؤيا حرفياً. إلا إن ما جاء في (ص47) من سفر حزقيال عن حدود تلك الأرض لا يزيد عن حدودها المذكورة في (عدد ص 34) بل أن الحدود القديمة كانت تضم جانباً من أراضي شرق الأردن لم يدخل ضمن حدود رؤيا حزقيال.

وقد جاء بأحد تفسيرات الألفيين. الذين يتمسكون بالتفسير الحرفي لهذه الرؤيا:

" وهذه التخوم شبيهة بالتخوم القديمة المذكورة في سفر العدد ص 34: 1-15 مع هذا الفارق أن سفر العدد يبدأ بذكر التخوم الجنوبية بينما حزقيال يبدأ بالتخوم الشمالية

ومن أهم الاعتراضات على التفسير الحرفي، أنه يتعارض مع فكر العهد الجديد –ولاسيما الرسالة إلى العبرانيين- من جهة تقديم الذبائح وممارسة طقوس العهد القديم التي انتهت بالمسيح. ولو أخذنا بالتفسير الحرفي، فإننا نقبل العودة إلى تلك الفرائض التي كانت ظلالاً ورموزاً وقتية، بطلت بمجئ المسيح وقيام كنيسته، المرموز اليهما في العهد الجديد.

وبصدد هذا لابد لنا أن نتذكر قول السيد المسيح للمرأة السامرية: " يا إمرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجيل ولا في أورشليم تسجدون للآب" (يو 4: 21).

فالمسيح له المجد ينفي أي توقع لعودة العبادة الهيكلية في أورشليم ، ولكن الألفيين يقولون  إن الهيكل سيقام فيها، حيث يكون مقر حكم المسيح الألفي على الأرض، وهو الأمر الذي يناقض شهادة المسيح عن مملكته أنها ليست من هذا العالم (يو 18: 36).

ويتفق معظم الشراح وعلماء الكتاب المقدس على رفض التفسير الحرفي لهذه الرؤيا. ولا يتسع المجال هنا لاقتباس الكثير مما كتبوه بهذا الشأن. ونكتفي بالبعض اليسير:

1. جاء بموسوعة “The International Standard Bible Encyclopaedia” : "إن هيكل هذه الرؤيا هو في الحقيقة بناء رمزي، لم يقصد به مطلقاً أن تتحقق إقامته حرفياً لا بواسطة العائدين من السبي، ولا عن طريق أي جماعة من الناس. فهو أصلاً رؤيوي، ولم تكن حقيقة البناء أمراً رئيسياً في ذهن حزقيال، بل كان ما وراء هذا البناء من معان. أنه إعطاء تصوراً لما سيكون عليه كمال الهيكل الجديد، وانطباعاً لخدمة يهوه العتيدة أن تكون في ظروف يصعب الظن باحتمال تواجدها حرفياً... ويمكننا القول أنه من المستحيل إقامة مثل هذا المبنى حرفياً..."

2.   وجاء بالقاموس “New Bible Dictionary”

الهيكل في الرسائل:

أن التعليم بأنه في الكنيسة قد تحقق الهيكل المسياوي الذي للعهد القديم هو التعليم الأكثر وضوحاً في كتابات الرسول بولس (1كو 3: 16-17، 6: 19، 2كو 6: 16-17، أف 2: 19-22).

"الهيكل في العبرانيين"

إن الفكرة الخاصة بهيكل سماوي .. التي كانت تبعث قوة في الرجاء اليهودي في ضغوط فترة ما بين العهدين أن هيكل أورشليم لن يكون أبداً مركزاً للعالم، هي التي سادت بين المسيحيين الأوائل..

وبحسب رأي كاتب العبرانيين، فإن الهيكل في السماء هو "المثال"، أي الأصل (خر 25: 8) وإن ذلك الأرضى الذي استخدمه اليهود إنما كان ظلاً ورمزاً (عب 8: 5).

3. تناول تفسير حزقيال “Pulpit Commentary V. 12” جميع الآراء الخاصة بهذه الرؤيا بالتفصيل، نقتبس بتلخيص ما يلي:

أ‌.  استحالة تنفيذ ما جاء بالرؤيا حرفياً بحسب الأبعاد والأماكن والتفاصيل المختلفة التي تضمنتها.

ب‌. من الملاحظ أنه لم ترد بالرؤيا أية إشارات من النبي توحي بمطالبة الشعب ببناء هيكل على مثال ما ذكره، وبحسب أبعاد البيت الواردة بالرؤيا.

ج. يتضح بعد استعراض عدة اعتبارات أنها تكفي لتبين أن حزقيال لم يقصد مطلقاً بلغته أن تؤخذ حرفياً، ولا أن تعتبر الرؤيا تصميماً لهيكل جديد.

د. لم يُذكَر بالرؤيا شيء عن رئيس الكهنة ويوم الكفارة العظيم، وفي هذا إشارة إلى ما قام به الحي كل حين رئيس كهنة بيت الله الذي رفع الخطية بذبيحة نفسه... وإن ذبيحة الخطية اليومية وذبائح الأعياد كانت رمزاً إلى دوام ذكرى الكفارة العظمى التي قدمت مرة عن الجميع. 

نبوات حزقيال 593 ق. م- 572 ق.م = 30 سنة

قبل حصاد أورشليم

أثناء حصاد أورشليم

بعد حصاد أورشليم

592ق.م- 588ق.م= 4سنوات

588 ق.م-586ق.م = سنتان

586ق.م -572ق.م = 14 سنة.

التنديد بيهوذا (ص1-14)

معاقبة الأمم (ص25 -32)

العودة من السبي (ص33- 48)

- دعوة حزقيال وإرساليته (السنة الخامسة) (ص1-3).

- نبوات عن الدينونة القادمة (السنة الخامسة) (ص4-7).

- الضرورة الأدبية لدينونة (السنة السادسة) (ص8-11).

- حتمية الدينونة (ص12-19) (السنة السادسة)

- ص 20- ص23 (السنة السابعة).

- ص24 (السنة التاسعة)

عمون (ص25: 1-7) السنة التاسعة.

موآب (ص25: 8-11) السنة التاسعة.

أدوم (ص25: 12-14) السنة التاسعة.

فلسطين (ص25: 15-17) السنة التاسعة.

صور (ص26-28: 19) السنة الحادية عشر.

صيدون (28: 20-26)

مصر (ص29- ص32):

-  السنة العاشرة (ص29: 1-16)

-  السنة السابعة والعشرون (ص29: 17 - ص30: 19)

-  السنة الحادية عشرة (ص30: 20 - ص31: 18)

-  السنة الثانية عشرة (ص32: ا - ص 32)

نبوات استعادة الحياة الجديدة (ص33- ص39) السنة الثانية عشرة.

رؤيا الهيكل والمدينة والأرض (ص40- ص48) السنة الخامسة والعشرون.

ملحوظة: تاريخ السنين محسوب من بداية أسر يهوياكين سنة 598 ق.م

(عن كتاب(   The unfolding Drama of Redemption  

 

 


 
"إِنْ كُنْتَ تُرَاقِبُ الآثَامَ يَا رَبُّ، يَا سَيِّدُ، فَمَنْ يَقِفُ؟ لأَنَّ عِنْدَكَ الْمَغْفِرَةَ. لِكَيْ يُخَافَ مِنْكَ." (سفر المزامير 130: 3، 4)